يروى أن أحد النحويين، دخل سوقاً ليشتري حماراً، فقال للبائع: أريد حماراً لا بالصغير المختصر، ولا بالكبير المشتهر، إن أقللتُ علفه صبر وإن أكثرتُ شكر، لا يدخل تحت البواري، ولا يزاحم بيَّ السواري، إذا خلا بالطريق تدفق وإذا كثر الزحام ترفق، فقال البائع دعني منك، إذا مسخ الله القاضي بعته لك! يا ترى هل النحوي محق بوصف ما يريد شراؤه؟ وهل أن ساسة الإنحراف الجديد، ودعاة شق الصف الوطني لديهم هذه المواصفات، لينتخبهم الشعب من جديد؟!تصدير الفكر السياسي المعتدل بهذا الوقت العصيب، يلاقي مصدات قوية متمثلة بالكتل والسياسيين، الذين خسروا مصالحهم، أو سيخسروها بعد اجراء التغيير، الذي دعت اليه المرجعية والشعب، ومن المفترض أنه ينتج بعد الاصلاحات، برلمانيين من طراز خاص وعلى مستوى الحدث والإستجابة، فوجب أن تكون حاسمة تفرض به هيبة الدولة، ويؤدوا دورهم في الدفاع عن الشعب، والسير به نحو بر الأمان، ولكن ليس كما يريد بعض الساسة، رؤية مطحنة الصراع تسحق الأرواح والأموال، لغرض إسقاط العملية السياسية!تناسى بعض أعضاء البرلمان المعتصمين، حين دخلوا سوق السياسة ليشتروا أصوات الناخبين، سعياً وراء السلطة والمال وليس لخدمة الناس، أنهم أشبعوا بطونهم فجاعت بطون الأبرياء، كشروا عن أنيابهم وخلعوا اقنعتهم، لضمان كراسيهم تحت قبة المهاترات والنزاعات البرلمانية، دفاعا عن حقوقهم الدستورية الباطلة، فيسعون بقوة لعدم تدفق شرعية الإصلاحات، وبلا ترفق في الخيرات، لذا خبأوا أرصدتهم بأنفاق ضيقة، صنعت خصيصاً لنهب ثروات العراق، ويتزاحمون مع بعضهم البعض في الطرق السواري، طمعاً بالنفوذ والسلطة على حساب المواطن!الإلتفاف المشين على الدستور، فلم هوليودي ببطولة عراقية خاوية ،فلو كانت مطالبهم مشروعة بغرض الإصلاح الحقيقي الجذري، لماذا لم يحاكموا كبيرهم على فساده المستشري، بأذرعه الأخطبوطية الدعوجية، طيلة عهدي الفشل والهدر، فأوصلت البلد الى ما هو عليه الآن؟ ثم لماذا عندما توقع وثيقة الإصلاح السياسي، تعلن المطالبات بإقالة الرئسات الثلاث، إنه أمر دبر بين المنافقين، من أصحاب الدعايات المزيفة الداعية للإصلاح، وهم في الأصل فاسدون، فتوهم الباطل أنه حق، وما هم إلا في ضلال مبين!بقي أن تعلموا أيها المعتصمون تحت القبة: إن مخططاتكم لتمزيق وحدة الصف العراقي، ستكون نهايتها الفشل، وإن كنا سنشهد تغييرات في الرئاسات، فالعراقيون لا تهمهم الشخوص، بقدر ما يهتموا لمقدار النزاهة والكفاءة لتقديم الخدمات لهم، كما أن التغيير سيطالكم حتماً، لأنكم رأس الفساد وأساسه، ولو كنتم مع الحق لأعلنتم براءتكم من فاسديكم وفاشليكم، وليس تمثيلكم لمسرحية برلمان المشاغبين، مهما كان عددكم فأنتم تسعون لخراب العراق، وعودته للمربع الأول، فلن يكون البرلمان حماراً تبتاعونه متى شئتم!