17 نوفمبر، 2024 7:28 م
Search
Close this search box.

مزدوجو الجنسية.. سوق رائجة

مزدوجو الجنسية.. سوق رائجة

مع تصاعد صيحات المواطن وارتفاع حدة مطالبته بالتغيير الجذري والشامل، يقوم المغرضون ممن لهم باع في آلية التغيير بكل خبث ومكر، بمحاولات الإتيان بشخصيات قيادية يدعون أنها مغايرة لمن سبقوهم، والذين أودوا بالبلد الى ما وصل اليه من تدنٍ في كل مفاصله وأركانه، وهم بهذا يريدون حصر السرقات السابقة بلاحقة، تظل تحت مرآى بصرهم لتصب بالتالي في جيوبهم، فيكون ريع المسروق من ثروات البلاد إذاك كما يقول مثلنا؛ (من هالجيب لهالجيب) إذ سيقوم بهذا الوجب شخوص هم في حقيقة الأمر نسخة طبق الأصل من سابقيهم. والسابقون حتما لن يضيع تعبهم، ولن يذهب مافعلوه وماقدموه لأحزابهم أدراج الريح، فهم كما يقول مثلنا أيضا؛ (مبيتين المحبس)، إذ هناك من الدول والبلدان كثيرات تنتظرهم، وكيف لا وهم المجنسون بجنسياتها منذ سنين. وكلنا يذكر مشروع القانون الذي يمنع مزدوجي الجنسية من تولي مناصب حكومية، والذي سبق له أن أقر داخل مجلس الوزراء بدورته السابقة، وأرسل إلى مجلس النواب لإقراره ولكن..! (نامت عليه الطابوگة). وهو يشمل المناصب السيادية من وزراء ونواب ومحافظين وسفراء وضباط، وخيّر مزدوجي الجنسية بالتخلي عن مناصبهم أو جنسياتهم المكتسبة. وكالمعتاد ذهبت فيه القوائم والكتل كل الى مذهب، فمنهم من عده مخالفا للدستور، ومنهم من عده مطابقا له، ولكل حججه وأسبابه. فمن قال بمخالفته اعتمد على ان الدستور سمح للعراقي بازدواج الجنسية ماعدا المناصب السيادية المتمثلة بالرئاسات الثلاث والأمنية كوزيري الداخلية والدفاع. ومن قال بموافقته الدستور فقد تذرع بأن عدداً كبيراً من حاملي الجنسية المزدوجة هم معارضون، هربوا من ظلم النظام السابق الى دول منحتهم الإقامة ومن ثم الجنسية ومن غير المنصف استبعاد هؤلاء.
إن الدستور العراقي وقانون الجنسية العراقية الجديدين قد أجازا للمواطن حيازة جنسية بلد آخر، إذ أن أعداد العراقيين الذين فروا من وطنهم في الربع الأخير من القرن المنصرم بلغت رقما لايستهان به، ومنهم نسبة عالية من ذوي الكفاءات والشهادات العليا والتخصصات النادرة عالميا، ومنهم من تبوأ مناصب مرموقة في تلكم البلدان، وأغلبهم تصاهر وتناسب في زيجات مكونين أسرا شق أبناؤها طريقهم في مجالات الدراسة والعمل في شتى المجالات. أما فيما يخص من عاد الى أحضان بلده العراق وشغل منصبا رئاسيا او وزاريا أو خاصا او حتى موظفا بسيطا فيه، فمن الأولى بان يكون ولاؤه لبلده الأم ولو كان يحمل جنسية بلد غيره، لاكما حصل مع وزير الكهرباء السابق أيهم السامرائي، ووزير الدفاع حازم الشعلان، ووزير التجارة عبد الفلاح السوداني، وغيرهم من الذين بان انتماؤهم وولاؤهم على حقيقته، وتبين زيف ولائهم لجنسيتهم العراقية وانصياعهم وانقيادهم لجنسية البلد الذي آواهم، فنراهم عاثوا بالبلد فسادا غير آبهين بماله، ونهبوا ما كان تحت تصرفهم بحكم المنصب والجاه، وشدوا بعد فعلتهم الرحال الى بلدهم الثاني لتفريغ حمولتهم هناك باحتسابه بلدهم الأول. وإن من المفترض أن تلاحق الحكومة هؤلاء عن طريق الإنتربول أينما حلوا في بقاع الأرض، وانتزاع ماسلبوه من حق العراقيين العام وإنزال الحكم العادل بحقهم، وأن لاتدع الجنسيات الهجينة حاجزا أمام إحقاق الحق وفرض سلطة القانون، ليعتبر بهم المسؤولون الجدد من حملة الجنسيات الأخرى والولاءات والانتماءات الثانية، لاسيما وأن مناصب قيادة الوزارات -والأعلى منها أيضا- زاخرة بمن يمتلكون بعلم الجميع ودرايتهم جنسيتين.. ويعلم علام الغيب وحده ما يحملونه من جنسيات ثالثة ورابعة وعاشرة…!
ومادامنا نعيش ظرفا حرجا يحتم تغيير الشخوص القيادية في البلد، فإن من باب الحيطة أن تشمل ضوابط التغيير هذا الجانب، حيث انتقاء الشخصيات يجب أن ينحصر فيمن يتمتع بأهم مؤهل سيادي، وهو الانتماء والولاء للبلد والعمل من هذا المنطلق بكل ما يصب في مصلحته لامصلحة بلد غيره.

أحدث المقالات