تكملة لمقالنا السابق نتناول المحور التاسع عشر في الحروب الشاذة التي تعيشها مهنة المحاماة وهو: تنقية جدول المحامين ضرورة ملحة وله فوائده:إن النقابة المهنية وفقاً للقانون العراقي لا تعد شأناً خاصاً بأعضائها بل إنها تعد مرفقاً عاماً، وهي تختلف في ذلك اختلافا جوهرياً عن النقابات العمالية التي تنشأ لغرض وحيد هو رعاية مصالح أعضائها، اما النقابة المهنية كنقابة المحامين او المهندسين او الأطباء فهي نقابات منشأة طبقا للقانون لتنظيم مهن تعد مرافق عامة تتعلق بها المصلحة العامة وليس فقط مصالح اعضاء النقابة، ولذلك يكون من الطبيعي أن يتم تنظيمها بقانون.تخبو وتثور من حين لآخر مشكلة تضخم الأعداد بجداول المحامين وما يترتب على ذلك التزايد في الأعداد من مشاكل، وتبقى دائماً جذوره مشتعلة تحت الرماد، فجدول نقابة المحامين الآن وصل إلى ما يقرب من مائة وعشرون ألف محامٍ وهذا يسبب عبئاً كبيراً على كاهل النقابة، بعد أن رفعت الدولة يدها عن تعيين الخريجين وأصبح الملاذ الوحيد لخريجي القانون هو نقابة المحامين بشروط الانضمام الميسرة التي قلما نجد لها مثيل في دولة أخرى، بجانب، أن هناك الكثيرين من المُمارسين لا يستفيدون من الخدمة جيداً بسبب مزاحمة من لا يمارسون المحاماة للمشتغلين فعلياً بالمحاماة.ان ذلك يجعل من النقابة بوضعها الحالي عاجزة عن القيام بدورها المهني المنوط بها أصلا في الدفاع عن مصالح أعضائها بسبب إنها أصبحت ليس نقابة للمحامين بل أصبحت وكأنها هيئة للضمان الاجتماعي لخرجي كليات القانون بسبب سياسة الباب المفتوح في القيد بنقابة المحامين، ولم تكن النقابة سيدة جدولها من خلال انشاء معهد المحاماة الوطني وايجاد بعض المصافي المهنية، وآن الأوان للإسراع في سن قانون المحاماة الجديد لتكون النقابة بالفعل سيدة جدولها.أن أخطر التداعيات السلبية لتلك الزيادة في أعداد المقيدين بالجداول هي الضغط على موارد النقابة المالية بما يقلص من القدرة على تقديم الخدمات الاجتماعية والمهنية وغيرها للمحامين.هي إذن مشكلة حقيقية لا خلاف عليها طال عليها الوقت، ولا زالت مرشحة للتفاقم دون أي تصدي مهني عملي جاد وواقعي من النقابة، بخاصة أن كافة المواجهات مع المشكلة حتى تاريخه كانت مواجهات التفافية ملتوية متعرجة وغير مشروعة.كنا نأنس بالحديث مع نبلاء المحامين وصفوته، وصرنا نرى تضخما في اعداد المحامين أفرزه سوء التعليم القانوني، وتسلط على المهنة بعض الجهلاء وعديمو الخبرة والبعيدون عن عالم المحاماة، الذي ملؤها خصومات وصراعات وتصادم مصالح وقدرات على الاقناع، ودون لف أو دوران أو مماحكات.هناك من المحامين من يريد تعطيل تنقية جدول المحامين ليبقى الحال على ما هو عليه من ترهل وضياع لحقوق المحامين الممارسين، لاسيما هناك عشرات الآلاف من المحامين لا يمارسون المحاماة ومع هذا يحملون هوية النقابة ويقاسمون المحامين المشتغلين في عملهم ونيلهم للحقوق.على النقابة ان تقوم بمحاولات جدية لتنقية الجداول تطول شخصيات مهمة منتمية للنقابة بينهم صحفيون وإعلاميين ومخرجين وموظفين كبار ومذيعون ووكلاء وزارة وغيرهم، وهناك ضرورة بان تتخذ قرارا باستبعاد كل المقيدين بالجداول غير العاملين بمهنة المحاماة من خلال نقل غير الممارسين للمحاماة الذين لا يقدمون ما يثبت أنهم يعملون بمهنة المحاماة إلى جدول غير الممارسين، من خلال انشاء جدولين (جدول الممارسين وجدول غير الممارسين).ان الاعداد المتزايدة من المقيدين بجداول المحامين بينما هم لا يمارسون المهنة فعلياً ومن ثم لا يساهمون في إنتاج أهم موارد النقابة المالية وهي مقابل الرسوم ودمغات المحاماة وأتعاب المحاماة وغيرها، في الوقت الذي يحق لهم فيه بحكم القانون التمتع بكافة مزايا التقاعد والخدمات الاجتماعية التي تقدمها النقابة لأعضائها، فعلى نقابة المحامين ان تشكل فريق عمل يعكف علي هذه المهمة في ارسال مخاطبات لجميع الوزارات والجامعات والكليات والهيئات والمؤسسات المختلفة بطلب اسماء جميع خريجي كليات القانون لديها لمعرفة المقيدين من غيرهم وشطب من لا يعمل بالمحاماة او تحويله الى جدول غير الممارسين، وسيتبين من الحصر المبدئي الذي ستقوم به النقابة ان كثير من المقيدين في جدول المحامين، لا يمارسون المحاماة فعليا، ويحملون ميزانية النقابة معاشات تقاعدية رغم عدم ممارستهم لمهنة المحاماة.ان ازدياد اعداد المحامين بهذا الشكل المخيف معناها العبث بمقدرات النقابة ولن يرحم التاريخ العبث بمقدرات هذه النقابة الشامخة وتاريخها وتأثيرها في المجتمع.ويجب النظر لقضية تنقية الجدول بعدالة من وجهين لا من وجه واحد، إذ أنه ليس من العدل ايضاً أن يحصل محامي لم يمارس المحاماة ولم يساهم بأي قدر في إنتاج مواردها، على ذات التقاعد والخدمات التي ساهم في إنتاجها الزملاء العاملين الممارسين بالمحاماة، فالأخير هو بالفعل ظلم فاحش وبّينّ، ويؤدي إلى إرهاق موارد النقابة وتعجيزها بحيث تصبح في النهاية بالفعل غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها، والهدف من تنقية الجدول، تحقيق أقصى قدر من العدالة بين الزملاء المحامين في الحصول على حقوقهم في أموال النقابة وفي التصدي لظاهرة يجأر منها الجميع.ولأجل بلورة الأفكار السابق عرضها بعد قدر من التنقيح والإضافة وعلى النحو التالي:
أولا: تحديد المشكلة: الواضح من مشكلة تزايد اعداد المحامين المقيدين بجداول النقابة ووجود نسبة كبيرة منهم لا تعمل بالمحاماة فعليا يقدمون على القيد في جداول المحامين لغرض وحيد وهو الاستفادة من الخدمات التي تقدمها النقابة لأعضائها من رعاية صحية ومعاشات تقاعدية لها بعدين: البعد الاول: الأثر السلبي على ميزانية النقابة من حيث زيادة الأعباء الاجتماعية لتغطية المعاشات وغيرها. البعد الثاني: وهو الخاص هناك مسيرة مهنية لكثير من المحامين بسبب كثرة الكليات الاهلية وسوء التعليم مما اوجد قسم من المحامين غير الكفئويين يمارسون الطرق الملتوية مما أثر على بقية المحامين.
ثانياً: الحلول المقترحة: تقوم الحلول المقترحة على فلسفة بسيطة رائدها العدالة في التوزيع لخدمات النقابة على من يستحق كل بحسب مساهمته الفعلية؛ أي أننا ببساطة ووضوح نهدف إلى إعدام أي ميزة أو فائدة لأولئك(المتطفلين) الذين لا يقصدون من القيد في النقابة إلا الحصول على المنافع لا الاشتغال بالمهنة، فلا تكون لهم أي مصلحة في الحرص على القيد بالجداول عندما تنتفي إمكانية الحصول على تلك المزايا المجانية، ونحن بذلك نضرب أكثر من عصفور بحجر واحد: الأول: هو وقف استنزاف موارد النقابة ممن لا يستحق. الثاني: هو تقليص أعداد الراغبين في القيد بالنقابة دون حاجة لوضع قيود شاذة وغير مشروعة.
لذا أجد أن المشاكل التي يجب مواجهتها في القانون الجديد:تنقية الجدول من غير المشتغلين :ألف-وضع شرط بأنه بعد مرور ثلاث سنوات من القيد بالجدول الابتدائي على المحامي، تقديم كشف للنقابة بالدعاوى التي ترافع فيها وبذلك نضمن تنقية الجدول مما لا يعمل فعليا بالمحاماة. باء-النص في مشروع قانون المحاماة الجديد على انشاء جدولين، جدول الممارسين وجدول غير الممارسين (وهو محام الا انه لا يمارس المحاماة).