يحتار المراقب للاحداث العراقية في تفسيرها هذه الايام فهناك معركة ضد داعش مستعرة منذ مدة طويلة و هناك معركة ضد الفساد في الحكومة متمثلة بالمظاهرات و التي تطالب بمحاسبة بعض السياسيين و المدراء العامين و غيرهم، وقد اختلفت الاراء حول هذه المظاهرات بين الذي لايرى خيرا فيها و انها لن تغير شيء بل انها تؤثر على سير المعارك في الجبهة ضد داعش و بين من يؤيدها و يرى ان المظاهرات ستصلح الحال الحكومي لتطلق حكومة الرجل المناسب بالمكان المناسب، وفي ظل هذا الصراع و الجدل لايعرف اي من الاراء صحيح، و مع كل هذه الاحداث يترافق صعود وهبوط مستوى الخدمات العامة للدولة فتارة تفتح المشاريع و توقع العقود مع الشركات الاجنبية و ينطلق البناء و الاعمار و في المقابل يبدا انهيار في كل ماتم التعاقد علية و قد يصل الامر الى هدم ماتم بنائه فيكتمل المشروع ليدمر مرة اخرى وبهذا الحال تستمر الجدلية البنائية في العراق، و على مدى عقد و نيف لم يرى العراقيون النور في الطريق المظلم الا وكان مشابها للكهرباء فساعة يظهر و ساعة يختفي، اما الحكومات العراقية المتعاقبة بعد الاحتلال لم تستطع ان تجمع العراقيين تحت مظلة واحدة لانها لاتملك مظلة تجمعها تحت سقف البرلمان و داخل حدود العراق، فالاكثرية تعمل على الخصخصة و المحاصصة و الطائفية و العنصرية و الولاءات الخارجية و المحسوبية، فتارة يكسبون جمهور معين من العراقيين و بعدها يخسرونه مرة اخرى بسبب القرارات الخاطئة و المتقلبة، وضع العراق الذي لايمكن تحليلة او التنبوء به الا لاشهر او اسابيع معدودة بسبب احداثه العنيفة و غير متوقعة او حتى المعكوسة فهي تتجه نحو الامام لتقفز الى الخلف و تعود الى المربع الاول لتبدا بالقفز الى الامام مرة اخرى و هكذا، و الغريب بالامر ان من يدخل المُعترك العراقي لايكون رابحا في كل الجولات كحليف و لايكون خاسرا كعدو لانه اذا شارك قوى سياسية صاحبة شعبية واسعة قد تصبح بعدها منبوذة و لاتملك قاعدة جماهيرية فيخرج الشريك خاسرا بل يصبح عدوا للسياسيين الجدد، بالتالي ما الحل في العراق الى اين يتجه؟ هذا السؤال حير علماء القرن حتى معاهد التحليل الامريكية احتارت في اتخاذ رأي و قرار حاسم تجاه العراق لان تجربتها مريرة فوجود الجيش الامريكي كان سببا في ظهور مقاومة عسكرية و معارضة سياسية ليقرر الانسحاب و جعل السيادة عراقية خالصة، وبعد عدة سنوات من السيادة، بدا القتال مع الارهاب الذي ولد اثر الضعف المستمر لقوى الامن العراقية و التخبطات الطائفية و السياسية، فطالبت الحكومة بعودة القوات الامريكية كمدربين و لتقديم الدعم الاستخباري و العسكري ولم تؤثر في قلب المعادلة ضد الارهاب الا قليلا، فقرر الامريكيون المشاركة بالقتال ضد الارهاب بتحالف دولي اي تدخل عسكري جزئي و بعدها اصبح بتدخل بري بمعنى عاد الامريكيون كقوة عسكرية، وبعد هذا التخبط و التقلب نعود الى نفس السؤال الى اين يتجه العراق الى الهاوية ؟ هناك من يقول الم نصل بعد، و اخر يقول مرحلة مؤقتة و تمضي، الم تنتهي هذه المرحلة المؤقتة ؟، و الاخر يقول هكذا تُبنى الدول بعد الخروج من الدكتاتورية و لكن متى يبدأ البناء ؟ لتستمر الاسئلة و التي يكون جوابها سؤال اخر و خلال كل هذه الاحداث يبقى الانتظار سيد الموقف و يبقى العراق حالة محيرة معقدة غير مفهومة للجميع.