26 نوفمبر، 2024 4:25 م
Search
Close this search box.

زلة لسان بريطانيا – رد على ردود

زلة لسان بريطانيا – رد على ردود

(الشعب البريطاني أوقع الحكومة والدولة في حرج تاريخي يرقى الى مستوى النكبة ).
(بريطانيا تواجه انهيارا في العملة والعقارات ونظام العمالة وخروج الشركات الاوربية الوافدة ).
  (بريطانيا تواجه عقوبة اوربية شديدة  كي لايكون خروجها مشجعا لشعوب اوربية اخرى )
(بريطانيا مهددة بالتقسيم بعد دعوة الاسكوتلنديين اعادة الاستفتاء بشان انفصال اقليمهم من المملكة المتحدة)
(مستقبل غامض لبريطانيا صنعته نتائج الاستفتاء المخيبة لامال  الحكومة ).
(ديفيد كاميرون منهار ، الملكة مرتبكة ، التاريخ يترنح !)
كل هذا ياعبد الحميد وانت تقول : انها قضية شكلية وان بريطانيا راغبة في الخروج من الاتحاد الاوربي ولذلك عرضت الموضوع للاستفتاء ، كلا يارجل ..ان شعب بريطانيا هو الذي  فرط باستقرارها وخياراتها الصحيحة ، ونعم يارجل  صوتك الذي لاترى قيمة له   يمكن ان يغير المعادلة  وينقذ بريطانيا من هذا المازق ، هذه اخلاقيات الديمقراطية ياعبد الحميد الصائح ، اخلاقياتها التي ارغمت ديفيد كاميرون على الايفاء بوعده لناخبية في تنظيم استفتاء حول بقاء بلادهم ضمن الاتحاد الاوربي  . فكيف تقول اشكك بديمقراطيتها ؟، وان ماجرى فبركة ؟ فيما ادت الفبركة  هذه الى حرف مسار بريطانيا من القمة الى الحضيض في سقوط (حر) خلال ساعات؟  لايمكن  لايمكن ياعبد الحميد ان يكون  الاستفتاء لعبة   ، فبريطانيا لايحكمها  فلان الفلاني  واشار – بيده وقلبه ولسانه – الى  العراق؟
هكذا واجهني بعض الاصدقاء المطلعين اكثر مني  على شؤون السياسة البريطانية والاقتصاد والمجتمع الاوربي  ،وابدوا امتعاضهم  الشديد من تساؤلاتي الريفية في مقالي السابق (بريطانيا مو اوربية ) ..
 لااملك الرد على هذا الامتعاض الا من داخل الرد نفسه .اقول : لانّ بريطانيا لايحكمها فلان الفلاني ، وليس فيها من هو اكبر من رئيس الوزراء في اتخاذ القرار .ولن تسمح لدولة اخرى تفكر نيابة عنها او تورطها في فاحشة سياسية . وليس فيها نظرية مؤامرة،  ( يفترض)،(يفترض) بأنّ من يحكمها  محترفٌ حويط  ويحسبها مليون حساب ، فاذا كانت كل هذه الاضرار الخطيرة  ستلحق  بحاضر البلد واقتصاده ووحدته ومستقبله  لمجرد فرق الاصوات ، يكون طرح الموضوع للاستفتاء من اصله حماقة لايرتكبها الا فلان الفلاني.  فلربما كان الاستفتاء على قرار الدخول الى الاتحاد الاوربي في بداية الامر اهون بكثير من الاستفتاء على البقاء من عدمه بعد دخوله والاتحاد فيه ومع مكوناته.  اما اليوم . فحدث ماحدث وقرر الشعب اقتلاع الجنين من الرحم او ازالة الرحم تماما، .   فالشعب  ممكن ان يستبدل الحاكم والحزب  ويصوت على دستور أو قوانين  وكل مايتصل بشؤون ادارة البلاد ومتطلبات شعبها ، اما ان يصوت الشعب على الحياة والموت ، فهو ليس من مسؤوليته ، الشعب فكرة وهمية لدى السياسيين حتى لدى اكثرهم ليبرالية وشعبية ، والديمقراطية نظام  ممتاز لكنه غير عادل ، بل يبدو مضحكا حين يتساوى فيه صوتُ العالِم والمفكر والاقتصادي البارع بصوت مدمنٍ فاقد التركيز .لكنها ( الديمقراطية  ) 
وفي حالتنا التي نتحدث عنها ، ينبغي ان لانثق بالشعب وان توضع  حدود للديمقراطية،  والا ممكن للشعوب ان تاخذ  بلدانها الى الجنة مساء وتعيدها الى الجحيم عند الفجر . الشعب غير مسؤول عن النتائج ، يقول كلمته ويمضي . فهل ان بريطانيا التي علّمت العالم واضطهدت ْ العالم ، وحاربت ْالعالم واحتلتْ العالم ، وسرقتْ وبنتْ واسسّت وغامرتْ وحاربتْ وانتصرت وتآمرت وخططت لشعوب اخرى بلدانها ونصبت لهم ملوكها، أيُعقل أن بعد تاريخ الحنكة والحكمة الطويل هذا  ، ياتي واحد بالمئة من عدد مواطنيها ليغير دفة  تاريخها ، ووجودها الذهبي مع اوربا  ، اذا كانت روح بريطانيا الدولة  فعلا هائمة بتلك الشراكة وسعيدة بذاك الوجود  ؟ لا ادري فعلا ، انا مندهش، هل ان ما اقوله زلة لسان مني عن عدم دراية ، اما إن ما حدث في بريطانيا يوم الخميس الغامض هو زلة سياسية ستدفع المملكة العظمى ثمنها غاليا دون ريب؟. .

أحدث المقالات