باتت جسور العالم تعرف ظاهرة تسمى بـ “قفل الحبّ”؛ حيث يذهب العشاق، وأحيانا قليلة الأزواج، لوضع قفلهما على الجسر، وكتابة اسميهما عليه مع تاريخ بدء قصتهما، ثم غلق القفل ورمي مفتاحه في النهر الذي يمرّ تحت الجسر، في إشارة رمزية على بقاء حبهما مقفولا عليهما.
ومن هذه الجسور، ثمة جسر “بونت دي أرت” الذي يقع على نهر “السين”، وهو من أشهر جسور المشاة في باريس، ويعدّ منذ عام 2008 ملتقى للعاشقين الذين بدأوا بالتوجه إليه ووضع “قفل الحب” عليه بعد تسجيل أسمائهم وتاريخ تواجدهم على الجسر، وفي عام 2015 أعلن عمدة باريس أن الأقفال المربوطة على الجسر وصل وزنها إلى أكثر من 90 طناً، فاضطرت البلدية لإزالة مئات الأقفال، حتى لا يسقط الجسر.
وفي مدينة كولونيا الألمانية، يوجد جسر بطول 5 كم على نهر الراين إسمه “هوهنزولرن”، كان يستخدم للسكة الحديد، واليوم يُطلق عليه “جسر المحبة”، ويقصده العشاق لتخليد قصصهم بوضع قفل مختار، وقد حاولت البلدية إزالة الأقفال، لكن أهل المدينة اعترضوا وعارضوا.أما في العاصمة الروسية موسكو، وعلى قناة تشبه قناة الجيش عندنا، توجد قنطرة “لوزكوف” وعليها صف طويل من الأشجار المعدنية التي خصصتها البلدية ليضع عليها المحبون أقفال حبهم.فيما تزهو مدينة روما بجسر “بونتي ميليفو” على نهر التيبر، ويعود تاريخ بنائه إلى عام 206 ق.م، حيث بُني اثر هزيمة جيش قرطاجة في معركة ميتاوروس، واليوم يحرص الأحبة الكثر على زيارة الجسر لتخليد حبهم بالأقفال.
وفي مدينة نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، اعتاد المحبون الذهاب إلى جسر “بروكلين” لوضع قفل الحب، تأكيداً على استمرار الحياة معاً وإلى الأبد، وهناك البلدية مشغولة بإزالة الأقفال بين الحين والآخر مخافة أن ينهار الجسر.وعلى طول هذه الجسور، لا تملّ من رؤية العشاق الهائمين والأقفال الذهبية والأشرطة الحمراء، وتتذكر ما قاله عميد الأدب العربي د.طه حسين لرفيقة دربه “سوزان”: حبيبتي، بدونك أشعر أني أعمى حقا.
ولدينا، قبل بناء الجسر الحديد، كان في المسيّب جسر خشبي على نهر الفرات، يعبر عليه المشاة في طريقهم إلى كربلاء، وكان عبارة عن أخشاب مربوطة بحبال وغالبا ما كانت تنقطع أثناء ارتفاع منسوب النهر وجريانه بقوة فكان الناس يقولون ان (الجسر زعل) فيقومون بإعادته إلى مكانه.وحينها شاعت أغنية روى قصتها الصديق الأستاذ جواد عبد الكاظم محسن اذ قال أن الجسر زعل مرة وتسبب في غرق فتاة، ولما يئست القصبة من العثور عليها جزع صاحبها وتفجرت دموعه فبدأ يصرخ ويولول: (على جسر المسيب سيّبوني)، فجاء شاعر بعد حين ونظم على المنوال الأغنية الشهيرة:على جسر المسيب شفت لمّه
گصايب سود عالچتفين لمه
أنا الياخذ حبيبي ايعوف دمه
يموت وينحرم شمّ الهوا به
والآن، أنا لا أدعو العشاق الى رصّ الجسر الذي سيّبهم بالأقفال والأشرطة بل أنا خائف على مصير هذه الأغنية الساحرة المدمّاة إذا ما غيّر القوم اسم المدينة التي سيّبتنا.