يخلط الناس في العراق بين ادوارهم و مواقفهم السياسية ، ففي جميع البلدان الديمقراطية يتفاعل المواطنون مع تفاعلات السياسة و السلطة ، إلا ان ذلك يحصل كموقف يعبرون عنه في المواسم الانتخابية ، و لذلك لا تجد تجمعات او تظاهرات عارمة الا بما يرتبط بالمطالبات الخاصة بالمتظاهرين ، الا في حالات استثنائية ؛ فعندما قرر الرئيس الامريكي السابق جورج بوش ان يشن عمليات عسكرية لاسقاط النظام البعثي في العراق ، خرجت الحركات التي عرفت بالمناهضة للحرب ، و استعملت وسائل متعددة للتعبير عن موقفها ، الا ان التعبير الأكثر تأثيرا هو في الموسم الانتخابي عندما ادلى الناخب الامريكي الى من تعهد بإنه اذا وصل البيت الأبيض فسيقوم بسحب الجيش الامريكي من العراق بالكامل ، و هو السيد باراك اوباما و هو بالفعل ما حصل … في العراق و بسبب حجم التثقيف بإدخال الجمهور كجماعات في الخلافات السياسية و استعمال الجمهور كوسيلة من وسائل الضغط و تحقيق المصالح السياسية ، نجد ان الكثير من الفعاليات الجماهيرية ترتبط بقناعات الأيدولوجيات و المصالح السياسية اكثر منها ترتبط بحقوق المتحركين و الفاعلين .
الدولة الوطنية هي دولة المواطن بصفته فرد ينتمي الى هذا الوطن ، و ليست دولة الجماعات السياسية ، و في هذه الدولة الجماعات السياسية هي التي تتحرك من اجل تحقيق و إقناع المواطن بأنها من تأتي له بحقوق و تطوير أوضاعه و تطوير الوطن ، و ليس المواطن هو من يتحرك من اجل الجماعة ، هذا الامر ليس مجرد تنظير و إنما يتحقق عن طريق مؤسسات و مشاريع العمل ، و إلا لن تكون ذات اي قيمة
في السلطة القضائية في العراق مثال جيد على فكرة محورية المواطن ، تتمثل هذه بالمشروع الذي يعمل به الان ، و هو مكاتب التحقيق القضائي ، و هي تجربة فريدة في العالم العربي و الشرق الأوسط ، و هذا المشروع يشكل دخولا استثنائيا للسلطة القضائية كضامن للحقوق في مجريات التحقيق في الأجهزة الأمنية التنفيذية و هو امر يشكل حالة متقدمة من الأمان للأفراد في هذه المجالات ، هذا العمل يشكل فعل مؤسسي لتحقيق مبدأ المواطن اولا ، و هو ما تسعى من اجله الدولة الوطنية ، و ليست مجرد شعار كما تفعل دولة الجماعات السياسية .