23 أكتوبر، 2024 11:39 م
Search
Close this search box.

رجال الإصلاح – ٤

رجال الإصلاح – ٤

لا مجال أمام أي أحد لإنكار أن العراق يمر بظروف صعبة و خطيرة ، و أنه بسبب تداعيات الأزمة الأمنية على الرغم من الانتصارات المبهرة التي تحققها قواتنا المسلحة و من يساندها من الحشد الشعبي و مقاتلي العشائر و قوات البيشمركة ، و كذلك الأزمة الاقتصادية بسبب انخفاض أسعار النفط ، و كذلك تداعيات المطالب المختلفة بإجراء إصلاحات جوهرية ، يعيش هذا البلد واحدة من أصعب مراحله في التأريخ المعاصر ، وفي هذا السبيل يقوم الكثير من المخلصين بالعمل الكبير في مكافحة الإرهاب على تحرير المدن التي لا زالت محتلة من قبل الجماعة الإرهابية داعش ، و كذلك هنالك جهود في سبيل تجاوز تأثيرات الأزمة المالية ، إلا أن تداعيات المطالب بإجراء الإصلاحات هي من تشكل إلى هذا الوقت الأزمة الأكثر تعسرا في المواجهة العراقية ، و على الرغم من أتفاق الجميع بما فيها الأطراف السياسية على ضرورة إجراء إصلاحات للتخلص مما يُعرفْ بـ ( عيوب التأسيس ) إلا أن الرؤى لا زالت متباينة حد الخلاف بين الفرقاء السياسيين حول إجراء هذه الإصلاحات ، و بلغ الأمر بأن أحد الأطراف الفاعلة في العملية السياسية في مواقع مختلفة من الدولة و هو التيار الصدري ، ذهب في سبيل تحقيق رؤيته الإصلاحية إلى دعوة جماهيره العريضة إلى التظاهر و من ثم إلى الاعتصام أمام بوابات المنطقة الرئاسية ( المنطقة الخضراء ) و هذا ينم عن مدى الخلافات و تعسر الوصول إلى رؤية موحدة للإصلاح … لا غرابة أن قلنا أن هذا يشكل أزمة في تقديم نموذج عابر للايدولوجيات الضيقة يستطيع عن طريق دوره في العمل العام أن يقنع الجمهور فيشكل قوة تقابلها معارضة ، لتتحرك العملية السياسية في سياقات التطور الديمقراطي كما يحصل في الكثير من البلدان الديمقراطية المتقدمة ، فعلى الرغم من أن الحكومة التي يرأس مجلسها الدكتور حيدر العبادي هي الحكومة الخامسة ، إلا أن هذه التجارب لم تخرج فريق سياسي بإمكانه أن يضرب نظرية المحاصصة السيئة التي تتسبب باعتراف الجميع في كل الازمات و المشكلات التي تضرب بالدولة العراقية ، و هذا ما يتحدث عنه البعض هذه الايام بطريقة خجولة و هو السعي لتشكيل كتلة عابرة للاثنيات و الطوائف ، و كأن أكتشاف المشكلة الواضحة بحاجة إلى خمس وزارات ! ليس هذا فحسب و إنما لا زالت الاطراف السياسية و كما هو واضح تعمل على اجراء الاصلاحات بذات الطريقة التي أسست فيها هذا الواقع السيء الذي خرج الجميع للمطالبة بإصلاحه ! و في هذا المجال يحاول البعض عبثا أن يخرج الازمة من فوقيتها السياسية ليعممها على جميع المؤسسات و الجهات ، و هذه واحدة من حيثيات أزمة الخلاف المستعر ، فليس الاصلاح الشامل يعني بأي حال من الاحوال هو إسقاط كل ما هو قائم بذريعة الشمولية ، كما عمل سوءا البعض بعد العام الفين و ثلاثة ، فالاصلاح في منهج التشريع و تحققه في التنفيذ من جانبه سيساهم في رفع الضغط و المشكلات عن المؤسسات الاخرى خاصة التي يتموضع دورها في البعد الاستقلالي كالسلطة القضائية و الهيئات المستقلة .

أحدث المقالات