ألسياسة وفنها الممكن، والأدوات المتاحة في بناء تحالفات قوية ومتماسكة، ورسم برامج ناضجة ومدروسة تقوم على أساس العدالة والمساوات، وتعتمد على المشتركات والتوافقات بين الأطراف، في إطار ألبناء المؤسساتي ألفاعل، وضمن مساحة البلد ومصلحة شعبه وأمنه القومي.
ألقوى السياسية في العراق، ومرحلة ما بعد سقوط البعث، تخندقت ضمن الإطار الوطني، وبنت تحالفات واصطفافات في دائرة المصالح المشتركة، فأنتجت ثلاثة قوى فاعلة ومؤثرة، على أساس المكونات والجغرافية.
الأكراد ومشروعهم القومي، ورغبتهم بإيجاد مساحة لهم تمكنهم من تحقيق مكتسباتهم، والتي يظنون أنها سُلبت منهم لعقود من الزمن، والقوى ألسنية ألتي شعرت بالخسارة والتهميش، إعتمدت المشروع الطائفي من أجل الحفاظ على وجودها، والعودة إلى مكانتها في صنع القرارات السياسية، أما المكون الشيعي والذي يمثل الغالبية العظمى من حيث العدد والجغرافية، فقواه إنما تنطلق بعقلية الإستحقاقات ألتي تضمن للجميع العيش تحت سقف الوطن الواحد، بلا تهميش وإقصاء أو إستئثار.
ألدور البعثي في العراق، بعد سقوطه وانهيار مرتكزاته، إستطاع التغلغل بين المكونات أعلاه، للحفاظ على وجوده وبقايا نظامه، ولهذا تمكن البعثيون من التمدد بين بعض الكيانات، في محاولة للتسلق إلى الحكم، وفرض نفوذهم ووضع بصمة لهم، تمهد لحلمهم بالعودة إلى سابق عهد، كانوا فيه على رأس السلطة.
يبدو أن الحراك السياسي الأخير، ألذي يمارسه البعض في مجلس النواب العراقي، من خلال تشكيل برلماني يضم مجموعة من المتغلغلين والمتمددين آنفي الذكر، والذين يتحركون ضمن مخطط واضح ومكشوف، يهدف إلى زعزعة ثقة القوى ببعضها، من خلال مشروع الإستجوابات، لطرق إسفين في نعش التحالفات الاستراتيجية بين المكونات.
ختاماً: الفساد هو آفة في البلاد، ومحاربته واجب شرعي وأخلاقي، وكشف المفسدين الكبار مهمة وطنية، فلابد من كشفهم واسترجاع كل ما سرقوه، وتقديمهم للعدالة والقانون، ولكن لا يمكن للفاسد أن يركب موجة الإصلاح، وأعلى درجات الفساد أن يكون السارق من يدعي محاربة الفساد.