أمس كنت جالسا مع “بهلول”. وأنا أتصفح الجريدة قرأت له بصوت عال خبرا يقول: “الكتل السياسية المتنفذة أعلنت أن وزراءها في الحكومة وضعوا استقالاتهم تحت تصرفها، وهي التي سترفعها إلى رئيس الوزراء”.
فبادرني بهلول بالقول: طبعا، وهذا هو الواقع، لأن السادة الوزراء لا حول لهم ولا قوة ولا حركة إلا بـ “ريمونت” الكتلة، وصدقني أن الوزراء عند كل كتلة هم في خانة واحدة.
استفهمته: ماذا تقصد؟
أجابني: أقصد أن الوزراء الناجحين والفاشلين كلهم متساوون لدى ربّ النعمة، فهم يدخلون الكابينة ويخرجون منها ولا يعلمون من أين؟ والى أين؟
قاطعته: تقصد أنهم لا يعلمون أيّ شيء.
هزّ يده وأجابني: كلا، إنهم يعلمون شيئا واحدا هو أنهم لا يتحركون إلا وفق مشيئة الكتلة، سواء أكانت هذه المشيئة تأتي بشكل حقيقي أم وهما.
هنا طقطقت بمسبحتي وقلت له: لم أفهم..
أجابني بهلول: سأفهمك.. في ديرتنا يُحكى أن مزارعا ذهب الى جاره، يطلب منه حبلا لكي يربط حماره أمام البيت، أجابه:
ـ أنا لا أملك حبلا، ولكن أعطيك نصيحة..
وأكمل: يمكنك أن تقوم بنفس الحركات حول عنق الحمار وأن تتظاهر بأنك تربطه وسوف لن يبرح مكانه.
عمل الفلاح بنصيحة الجار. وفي صباح اليوم الثاني وجد حماره في مكانه، وعندما أراد الذهاب به إلى الحقل، رفض الحمار ان يتزحزح من مكانه، حاول الرجل بكل قوته أن يحرّكه ولكن دون جدوى.
أصاب الفلاحَ اليأس فعاد إلى الجار يطلب منه ثانية النصيحة، فسأله الجار:
ـ هل تظاهرت أمامه بأنك تحلّ الحبل؟
ردّ عليه باستغراب: ولكن ليس هناك حبل..
أجابه: هذا بالنسبة إليك أما بالنسبة إليه فالحبل موجود.
عاد الرجل، وتظاهر بأنه يفك الحبل، وما أن انتهى من حركاته المدوزنة حتى نهض (أبو صابر) وانقاد لصاحبه.