صلاة جمعة (و700) كيلو غرام من المتفجرات، بإنتظار العابد الصائم، في حرم النجف الأشرف، ليستهدفه الإرهاب مبكراً، متوهماً بأنه شمسه ستغيب، محاولاً إفراغ الساحة الوطنية الجهادية، من رجالها، ورموزها، وقادتها المؤثرين، الذين رفضوا الخنوع للنظام البعثي، وتنفيذ سياسته الهوجاء، وسبب وجود هذا القبس الحسني الثائر، قيادة ربانية للقدر، وإيمان مطلق بالغيب، وتوكل مكمل لصفات التقوى والتضحية، في مواجهة الطغيان العالمي، فحضر النبأ المريع، شهيد ممزق سعيد، باقر لمعنى القتل لنا عادة، وكرامتنا من الله الشهادة!قائد مقتدر ذو فكر ثوري معطاء، قاد المقاومة الشعبية في جنوب العراق، ضد الدكتاتورية الصدامية، البعثية البشعة، وكسر معادلة الحزب الواحد، القائمة على التمييز الطائفي والقومي، زرع بمسيرة والده وإخوته، طريقاً للصمود، والحرية، والكرامة، وقام بتعرية النظام العفلقي المستبد أمام العالم، وهو على ثقة تامة، بموقف العراقيين الأحرار، من هذا الطاغية، الذي يمثل الخط الأموي الجديد، حيث أراد الطاغية، أن يتحول الإسلام، الى مجرد تراث، في المجتمع يحظى بالتقدير والتكريم، في الأعياد والشعائر العامة فقط!الوعي والشخصية والمصير، هو ما جمع أهل الجنوب، تحت خيمة الجهاد الإسلامي، بزعامة السيد محمد باقر الحكيم (قدس سره)، لأن مشروعه مع الشعب المظلوم، فبدأ يكتب مع أهوار العراق، حكاية زيف مثلث البعث، بدينه الجاهلي، ومجتمعه المدنس، وسياسته المحرمة، الساعية لمحو الهوية الإسلامية، لكن إبن الأمام الحكيم (رضوانه تعالى عليه)، أبى إلا أن يخفي ألمه ووجعه، وأخطار ملاحقة البعث له، ليثأر لشعبه وطائفته، التي كانت تباد يومياً بالجملة، لأسباب ما أنزل الله بها من سلطان!طيلة أربعين عاماً من التخندق البعثي، وألة الدم الصدامية، فُقدت في العراق مقومات مشروع دولة، حيث كان ينقصهم الزعيم، الذي يحمل عبأ الأمة، فما كان من آل الحكيم، إلا يبدأ بمشوار عودة الى الأرض، ليشق طريق التغيير بنفسه، بعد إزالة الصنم، مع إصراره على أن التغيير والإصلاح، ستكون بأيادٍ عراقية من الداخل الوطني، مع نبذ الخطاب المتطرف، وإحترام العراقيين جميعاً دون إستثناء، حيث أكد على أننا نلتزم بتشيعنا، ولكننا لسنا طائفيين، ولن نفرض تشيعنا على أحد!صلاة جمعة صادفت (الأول من رجب1424 ،الموافق 29 آب 2003)، في رمضاء منقطعة النظير بحرارتها، مع تواجد جموع غفيرة، وفرحة غامرة بسقوط الطاغية، وقلوب متشوقة، لأداء صلاة الجمعة جماعة، وقف العالم على أقدامه صعقاً، في مسيرة مهيبة، على أبواب النجف الأشرف، والسيد الصائم محمد باقر الحكيم (قدس شره)، كان على موعد مع أجداده الأطهار، فذهب بظمأ الحسين، في لحظة تستحق التأمل، ليصعد الكلم الطيب الى بارئه، وتبقى عمامته المقدسة رمزاً للشهداء، بطريق لبيك يا حسين!