بعد عقود منذ اعلان الحظر النفطي الرئيسي الأول في عام 1973, أظهر للجميع وبوضوح, أنه لا يمكن لاحد التنبؤ بأسعار النفط والغاز وكذلك ومن حجم عائدات تصديره. قد يكون هذا صحيحاً خاصة عندما يكون المعروض النفطي في السوق العالمي متذبذبا بسبب حالة الحرب وعدم الاستقرار في بلدين مصدرين رئيسيين وعضوين في منظمة اوبك هما العراق وليبيا. ومع استمرار التوترات بين إيران وبين جيرانها العرب، اضافة الى الانهيار في نمو الطلب على النفط مؤخرا” من قبل المارد الصيني. وعلى ضوء رفع العقوبات الاقتصادية والعسكرية مؤخرا عن ايران نتيجة للاتفاق النووي المشترك الشامل وتقييم سوق الطاقة العالمي, أوضحت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي تقديراتها بان ايران سوف لن تستفيد من الزيادة في صادراتها النفطية ومن تضخم عائداتها كون اسعار النفط العالمية قد انخفضت بشكل كبير خاصة بعد توقيع الاتفاق النووي المشترك الشامل عما كان عليه خلال فترة الحظر.
وافترضت بعض التخمينات ايضا بتحقيق مكاسب اخرى لإيران من خلال اطلاق برنامج للإصلاحات الاقتصادية الداخلية الرئيسية والتي ادرك الكثيرون في النظام الإيراني و منذ وقت طويل الحاجة اليها. ولكن برنامج الإصلاحات الاقتصادية وحسب معظم التقديرات سوف لن يتحقق الا بعد استثمار عائدات النفط الاضافية من خلال تحفيز النمو الشامل للاقتصاد الايراني وبعد زوال آثارالعقوبات الاقتصادية.
ان هذه الاصلاحات الاقتصادية غير مضمونة التحقق بسبب الاختلافات الايدولوجية بين المتشددين الداعمين بتعزيز الامن القومي وبين المعتدلين المهتمين بدعم الاستقرار الداخلي و تطوير النمو الاقتصادي باعطاء الافضلية لتنمية القطاع الخاص كعنصر اساسي في النمو الاقتصادي, و السماح له بالاستثمار في داخل إيران و خارجه, بينما يذهب المتشددون السياسيون ورجال الدين ومؤسسة الحرس الثوري والاجهزة الامنية باعطاء الافضلية لتطوير القدرات العسكرية ومنظومات الامن القومي ولتمويل وتطوير قطاع الدولة .
ان ارتفاع مستوى التوتر والعنف في المنطقة، فضلا عن التاثيرات الدولية الاخرى، اضافة الى الشكيك في نوايا بعض دول المنطقة, افرزت حالة تنافس بين ايران والمملكة العربية السعودية ومهدت رؤى للاستحواذ السياسي والاقتصادي خاصة بعد ان اثبتت منظمة الاقطار المصدرة للنفط (اوبك) ضعفها الشديد في تعديل اسعار النفط العالمية. لهذا بادرت المملكة العربية السعودية كونها اكبر منتج ومصدر للنفط في منظمة اوبك بالدعوة لايقاف التدهور السعري للنفط و تعديله من خلال تجميد سقف انتاج النفط لدول منظمة اوبك وخارجها, وهذا لايتحقق الا بموافقة روسيا كونها المنتج والمصدر الاكبر للنفط خارج منظمة اوبك وايران المنتج الكبير الواعد خاصة بعد رفع الحظر الاقتصادي وتطوير بناه التحتية في القطاع النفطي. ولكن ستبقى هنالك محددات لانتعاش اسعارالنفط العالمية ولسنوات بسبب الانخفاض القسري على الطلب في السوق النفطي نتيجة التباطؤ في نمو الاقتصاد الصيني بشكل اساسي ومؤشرات الكساد في الدول المنتجة للنفط.