بدأت ايران بتكريس تداعيات الاتفاق النووي مع الغرب عمليا واطلقت بسرعة مرحلة تدشين رفع العقوبات عبر استثمار هامش الحرية الكبير بعد رفع الحظر في المجالات الاقتصادية والمالية والتجارية والنفطية.
فقد باشرت طهران مرحلة بدء الخطوات العملية لحركة تشبيك كبرى في اوربا واسيا وغرب افريقيا ستساهم في رفع نسبة ونوعية المنتج الايران وتعالج الكثير من مشاكله الاقتصادية وتعمل على رفاهية الاقتصاد.
عملية التشبيك والتبادل والتنمية الاقتصادية ستقوي من الحضور الإيراني ويؤكد دوره في ملفات المنطقة ومساراتها السياسية المتعددة وتثبت وتقوي التموضع الإيراني امام خصومها وفي حضرة حلفائها الاقليميين والدوليين ما يفعل ويضاعف من الحراك السياسي الفاعل على المستويين الإقليمي والدولي ويمهد لتقبل الفكرة الايرانية القائمة على اساس بناء نظام اقليمي متكامل
على كل المستويات ودولي يدار على اسس متعددة بحسب توزانات القوى المستجدة.
الفترة القادمة ستشهد واقعا مختلفا اذ سيتغير شكل التحالفات السياسية ونوع الاصطفافات القائمة في المشهدين الإقليمي والدولي ولكن بعد انتهاء مرحلة ارهاصات ما بعد الاتفاق التي ستعد مرحلة إعادة قراءة للتصورات والمواقف من الأصدقاء والخصوم باختلاف درجات قربهم او بعدهم وإمكانية الخروج بمقاربات مختلفة فالواقع الحالي هو واقع اعادة القراءات وحساب المصالح والمنافع وتجنب الارتدادت الضارة والمؤثرة على الموقع السياسي والمكاسب الاقتصادية تعتمد على ما يمكن تجليته وابرازه من نتائج إيجابية للاتفاق.
السعودية أصيبت بالهستيريا قبل توقيع الاتفاق ولهذا ارتفع صراخها واعتدت على اليمن وما تزال تسفك دماء الابرياء فيه وسعت للعب بكل الأوراق الطائفية المتاحة لاستفزاز ايران “حوادث منى والشيخ النمر رض” وجرها الى تصرفات انفعالية تمكن السعودية من المناورة والاساءة لها لتحقيق عزلة إقليمية وإسلامية لإيران قبل رفع الحظر في محاولة لتعطيل رفعه وما جرى بعد حادث اغتيال الشيخ النمر من ردود فعل على الموقف الايراني الشعبي من السعودية وبعض محميات الخليج واجتماعات لما يسمى مجلس التعاون واجتماعات وزراء الخارجية العرب وادانة ايران وصولا لمحاولة رفع الادانة لمجلس الامن كلها تأتي في هذا السياق وفي الاثناء ايضا حاولت السعودية صناعة واقع جيوسياسي يهدد الامن القومي الإيراني عبر دعم مشاريع التقسم في شمال وفي غرب العراق واثارة احداث المقدادية ودفع بعض القوى العراقية لتدويل القضية وخلق واقع امني مضطرب فيها يتيح لتنظيم داعش معاودة ارباك محافظة ديالى المحاذية للحدود الايرانية في محاولات لا يبدو انها ستتوقف على المدى القريب.
اما العراق فلن ينتفع من قدرات وإمكانات جاره الإيراني – الذي طالما ابدى حسن النوايا ودعم العراق بكل قوة – والسبب وقوعه في فخ المشاريع الإقليمية الطائفية والدولية الاستكبارية وعزله عن عمقه الإيراني الحيوي وموقف السيد الجعفري في مؤتمر وزرا الخارجية العرب الذي ادان ايران يمثل تحولا كبيرا في السياسة العراقية.