خلال سبعة أشهر يزور سليم الجبوري واشنطن للمرة الثانية ، ففي المرة الاولى في حزيران 2015 ، حقق انتصارا كبيرا حين حصل على منحة للشعب العراقي قيمتها تسعة ملايين دولار ، وفاز بلقاء اوباما لنصف ساعة وبضعة دقائق اضافية ، ويبدو ان هواء واشنطن اعجب الجبوري فكرر الزيارة على الرغم من ان لا جديد حدث خلال السبعة اشهر المنصرمة .
رغم معلوماتنا ان زيارات سليم الجبوري الى واشنطن هي مقترحات من مقربين منه لديهم علاقات جيدة مع الامريكان ( المحتلين ) الذين ناضل من اجل اخراجهم الجبوري وغيره ، واتهموا آخرين بأنهم عملوا مترجمين للامريكان في وقت سابق ، الا ان المنصب الكبير يتيح للعراقي ان يتبدل حسب الاجواء ، ولايعد ذلك تبدلا ، بل ربما يعده ذكاء سياسيا ومصلحة وطنية .
واذا كان الجبوري قد فاجأنا بزيارته الماضية بوفد نيابي تمتع بالتقاط الصور مع اوباما ، وجاءنا بتسعة ملايين دولار ، ربما انقذت العراق والنازحين والفقراء والعاطلين وحلت معضلاتهم الكبيرة ، وهو مبلغ يقارب ما تم صرفه على مؤتمر البرلمانات الاسلامية قبل ايام ، فانه هذه المرة ربما يأتي باقل منه او لايأتي بشيء ، ولكن زيارة واشنطن ضرورة حتمية ، ومهمة مستحبة ، وعمل صالح يجزى المرء به في الحياة الدنيا والآخرة .
قبل ايام أشار لي احد الاصدقاء النواب بان ما كان يؤخذ على اسامة النجيفي رئيس البرلمان السابق كثرة زيارته للدول ومصروفات هذه الزيارات ، الا ان الجبوري نافس النجيفي فكانت زياراته في عام ونصف منذ توليه رئاسة البرلمان ضعف زيارات النجيفي في اربع سنوات ، وربما تكون تلك الاحصائية صحيحة مع كثرة ما نراه من تجوال الجبوري حتى اصبحت مدة زياراته في الخارج اضعاف مدة بقائه في بغداد .
ولعل من ابرز ما حققه الجبوري في فترة رئاسته للبرلمان هو ان دوام البرلمان والنواب يبلغ ربع عطلاته ، ورفع الجلسات اهم ما ينطق به الجبوري في اعمال البرلمان ، وهو فعل حسن لكثير ، فالاجازات اصبحت ضرورية مع تقليل رواتب النواب ، فـ ( على قدر اهل الشغل تأتي الرواتب ) .
لنعترف وبدون خجل وبصدق ان جيش المستشارين لرئيس البرلمان لم يمنحه الفرصة لسماعهم لكثرة اعدادهم ، وغيابه عنهم في سفراته المتكررة ، ولا عجب لمن يقول لماذا تتأخر القوانين ، ولماذا تتضاعف مصروفات البرلمان ، ولماذا لايجد النازحون ما تتقوى به اجسادهم على مواجهة المعاناة .
قوانين البرلمان المعطلة لم تعد مهمة لان الشعب العراقي لايحتاج لقوانين ، وربما الحصول على تسعة ملايين اهم بكثير ، وجلسات البرلمان غير مهمة لانها ترفع برغبة الجبوري او الاحزاب لمنع المشاكل ، وقضية مثل المقدادية مثلا لا تحتاج لجلسة برلمان ، فيتم تمديد العطلة لتأخذ التصريحات مداها وتثير الشقاق في بلاد
العراق ، ومن الضروري بدل حل المشاكل في قاعة البرلمان ان يتم حلها قي قاعات مغلقة في واشنطن ، حيث لايحتاج المرء ان يغير طعم لسانه وكلامه ويبدله كما هو الحال في الخضراء .
العراقيون ينتظرون أي مصيبة او مشكلة ستتفجر بعد عودة الجبوري من واشنطن ، واي مشروع جديد ستتضح معالمه ، ففي البيت الابيض يكون الحديث بلا تورية او صيغ بلاغية ، والامريكان يسمعون خاصة اذا كان من جاء بسليم الجبوري الى واشنطن احد اصدقائها المتعلمين منها ، لايصال الرسالة بلا وسائط ، وقريبا سنسمع الجديد بعد الزيارة ، ونبدأ رحلة مصيبة جديدة .