للأمل ابواب واسعة للحياة والرقي والانتصار على المحن والصعاب ، ولكن باختراقها وليس بأجترارها وملامة مسببيها ، وبذلك نفتح طريقا لابواب الانتصار والتقدم الباهر عليها. فهل فكر العراقيون بمستقبلهم غداً ،وما ستحمله الأيام لهم من مفاجئات الزمن ..؟.مع الاسف ظلوا يهرولون خلف الاساطير واقوال انبياء الفتنة وكذابين الزمن .
اسئلة بمنتهى الوجاهة والصراحة والأجابة عليها تحتاج الى تفكر وتأمل . بعد ان تغيرت الحياة بمجملها امام قادتهم الذين لعبوا بمستقبلهم وتركوهم عرضة لاشكاليات الحياة المستقبلية التي لا ترحم. فكل شيء يتغير اليوم لغير صالح وطنهم ،فهل ما كسبوه رجال السلطة من مالٍ وسلطة ستعوض لهم خسرانهم الوطن غداَ ؟ لقد فشل قادة الشيعة للمرة الخامسة بتأسيس دولة القانون التي بها يتحصنون من الزمن ، وماذا سيكون مستقبل اجيالهم الغارقة في الجهل ،وما حسبوا – لجهلهم- ان المال والسلطة لن تكون البديل عن الوطن ؟؟.
انا لست خبيرا سياسيا ولا فيلسوفا حكيما قدر اشتغالي بالتاريخ ،ولم اقصد بهذا الطرح ان اقدم أجابات شافية وافية لكل الأسئلة التي تطرح اليوم على العراقيين وقادتهم في موضوع حياتهم ومستقبلهم وما ستؤول اليه حالتهم لو استمروا في طريق الخطأ ، واتبعوا قادتهم الذين يعملون ليل نهار من اجل بيع وطنهم للمجاورين والزمن،حفنة من الخونة ضحكوا على المواطن وقانون الزمن ؟ نحن لا نكتب من اجل تحقيق حقائق ثابتة، بل لفتح باب التفكيروالمناقشة في اتجاه سليم، وجعلهم يفكرون بمستقبلهم واجيالهم القادمة من محن التاريخ ومجابهتها دون ان يخسروا الخسران الكبير.
وعلى البغدادية صوت الشعب او حكومة الظل أمل العراقيين ان تتنبه للأهم – الارض المباعة وموارد الوطن – ولا تبقى تجتر الخطأ في الخطأ ، بعد ان ضاع الوطن والشعب معاً.
كتاب وفلاسفة وعلماء كُثار كتبوا لشعوبهم وقادتهم ونبهوهم عن الحياة والتقدم ومعناه ومغزاه وما يؤول له المستقبل القريب والبعيد عبر الزمن. عند الفرنسيين مونتسكيوا في كتابه (روح القوانين)، وعند الأنكليز آرنولد توينبي فيلسوف الحضارة المعاصرة في كتابة : (البشر وأمهم الأرض). اما من كتب لنا من علمائنا وفلاسفتنا االعرب والمسلمين كتبوا لنا الكثير لنقرأ لهم ما قالوا لنا في درىء خطر المستقبل اذا حكمونا الصغار وسكتنا عنهم الى أمد طويل ؟
نبدأ بالقرآن الكريم حيث قال لنا : بل قالوا انا وجدنا آباءنا على أُمةٍ وانا على آثارهم مهتدون ،الزخرف 22. في الآية الكريمة ينبهنا القرآن بضرورة احترام التراث لكن دون تقديس.فالذين صنعوا التراث كانوا من الناس ونحن منهم ،لقد فات زمانهم فعلينا اليوم ان نصنع تراثاً لأجيالنا القادمة بملء ارادتنا لا كما يوحي لنا مغتصبي التراث والدين ، والزمن يلعب دورا في عملية التغيير.هذا التحول الذي نريده لنا وللاجيال القادمة هو عين المعاصرة التي نريد. والا لو بقيت الامور على حالها دون تغييروبقينا على المذاهب الاجتهادية الميتة نعتقد ونطبق بقوة المتسلطين ،سوف لن نصل لما نرغب ونريدفي التغيير. واذا كان ذلك مكتوبا علينا وصحيح ،اذن لماذا تبدلت رسالات السماء وهي كلها من خالق واحد عظيم ؟.
كتب لنا حكيم يقول : علموا أولادكم فقد خلقوا لزمان غير زمانكم،ويقول : عليكم بتولية أصحاب التجارب ،فهم العقلاء،فالعقل يقع على العقل، ويقول : أكثروا من مدارس العلماء والحكماء وتعلموا منهم كيف تدار الأمور.فهل اعتمدنا كتابه وما حوى من خزين الأدب والحكمة والسياسة في مناهج التدريس؟ وكتب لنا حكيم اخر في موسوعته القضائية يقول : (البينة على من ادعى واليمين على من انكر) ،لكن لا مجيب في التطبيق ؟
2
لكننا شطار في ترديد كسر ضلع الزهراء بنت محمد (ص) وكيف حاربت عاشة الامام في البصرة ،وشتم الامام علي على المنابر …وما تجره التأويلات من احياء روح العصبيات والمذهبيات المتناحرة خدمة لرجال الدين بآوامر المتجاورين الذين هم اليوم يصنعون دولة ونحن نصنع المتقاتلين ، ونسينا ان دولة المسلمين ظلت كل هذا الزمن الطويل بلا قانون او دستور يحكم بين المسلمين،وحتى هم اليوم يخترقون الدستور ،انظر ( المادة 8 الفقرة 4) من الدستور العراقي الذي كتبوه بأيديهم وتخلوا فيه عن الصحيح؟. ومع هذا فقد علمتنا مرجعيات الدين ان القرآن دستور المسلمين ،ولا ندري كيف نعتقد بهم والقرآن كتاب هداية وليس بدستور ،لأن الدستور يتغير والقرآن ثابت في الأصول .يقول الحق : “وقل سيروا في الارض فأنظروا كيف بدأ الخلق” . والزمن يتغيير بتغير السنين ؟.فأذا بقي رجال الدين ومرجعياتهم تلهينا بسفسطائياتهم لن نصل الا للمستحيل
التوراة تخاطب اليهودي فيطيع،والانجيل يكلم المسيحي فيمتثل،الا نحن حينما يكلمنا القرآن معارضون صم بكم عمي لا يفقهون. كل الآيات الحدية والحدودية نمر عليها قراءة دون تطبيق،شطار في التجويد، وكأن القرآن ما علمنا الصدق والاستقامة بل علمنا الاعوجاج والخيانة وعدم الولاء للاوطان والناس .اعتقد ان قادة العراقيين ومن والاهم هم الوحيدون الذين لا يستحقون القرآن والدين .
يتفق المؤرخون على اختلاف مدارسهم على ان موضوع التاريخ هو دراسة التجربة الانسانية على وجه الارض ،فلماذا نحن بالذات نعرض عن دراسة تجارب الامم في التطبيق ؟ ولماذا نتعالى على الاخرين ،فالشعوب اليونانية والرومانية كانوا متحضرين قياسا لذلك الزمن البعيد ، ومع هذا تعايشوا مع الاخرين .
كل الشعوب المتحضرة كانت ترى منذ القديم ان التحضر كان من صنع الآلهة وان هذه الآلهة اهدتها للناس وظلت ترعاها بعد ذلك. المسلمون يعتقدون ان الله اعطى الانسان العقل والفكر والحكمة،, وبها اهتدى بعقله الى اسس الحضارة والعمران وساربه في معارج التقدم . لكن هذا لا يعني اعطاء الانسان الهبة الجاهزة دون معايير،فمعايير الدين هو اجتماع الناس وتعاونهم بعضهم مع بعض بقوانين لا تخرق لصالح الاخرين،فالحكم والعدل والاستقامة هي المعايير وبدونها لا تتحقق رغبة السماء في العالمين،فأين فلسفات رجال الدين اللاهين في الترف والجنس واموال القاصرين – أذهب الى لندن لتراهم بعيونك كيف يفعلون .،لذا تراهم دوما يخلقوا الازمات -كما كانت دولة اللاقانون- في حروب وكوارث لا يستطيع ردها حتى أصبح في النهاية من الخاسرين .
كل منا ليسأل نفسه كيف قامت الحضارة ؟ في الاجابة على هذا السؤال بصدق يمكننا حل معضلة من معضلات تاريخ البشر في العالمين . اذا تدبر الانسان ما يوحي له به عقله وترك الانانية والحسد وعواطف الحيوان يستطيع ان يحكم وينتج لكل البشر دون حروب او نزاعات او اطماع زائلة بزوال الظروف،من هنا كان يجب اختيار الحاكم من الذين تعلموا تجارب الامم لا من الذين لا زالوا من الأفندية والمعممين الآميين .
فهل ستدرك مجتمعاتنا ومناهجنا الدراسية هذه الحقائق للخروج من نفق التخلف الى مدارج الحضارة لتعيس مثل كل الاخرين كما في الدول المتقدمة اليوم .فالدين والانبياء والحكماء جاؤا من اجل تطبيق نظرية الحق والعدل والاستقامة كما في التوراة والانجيل والقرآن الكريم لا من اجل التفضيل بين الواحد والاخر ونهش لحوم الضعفاء دون قوانين …؟.
بهذا التوجه سننتصر على الزمن …والا سنبقى مكانك راوح الى ابد الآبدين …؟