خَطَتْ المرجعية الدينية العليا خطوة ذكية ,عندما أعلنت إنها لن تتطرق للأمور السياسية بعد اليوم في خطبة الجمعة. ولم يكن هذا إنسحاباً من الأمور السياسية العامة ولا توقفاً عن توجيه النقد والتحذير .بل كان إنذاراً صامتاً ذكياَ للكتل والأحزاب السياسية والحكومة المنبثقة عنها وإشعاراً لها بأن المرجعية أصيبت باليأس والأحباط من هذه الكتل والأحزاب البائسة.وسبق وأن نوهت المرجعية بأنَّ صوتها قد بُحَ وهي توجه وتؤكد على ضرورة الأسراع بالأصلاح الجدي ومحاربة الفساد. و لم تتعلم الكتل الدرس ولم تأبه لنداءات المرجعية وتحذيراتها. ولم تتقدم بخطوة واحدة صحيحة نحو الأصلاح والقضاء على الفساد المستشري. بل زادت الطين بلة إذ عمدت لتقليص رواتب الموظفين والمتقاعدين البسطاء. ولم تتعقب الفساد وفلول المفسدين . ولم تكشف قضية فساد واحدة.وبعد إقتناع المرجعية بعدم جدوى النصح والأرشاد لكتل فاسدة .وجهت هذا الأنذار. و ستراقب عن كثب تصرف الكتل والحكومة. وستتحرك بالوقت المناسب.
وفهم السيد العبادي رسالة المرجعية الرشيدة .وكذلك فهمتها الكتل .فإستبق السيد العبادي الأمور. وأعلن عشية سفره الى ميونخ عن نيته تشكيل حكومة تكنوقراط مهنية أكاديمية .ليمتص غضب المرجعية الداعمة لمطالب الشعب بالتغيير والأصلاح .علماً بأنه يعلم بأن مجلس النواب الذي تهيمن عليه هذه الكتل لن يسمح له بتمرير هكذا مشروع. ولن يمنح الثقة لهكذا حكومة. فهل سيتمرد السيد العبادي على هذه الكتل الفاسدة الفاشلة الذي شكل وزارته من رحمها؟.لا أظنه قادر على هكذا فعل, ولا يمتلك هذه الجرأة .ولكن ربما جاء بإعلانه هذا مناورةً بإتفاقٍ مع الكتل السياسية لأمتصاص الصدمة والأستعانة بعامل الزمن ولكنه مخطئٌ ولا شك .ولو حدث وتمردالسيد العبادي على هذه الكتل فهل سيصطف مع الشعب ويعلن بصراحة مَنْ مِنْ هذه الكتل وقف بوجهه.لا أظن هذا.
والعجيب الغريب إن هذه الكتل بعد سماعها قرار المرجعية أعلنت إنها قدمت أو ستقدم مشاريع إصلاح.فأين كنتم ولماذا هدرتم الزمن .
عموم الشعب تقول لكم شكراً جزاكم الله خيراً .ولكن إتركونا وشأننا .فقد جربناكم وكفى .ولم يعد في القوس منزع.
لذا نكررما قلناه وقاله غيرنا :إنَّ حل الأزمة العراقية وإخراج العراق مِن محنته ومن عنق الزجاجة قبل إنهياره بالكامل يتطلب إجبار هذه الكتل سلمياً بضغطٍ من الشعب ودعمٍ من المرجعية على تعديل قانون الأنتخابات وجعل العراق دائرة إنتخابية واحدة والترشيح فردياً على أن يحظى المرشح بتأييد مصدق عدلياً من 5000 شخص على الأقل.وحجب حق الترشيح عن كل من تبوأ منصباً حكومياً من مدير عام أو أعلى أو إحتل مقعداً في مجلس النواب أو الجمعية الوطنية أو مجلس الحكم .ثم تشكيل حكومة مؤقتة من خارج هذه الكتل وبعيداً عنها . تستعين بلجان دولية للتحقيق بالفساد وإعادة الأموال المسروقة من الشعب ومعاقبة المفسدين. حكومة تشرف على الأنتخابات بإشرافٍ دولي بعد أن يحل مجلس النواب الحالي نفسه و حل مفوضية الأنتخابات الحالية وتكليف أشخاص شرفاء بعيدين عن هذه الكتل بمهمتها لتنظيم الأنتخابات لتشكل حكومة جديدة من مجلس نواب جديد مُنتخب.
مع إنَّ الواقع والتجربة يقولان إن الكتل والأحزاب المهينة على مقدرات البلاد سادرة بالغي .وسوف لن تستجيب لأي مطلب .والأمور ستتجه للأنفجار .أو لتدخل دولي لحسم الأمر وهذا ما لانتمناه لعراقنا وشعبنا الجريح.
لقد وجهت المرجعية الرشيدة إنذارها الصامت بحلمٍ.ولكن إتقوا غضبة الحليم إنْ غضب. فسيعقبه الزلزال الذي سيطيح بكم ْ ومَنْ ورائكم .ولن تدع المرجعية العراق يترنح تحت ضربات الفساد والفوضى التي تكيلها هذه الكتل الضالة .بل ستجد الحل.