القيت في عام 1945على مدينة هيروشيما اليابانية قنبلة نووية واحدة قتل نتيجتها خلال دقائق 130 الفا من سكانها البالغ عددهم 350 الفا وبعد ثلاثة ايام القيت القتبلة الثانية على مدينة ناكزاكي فقتلت بين 60 الى 70 الفا من سكانها عدا الذين ماتوا بتأثير الاشتعاع النووي خلال السنوات التالية. لقد فوجأت القيادة السوفييتية باستخدام الأمريكيين للسلاح النووي بسبب السرية فوق العادة التي أحيطت بها البحوث العلمية والعسكرية الأمريكية لصنع السلاح النووي. اعتقد الرنيس الأمريكي تيودور روسفلت ونانبه وخلفه هاري ترومان ان التفوق في حيازة هذا السلاح سيجعل من أمريكا القوة الأعظم في العالم. لقد بدا ان ترومان الذي في عهده استخدم السلاح النووي قد أعجب بالنهاية المأساوية للمدنيين اليابانيين فوضع في اعتباره بعدها استخدام تفوقه النووي لابادة حليفه في الحرب ضد النازية الاتحاد السوفييتي ودول المعسكر الاشتراكي جميعها.
بعد القاء القنبلتين على اليابان تبقت لدى الرئيس الأمريكي قنبلة نووية واحدة من مجموع الثلاثة التي انتجت حتى ذلك الوقت وكان بامكانه ان يضرب بها موسكو ، لكنه فضل الانتظار لحين انتاج العدد الكافي من وسيلة الموت الناجعة تلك ليتمكن من القضاء على اكبر عدد من مواطني الدول الاشتراكية. أعتقد ترومان الملم جيدا بالتكاليف المادية الباهظة والتضحيات البثسرية الهانلة التي تكبدها السوفييت في الحرب العالمية الثانية ستمنعه لفترة طويلة قادمة من اعادة قدراته العسكرية ، لكنه لم يدرك بعد نظر وفطنة القيادة السوفييتية التي من جانبها كانت تدرك تماما حقيقة النوايا الامريكية تجاه المنظومة الاستراكية.
آخدا في الاعتبار أن القنبلة الأمريكية الثالثة ستلقى على موسكو بدأ ستالين على الفور بحشد علمائه وخبرائه العسكريين للتعجيل بانتاج السلاح النووي في أقصر وقت ممكن بصرف النظر عما سيحتاجه من موارد مادية. وبعد اقل من أربعة سنوات من القاء القنبلة النووية على اليابان حصل السوفييت في عام 949ا على سلاحهم النووي ومنذ ذلك اليوم لم تتجرأ الولايات المتحدة من تهديد الاتحاد السوفيتي او أي دولة من معسكره الاشتراكي حينها أو روسيا حاليا. ولابد من الاشارة هنا الى أن أحد الأهداف من القاء القنبلتين على اليابان هو التعرف على الاثار التي ستحدثها وحجم الدمار الذي ستخلفه ليكون الأمريكيون على علم بما يمكن ان تحدثه بضعة قنابل منها فيما اذا ألقيت على الاتحاد السوفييتي.
ومما يدلل على ذلك ان القاء القنبلتين النوويتين على اليابان عام 1949 لم يكن له أية ضرورة سياسية أو عسكرية ، لأن الحرب العالمية الثانية كانت قد انتهت باستسلام ألمانيا النازية بنفس الوقت كانت اليابان قد أعلمت السوفييت خلال سفيرها في موسكو عن استعدادها للاستسلام بدون قيد أو شرط وقد نقل السوفييت تلك الرغبة للأمريكيين. وبينما كانت اليابان بانتظار الرد الأمريكي على رغبتها بالاستسلام أسقط الأمريكيون القنبلتين النوويتين على المدينتين السينتي الحظ بالرغم من ذلك. لم يدرك الكثير من الناس القيمة الاستراتيجية للقرار التاريخي الدي اتخدته القيادة السوفييتية بالتعجيل بحيازة السلاح النووي. ففي تلك الفترة بالذات بدأت الولايات المتحدة والدول الدانرة في فلكها أوسع حملة اعلامية مضادة للشيوعية لتحويل الانظار عن الانتصارات العسكرية السوفييتية على النازية الالمانية وتثسويه منجزاته التي اكتسبت شعبية واسعة بين شعوب العالم بعد الحرب العالمية الثانية. ومن بين ما جرى التعتيم عليه الانجاز السوفييتي الهام بحيازة القدرات النووية التي بفضلها فقط انقدت شعوب البلدان الاشتراكية من الابادة الجماعية والتي بناء عليها استتب السلام في العالم.
وتظهر قيمة الانجاز وأهميته بأوضح صورها أخيرا بعد رفع السرية في الولايات المتحدة عن وثائق تاريخية تعود الى فترة ما قبل الخمسينيات من القرن العشرين حيث تضمنت معلومات هامة جدا للجيل الحاضر ليكتشفوا من خلالها قيمة قرار القيادة السوفييتية في تلك الفترة بالتعجيل بحيازة الاتحاد السوفييتي للسلاح النووي. وتظهر بنفس الوقت حقيقة النوايا الأمريكية ضد النظام السوفييتي حليفها في الحرب ضد النازية. المهم في تلك الوثائق انها تعرض لأول مرة الخطط السرية لحكومة الولايات المتحدة للقيام بقصف استباقي بالسلاح النووي لمنات مدن الاتحاد السوفييتي ومنظومته الاشتراكية من موسكو حتى أولان باتور ومن بكين الى وارشو. لم تستثني تلك الخطة بلدا أو مدينة ، مستشفا أو مدرسة ، متحفا آثاريا أو معلما فنيا أو دينيا.
المعلومات التي أزيحت عنها السرية وردت في تقرير تحت عنوان :
” (Atomic Weapons Requirements Study for 1959 ) التقرير يطلب من القوات الجوية ان تقوم بدراسة دائمة لكيفية تدمير مراكز التجمع السكاني في المدن الرئيسية في البلدان الاشتراكية حينها مثل وارشو ، برلين الشرقية ، براغ ، بخارست ، تالين ، بكين ، ولينينغراد وموسكو. وحدد التقرير 1200 مدينة مستهدفة بالتدمير مستخدمين قنابل نووية تعادل الواحدة منها 8 اضعاف قوة القنبلة التي اسقطت على هيروشيما اليابانية استهدف بها 179 هدفا في موسكو و145 هدفا في لينينغراد وحدهما. وكان من بين ما استهدف في موسكو مترو موسكو لكثرة مستخدميه بغرض تكبيد العاصمة أكثر عدد من الضحايا. كما وضع على القائمة قصف جميع مطارات موسكو والمدن الرنيسية وفي المقدمة منها لينينغراد حيث استهدفت جميع مطاراتها والمناطق الآثارية والثقافية فيها. ولم تستثنى عواصم دول وسط وشرق أوربا الاشتراكية وأنهارها بما فيها الدانوب الدي يمر بالعديد من العواصم بهدف تلويث مياهه لتسميم الأمم التي تستخدم مياهه. ولم تستثنى من الابادة الجماعية يوغسلافيا التي أعلنت عن حيادها بين المعسكرين الاتحاد السوفييتي والغرب.
ويذكر ان روبرت كندي المدعي العام الأمريكي وشقيق الرنيس الأسبق جون كندي انه قد ترك اجتماعا له في القصر الابيض مع ممثلي وزارة الدفاع وكان منزعجا بسبب مناقشة هجوم استباقي بالسلاح النووي على الاتحاد السوفييتي. فيما علق دين راسك وزير الخارجية الامريكي حينها حول الموضوع نفسه قانلا ” لن اساهم تحت أية ظروف في تنفيد أمر بالضربة النووية من جانب واحد”. وكان الرنيس الراحل جون كندي قد سأل جنرالات الجيثس الأمريكي أثناء اجتماع له معهم حول استخدام استباقي للسلاح النووي عن المغزى من استخدام هدا السلاح قانلا ” وندعي نحن بأننا من الجنس البثسري”.
لمزيد من الاطلاع يراجع :
Wayne Madsen, Global Research