من يراقب الاحداث السياسية في العراق، وخصوصا ما يتعلق بحراك المكون السني السياسي، يرى ان غالبية المؤتمرات التي تعقد هي عبارة عن محالات لتقريب وجهات النظر بين من هم خارج العملية السياسية مع من هم داخلها، ولاشك ان اغلب هذه المحاولات باءت بالفشل الذريع، كونها تصطدم في اولى جولاتها بواقع المكون السني المزري داخل العراق وعجز السياسيين الداخلين ضمن العملية السياسية عن تقديم اي شيء لهم، لابل انهم اهتموا كثيرا بمصالحهم الشخصية وتعارضوا وافترقو وتشت موقفهم، فانعكس ذلك على واقع جمهورهم في المحافظات الست، ودفع المواطنون من سكان هذه المحافظات ثمنا باهظا نتيجة اهمال السياسيين لهم، وعدم اتخاذهم مواقف حقيقية تمنع عنهم الظلم والحيف، الذي لحق بهم جراء سياسيات الحومات السابقة الطائفية والتعسفية تحت ذريعة الارهاب والحواضن ووو الخ.
ومن النقاط السلبية التي اخذت على هذه المؤتمرات ومن ثم على سياسة المكون بالمجمل، هو ان كل مؤتمر يعقد لابد ان يكون خارج حدود الوطن، مما يعرضه للانتقاد وعدم الجدية، وكذلك يتهم انه ترتيب خارجي بعيدا عن الوطنية، كما ان المكونات الاخرى ترى ان على المكون السني ان يلملم اطرافه ويوحد كلمته وياتي بموقف موحد، كما ان عليه ان يضع خططا لمعالجة المشاكل داخل المحافظات السنية والتي يرزح معظمها تحت نير ظلم تنظيم داعش الارهابي، وان يخرج بهذه الحلول ليناقشها مع المكونات الاخرى، وبهذا يكون موحدا اولا ويحمل معالجات للمشاكل ويمثل باجتماعه قوة ضاغطة سياسيا يمكن من خلالها تحقيق تطلعات جماهيره.
وبما ان المطال قد طال على هذا الحال المزري والذي وصلت اليه ظروف النازحين السنة الى اسوأ حالتها، حتى ان الجمهور فقد الثقة بممثليه من الساسة، بزوغت تجربة جديدة انبثقت قبل ايام ورحب بها الجميع ومن الممكن لها ان تكون خطوة جيدة لتغيير الاحول نحو الافضل.
فالمؤتمر التشاوري الذي عقد برعاية رئيس البرلمان في فندق الرشيد بقلب العاصمة بغداد مثّل هذه الخطوة الجريئة، والتي منحت المكون السنّي لاول مرة عقد مؤتمر موسع في بغداد، والاهم من ذلك ان المؤتمر جمع ممثلي المحافظات الست من نواب برلمانيين ومحافظين ورؤساء مجالس محافظات في ورش عقدت ضمن المؤتمر وكل محافظة على حدى، ليناقش كل مسؤولي محافظة مشاكل محافظتهم، ويخرجوا بنتائج سريعة وعاجلة وتمينها ضمن التوصيات النهائية للمؤتمر.
هذا التجمع السنّي يعد ركيزة مهمة في توحيد الرؤى للمحافظات ووضع معالجات لكل المشاكل خصوصا بما يتعلق باحتلال داعش لهذه المدن، ومستقبلها بعد التحرير، وكذلك مشاكل النازحين والمحتجزين تحت سيطرة التنظيم الارهابي، وهذا ما يمهد لنضوج الافكار بعد هذا التشاور والذي يفتح آفاق جديدة من الحوار مع المكونات الاخرى من اجل حلحلة المشاكل.
نتمنى ان يكون هذا الاجتماع فاتحة خير لما هو افضل، وان تتواصل الاجتماعات من اجل انضاج الرؤى التي توصل اليها ممثلوا المحافظات الست كخطوة اولى على الطريق الصحيح، وهي ايضا رسالة الى المكونات الاخرى على اهمية التعامل بايجابية مع هذه النتائج واحترامها ، فهي اولا واخير تصب في مصلحة الجميع وتمثل تمهيدا لاجتماع ربما يكون جامعا لكل المكونات والاطياف.