ما خرج به رئيس الوزراء حيدر العبادي من بيان أخير أكد فيه إمتلاك العراق ما يكفي من الرجال والعزيمة لإلحاق الهزيمة بداعش واشباهها وان الحرب ضد التنظيم تتم بسواعد عراقية جاء على ما يبدو كرد فعل ضمني على دعوة السيناتورين الاميركيين الجمهوريين جون ماكين وليندسي غراهام لإرسال عشرة الاف جندي أميركي الى العراق للمساعدة في قتال التنظيمات الإرهابية ومثلهم لسوريا في خلاصة اعقبت عقدهما عدة لقاءات في بغداد بينها لقاء جمعهما بالعبادي في 28 تشرين الثاني 2015 .
ومن يتابع مواقف الجمهوريين في مجلسي النواب والشيوخ الاميركيين يعلم يقيناً بأنهم يضغطون منذ زمن ليس بالقريب بإتجاه ارسال قوات مقاتلة للعراق وسوريا الا ان هذه الرغبة التي تمثل رأي الأغلبية التشريعية الأميركية وجدت على طول الخط اعتراضاً من الرئيس باراك أوباما الذي اكد مراراً بأن الحل في البلدين لا يتحقق بقوات أميركية على الأرض بل بتصعيد مستوى فاعلية الضربات الجوية ضد داعش وتدريب وتسليح القوات المحلية التي يجب ان تشكل رأس الحربة في هذه المواجهة.
موقف أوباما هذا ، بات اقل اقناعاً وقدرة على الصمود بعد تفجيرات باريس الإرهابية الأخيرة والتي اهتز لها الرأي العام العالمي ورأى كثيرون بأن خطر داعش الذي هدد بضرب دول أوروبية تنتمي للتحالف الدولي جدي ويجب ان تتحرك الحكومات لتنفيذ إجراءات اكثر حزماً تضرب التنظيم في عقر داره لتقطع اوصاله الأخطبوطية في أوروبا وامريكا الشمالية باعتبارهما تشكلان حجر الزاوية في التحالف ضد التنظيم الذي يقصفه منذ خمسة عشر شهراً .
ورغم تمتع أوباما بحق نقض أي قرار محتمل يشرعه مجلس الشيوخ الأميركي لإرسال قوات أميركية الى العراق وسوريا يبقى رأس البيت البيضاوي في خشية واضحة من ان يجبر على قبول هكذا خيار في حال حصل المحظور ونفذ الارهابيون جرائم جديدة في أوروبا او أي مكان
اخر في العالم لإثبات وجودهم رغم تطمينه مواطنيه بعدم وجود أي خطر واقعي يهدد البلاد من داعش وسواها من التنظيمات المتطرفة.
موقفا العبادي واوباما الرافضين لطروحات الجمهوريين اوجدا مواجهة حقيقية بين الطرفين، رئيس الوزراء العراقي الذي لم يخالف الرئيس الأميركي بموقف ما زال مصراً على قدرة مقاتليه بتحقيق النصر الناجز في العراق وهو ليس مستعجلاً على ما يبدو لأنه وكما هو واضح لكل متتبع اخر اصدار قرار اطلاق معركة مركز الرمادي حتى إتمام تدريب متطوعين من المحافظة للمشاركة فيها فقط لانه لا يريد وبضغط أميركي اشراك الحشد الشعبي المدعوم من ايران في معركة مركز الانبار .
ايضاً .. طرح ماكين وغراهام من بغداد خياراً اخر لتسريع الحسم في المعركة ضد داعش حشدا فيه نحو تشكيل قوة “سنية” عربية – تركية قوامها مئة الف جندي من مصر والسعودية وتركيا قالا انها ان اجتمعت فستضطلع بمهام المعارك البرية فيما ستوفر لها القوات الأميركية ذات العشرين الف مقاتل قدرات لا يمتلكها لا العرب ولا الاتراك .
هذا الخيار، ان لقي مقبولية من المعارضة السورية فانه قطعاً لن يكون مقبولاً بالمجمل عراقياً لاعتبارات طائفية اقولها بوضوح فلا شيعة الحكم سيقبلون به ولا ايران التي تقف في ظهورهم، لكن السؤال الأهم ماذا لو امن أوباما بنصف ما طرحه الجمهوريون وكفر بالنصف الاخر ؟ بمعنى انه ربما سيوافق على مقترح تشكيل القوة السنية لقتال داعش مع منحها اسناداً جوياً ليحافظ على كبريائه الرافض لإعادة جنود بلاده للعراق او الدفع بهم نحو سوريا.
ماذا لو تحدث أوباما مع العبادي ودعاه للقبول بهذا الطرح ؟ ، هل سيقبل الأخير ، وهل سيكون قادراً على مواجهة سياسية ودينية وشعبية حامية الوطيس قد تسقطه من كرسي السلطة ؟ ام انه سيخالف حليفه الأكبر عالميا هذه المرة ويعيد له الأسطوانة التي مل الاميركيون سماعها قائلاً بأن العراقيين سيحسمون المعركة ضد داعش لكن دون ان يراهن على عامل الوقت ؟
إيران التي تشير تسريبات إلى أنها غير راضية عن أداء العبادي رغم منحه الضوء الأخضر لها لتتمدد “عسكريا” في العراق عبر الموالين لها وإرسالها بطلب نوري المالكي بين الحين والآخر لسماع رأيه وتوجيهه وتجهيزه ليكون البديل بوصفه الأقرب لها وصاحب تجربة في الحكم …
ستكون إيران المستفيد الأكبر من أي ضغط أميركي على العبادي للقبول بقوات عربية – تركية لأنها ستحرك أدواتها السياسية والدينية والإعلامية في العراق لتسقيطه الأمر الذي يجعله مجبرا على مخالفة أوباما ابتداء في خطوة استباقية تمنع المواجهة مع طهران لكنها ربما ستخلقها مع واشنطن، وهنا سيضطر العبادي لتحريك دبلوماسيته والتلويح بتنازلات وفق مبدأ اعطيك هذا لتمنحني ذاك ترضي الطرفين للوصول إلى صيغة مقبولة تضمن لهما ابتسامة المحافظ على مصالحه في العراق وتعززها حتى بكسر عظم سيادي جديد نحن العراقيون من سيمسنا ألم خاصرته ليزيدنا خسارة وقناعة باللا امل واللاجدوى ..