ما بعد 2003 انقلبت وتغيرت الموازين تغييرا لم يكن يطرأ حتى في منطق الجاهلية فتبدلت الضمائر وانحلت الاخلاق واعُدمت الانسانية تحت مقصلة المنافع والمصالح الشخصية والانتهازية وتحقيق مآرب الاسياد في الشرق والغرب . فكل انسان عاقل واصيل ومنصف لو ُعرضت عليه مأساة المحافظات المنكوبة لوقف وقفة اخلاقية وانسانية يشهد لها التاريخ ويسعى ويقدم كل ما يبذل من قصارى جهده لمساعدة اخوانه النازحين والمهجرين الذين ذاقوا الويلات من بطش المليشيات وارهاب داعش . والتاريخ يسجل الصغيرة والكبيرة ، فما كان من موقف حق يسجل بأحرف من نور يخلد في ضمير الانسانية وما كان باطلا يسجل بأحرف ظلامية ويسجل ليكون لعنة تتناقلها الاجيال على فاعليها وفي الاخرة جهنم وبئس المصير .
وحقيقة الامر لم نشهد موقف يهز الضمير او على الاقل الواجب المناط بالمسؤول تجاه النازحين والمهجرين ، بل على العكس خزي وعار يضاف الى فسادهم وسرقاتهم وعمالتهم ، ففي جسر بزيبز تتجلى الابليسية الدهماء والعمالة العمياء لقوى الشر والظلام فكيف يعقل ان تغلق السبل بوجه ابناء البلد الفرين من الحديد والنار ؟ الهاربين من حروب افتعلوها ابالسة السياسة وراح ضحيتها الابرياء والهدف منه الانتقام من هذا البلد حسدا وبغضا !
وفي المقابل تفتح المنافذ الحدودية على مصراعيها لدخول الايرانيين في اوقات الزيارة الاربعينية وبلا تأشيرة دخول وبلا حسيب ولا رقيب بل من يتجرأ من مسؤولي الحدود ان يتخذ الاجراءات فستنزل عليه صاعقة من الخضراء ، حتى ان بعض الزوار الايرانيين يقتحمون الحدود عنوة وكأنهم يدخلون الى مدينة من مدنهم الفارسية ، ومن حق العراقيين ان يتساءلوا ماذا لو اقتحم النازحون او المهجرون جسر بزيبز الا يكون الرد ان تمتلئ صدورهم بالرصاص ؟؟ والكل يدخل تحت عنوان 4-ارهاب ؟
هل صار الايرانيون حلال عليهم العراق بينما العراقيون المقهورون حرام عليهم بلدهم ؟ ولو عكسنا الامر فهل يجوز للعراقيين ان يدخلوا الحدود الايرانية الغربية دون تأشيرة او بهذه الضخامة ولنقل ان الغرض زيارة الامام الرضا (عليه السلام) فهل تسمح لنا حكومة طهران الشيعية الاسلامية ؟
ان الزيارة الاربعينية اصبحت محكاً رئيسي لإظهار السرائر وحقيقة الإتباع ، بل ان الاربعينية تظهر فساد ظلم الساسة وحقيقة التبعية المجوسية الصفوية ، فلو كان الامام الحسين (عليه السلام) موجودا ويرى المأساة الانسانية على جسر بزيبز بالمقارنة في الشلامجة والشيب وزرباطية وغيرها من منافذ حدودية فسيكون الموقف انه سيهب لفتح بزيبز امام اهله وناسه ومحبيه من المحافظات الغربية المنكوبة ويبذخ عليهم بما آتاه الله تعالى من مليارات عتبته المغتصبة .
وهنا اقدم اعتذاري الى اخواتنا الاعزاء النازحين والمهجرين ، وبكل خجل وحياء ونقول لهم لا نملك لكم موقفا يرفع رؤوسنا امامكم وامام التاريخ الا موقف المرجع العراقي الصرخي فقد تفانى الرجل من اجلكم وبذل كل ما أوتي في سبيلكم ، وها هو قد ربط قضية الحسين (عليه السلام) بقضيتكم وجعل مواساة الحسين هي مواساتكم فهو القائل (ويجب على كل من يريد ان يواسي الامام الحسين (عليه السلام) بالجهد والمال فعليه ان يفعل ما فعله الحسين وضحى من اجله وما سيفعله (عليه السلام) لو كان الان معنا ، فانه سيكون مع الإصلاح في امة الإسلام فسيكون مع المهجّرين والنازحين والمتضررين المستضعفين ، ومع الارامل واليتامى وعوائل الشهداء ، ومع المرضى والفقراء وكل المحتاجين ، فانه (عليه السلام) سيواسيهم ويعطيهم كل ما يملك ويقدر عليه ، واعلموا وتيقنوا ان الحسين لا حاجة له بزيارتكم ولا بمسيركم الى كربلاء ولا بطعامكم ولا أموالكم ، بينما الجياع والعراة والمرضى والأيتام والمهجرون والنازحون امامكم وانتم تتفرجون عليهم ولاتهتمّون لامورهم ولا ترفعون الظلم والضيم عنهم وحتى انكم لا تخففّون عنهم ، ومن لم يهتم لامور المسلمين فليس منهم)
وانتم ايها الزائرون الايرانيون هل تعلمتم الانتهازية من رموزكم ، فيا غريب كن اديب وكفى الاستهتار بهيبة العراق وشعبه واحفظوا حدودكم واذا كنتم تريدون ان تواسوا الحسين عليه السلام انظروا الى جبروت السلطة الحاكمة عندكم وظلالها الظلامية علينا على المنطقة فغيروا حالكم وكفوا اذى سلطتكم على العالم بأسره فقد صاروا مصدر الارهاب وما معاناة بزيبز الا بتوجيه سلطتكم لأنهم يكنون الحقد والثأر على تلك المناطق .