وصف قائد العمليات الامريكي الاستخبارية في العراق اثناء الغزو مايكل فلين، بان غزو العراق كان خطأ فادحا، وهو السبب في ظهور تنظيم الدولة الاسلامية (داعش)،وأضاف في تصريحات لصحيفة دير شبيغل له ( أن “الدرس التاريخي الكبير يتلخص بأن غزو العراق استراتيجيا كان قرارا سيئا بشكل لا يصدق. ولن يكون التاريخ متساهلا أزائنا”.)، هكذا يلخص مايكل فلين ورطة غزو العراق وتدميره ،على مستقبل امريكا ويصفه بالقرار السيئ ،وان التاريخ لن يكون متسائلا معها ،وكان قبله اوباما اعترف بان غزو العراق كان قرارا خاطئا ،وان المستفيد الاكبر من الغزو هو إيران واعترافات قادة امريكان وأوروبيين وآخرها اعتراف المجرم توني بلير رئيس وزراء بريطانيا ابان الغزو ، هنا قراءة لما بعد الغزو وتدمير العراق وسيطرة داعش والميليشيات عليه وتهجير وقتل نصف العراقيين ، وماهي تداعيات هذه الاعترافات ،وأهميتها على مستقبل امريكا والعراق معا ، هو اذن يعترف بان ادارة المجرم بوش بغزوها للعراق قد اوجدت تنظيم داعش وأوجدت ايران الميليشيات كمعادل لداعش ، وهكذا التقى طرفا التطرف بدعم وإشراف امريكي-ايراني باسم الاسلام ، وإشعال الطائفية في العراق للسيطرة عليه وإنهاؤه بعد تقسيمه الى الأبد هذا هو السيناريو الامريكي والإيراني معا ، وكل وحسب مشروعه الاستراتيجي في المنطقة ، وخطته الاستراتيجية التي افشلها الواقع ، وانقلب السحر على الساحر ، ففرخت داعش (دواعش اخرى)، وفرخت الميليشيات حشد شعبي تحول الى حرس ثوري عراقي على غرار الحرس الثوري الايراني ،ومن هذا المشهد الكارثي على جميع الاطراف الامريكية والإيرانية والعراقية والإقليمية ، نحلل ونقرأ الاحداث التي تلت الغزو وتداعياته على المنطقة كلها وليس على العراق وحده ، فأولى تداعياته ،كان الانهيار السوري ، وظهور الجيش الحر والنصرة وداعش وفتح الشام وأحرار الشام في سوريا وتحويل سوريا الى ساحة حرب دولية وإقليمية ، سنأتي على تفاصيلها لاحقا، اما في العراق ، فالخطأ التاريخي الذي ارتكبته ادارة المجرم بوش بعد خطيئة الغزو هو تسليم العراق لإيران وانسحاب القوات الامريكي في ليلة ليلاء ، وهذه اولى بوادر الانهيار العراقي ، وذهابه الى قاع الخراب والدمار والحرب ألطائفية التي اشعلتها ايران بالأحزاب الطائفية التابعة لها ،والتي تسلمت السلطة وأنشأت الميليشيات ألطائفية التي اعلنت الحرب الطائفية مباشرة وأدخلت العراق في اتونها تنفيذا لحقد تاريخي انتقامي ثأري إيراني وكانت الاعوام التي استلم فيها ابراهيم الجعفري رئاسة الوزراء ايذانا ببدء الحرب الطائفية التي اججها ابراهيم الجعفري بتخطيط ايراني للميليشيات وأطلق يدها لأول مرة في العراق ،فكان جيش المهدي ولواء اليوم الموعود والعصائب وحزب الله وقوات بدر ،وقتلت على الهوية وكانت الجثث تملأ شوارع ومزابل العراق ، ومنطقة خلف السدة والمعالف وكسرة وعطش والشعلة وغيرها شاهدا على ذلك اذن من بدء الحرب الطائفية هي الاحزاب الايرانية التي شكلت ميليشيات تدربت وتسلحت في ايران ويقودها قاسم سليماني ، ثم ظهرت القاعدة كرد فعل طبيعي على جرائم الميليشيات وكان الزرقاوي والقاعدة يصول ويجول في ديالى وبغداد وغيرها ،حتى وصلنا الى يومنا هذا من تصاعد اعمال العنف الطائفي وتشكلت ظاهرة داعش وسيطرة على محافظات واقضية ونواح وقرى وأعلنت نفسها خلافة إسلامية ومقابلها تشكل الحشد الشعبي بفتوى المرجعية ، اذن التقابل في الطائفية وتناميها جاء متزامنا بين الطرفين والضحية هو شعب العراق الرافض لجرائم الطرفين ، في حين تتفرج اداؤرة اوباما على المشهد الدموي في العراق ، والان تريد الخروج من الورطة والمستنقع باعترافات لا قيمة لها ، وتهيئ لمعالجة الخطأ الكبير في الغزو بخطأ اكبر هو (مشروع بايدن التقسيمي للعراق)، وهي لا تستطيع مواجهة داعش والميليشيات ولا تستطيع القضاء عليهما والتخلص منهما، سوى بالإيغال في الخطأ والخطيئة ، فهي تريد الان اعادة الاحتلال بقوات برية تعود للعراق للقضاء على داعش والميليشيات ، بعد ان فشلت استراتيجيتها في الحرب على الارهاب الداعشي/الميليشياوي ، وأصبح ظاهرة عالمية خطيرة تهدد الامن والسلم العالمي كله ، وما احداث غزوة باريس وفنلندا وبلجيكا وغيرها،إلا دليل على خطورتها ، لذلك حينما يعترف مايكل وغيره بفشل استراتيجية امريكا وفرنسا وروسيا وغيرها في القضاء على داعش بالقصف بالطائرات والصواريخ العابرة للقارات ،فان ذلك يبرر الغزو واحتلال المنطقة وتعرضها الى سايكس بيكو جديد ،تتلاءم مع مشاريع ومصالح الدول العظمى ، فان القصف الوحشي الذي تمارسه دول التحالف الامريكي والروسي والفرنسي ،يحقق لها اهدافا مزدوجة ، فهي تقتل اكبر عدد من المدنيين الابرياء وتدمر دورهم والبنى التحتية للعراق وسوريا، وتضمن اعادة بنائها بعد القضاء على داعش حسب ما تدعي علما بان عملية القضاء على داعش كعملية البحث عن ابرة في كومة قش او في غرفة مظلمة ، وثبت فشل القصف الجوي في تحجيم تمدد داعش الذي يزداد يوما بعد اخر وعملياته وغزواته تتكرر في اكثر من مكان في العالم ، وهذا دليل فشل القصف الذي لا يطال سوى الابرياء ، اذن تكديس وتحشيد الجيوش والطائرات وحاملات الطائرات والصواريخ المضادة للجو اس 400 ما هي إلا استعراض للقوة وتخويف شعوب المنطقة وهي (عركة القصاصيب) كما يقول المثل ألعراقي ليس الهدف منه ،قيام الحرب العالمية بين امريكا وحلفائها وبين روسيا وحلفائها، وإنما ثبت ان الهدف منه هو تقسيم وإضعاف المنطقة والسيطرة على مواردها والهيمنة على مقدراتها ، ولتامين امن وسلامة اسرائيل بتخويف الاخرين من خطر داعش (على حقيقته وأهميته) ، لان كل الدلائل تثبت وتشير ان اجندة اسرائيل تنفذها داعش بتخطيطها وبدونه، وما قتل اهل المنطقة وذبحهم (على القبلة )، من قبل داعش وتدمير حضارتها، وتفجير اضرحة الانبياء فيها والأولياء والرموز التاريخية والآثار والتراث ما هو إلا عمل منظم ومقصود، تهديم الحضارة العربية والإسلامية ،ومحو رموزها ومسح ذاكرتها إلا هدف مركزي لإسرائيل تحققه لها داعش بوعي وتخطيط منها او بإيحاء لها او خدمة لأهدافها التي قامت عليها فكرتها الصهيونية ، هذا هو المخطط الصهيوني-الفارسي-الامريكي الذي كان احد نتائج غزو العراق وتداعياته ، ولكن انقلب السحر على الساحر وأصبحت داعش ظاهرة عالمية تهدد امريكا والغرب في عقر دارهم ، هذا هو السبب في اعترافات الاوغاد الامريكان من رئيسهم الجبان اوباما الذب هرب من العراق وسلمه لإيران وميليشياتها ، مرورا بباول ورايس ودشيني وأبو المجرم بوش نفسه وحتى مايكل فلين ، ولولا ظهور داعش وتهديدها للأمن والسلم العالمي كما يزعمون لما اعترف هؤلاء الاوغاد بخطأ غزوهم للعراق وتدميره وقتل وتهجير نصف شعبه ، هذا الخطأ التاريخي هو احد علامات الهزيمة الاستراتيجية لأمريكا وهو منحدرها نحو الهاوية الاكيدة ، فالشعوب لا تنسى ما فعلته امريكا ، والتاريخ لن يرحم من يقتل الشعوب الحرة الحية المتطلعة نحو الحرية ، لذلك ففرية القضاء على داعش الان فرصة لإعادة رسم خارطة المنطقة بتوافقات دولية وإقليمية ، يكون الخاسر فيها ألعرب وقد ارادوا وحاولوا اشراك تركيا في مستنقعات هذه الحرب العالمية ،بجرها جرا الى الحرب فافتعلوا لها قضية ونصبوا لها اكثر من فخ،إلا ان اردوغان افشل وافلت منها بحكمته وتلاحم شعبه حوله في الانتخابات الأخيرة وفي قضية اسقاط الطائرة الروسية ،في حين غاصت ايران في مستنقعي العراق وسوريا الى اذنيها ،وهو مقتلها القادم وزوال عرش ألعمائم لأنها الهدف التالي بإذن الله ،وما الاتفاق النووي ببعيد عن سيناريوهات الدول العظمى ، نعم هو خطأ تاريخي وخطيئة تاريخية ارتكبتها ادارات امريكا المتعاقبة ، لأنها لحظة تاريخية تعلن فيها بدء انحدارها التاريخي الى هوة سحيقة حفرتها لها بنفسها ،وكان العراق الحضاري والتاريخي ،هو الحفرة التي ستبتلع مشاريع امريكا وتردمها ، على يد ابناء الرافدين الغيارى الصابرين .انها اللحظة التاريخية التي تدفع امريكا ثمن سياستها الفاشلة في الشرق الاوسط ،والخطأ التاريخي هو الثمن الذي ستدفعه امريكا للعراق ….