مسلسلٌ في حلقات
نتيجةً للظلمِ المتراكمِ عبرَ سنينٍ متواصلةٍ عضوض من قبل أجندة الاستعمار المتنفذة في الساحة الإقليمية العربية ، انتفضتْ الشعوب ُ المضطهدةُ لتمارسَ حقَّها في فرصةِ استردادِ الكرامةِ المسلوبة والانعتاقَ من شرنقة العبوديةِ إلى فضاءِ الحرية المفعم بالطيفِ الإنساني ، وقد حصل ما حصل وصُدمتْ هذه الشعوب بعد صيرورةِ الربيع خريفًا وتهاوي أوراقُه على أرصفةِ سوح الميدان العارمة بالدماء والتضحياتِ ، وبعد أن أدركَ مَن أدرك أنه قد أخفق في تحقيق ما كان يصبو إليه وعمَّت الفوضى وصودِر إلينا الإرهاب المتلفع بلباس الدين تحت مسميات ( داعش – النصرة – بيت المقدس ) وغيرها ، لم يقف المشهد عند هذا الحد من الحلقتِ المسلسل الاستدراجي ، إنما هو مسلسل في حلقاتٍ متتالية يفضي بعضا إلى بعضها الآخر ، فكلُّ ما سبق لم يكن إلا خطوةً لمشهدٍ جديد من مشاهد الاستعمار،ومن هذه الحلقات ما يتداوله المواطنون على مواقع التواصل الاجتماعي من مقاطعَ فيديو يُعرض فيها المواطن العربي لاسيما المسلم بصورةٍ مؤطرةٍ بإطار الإرهاب .
إن هذه الفيديهات تريد أن تكرس في ذهنياتنا أن العربي – ومنهم العراقي بطبيعة الحال – إرهابي بعيدٌ عن الإنسانية كل البعد ذاتٌ مهزومة لاتملك من الثقافة ما يمنحها مجاراة نظيراتها من العالم الآخر أو الاعتزاز بهويتها ، بعيدةً كلّ البعد عن عالم الإبداع والتطور ، ولذلك لايعول عليها أن تتصدر قائمة الاقتداء بل ينبغي عليها أن تقتدي بأسيادها ؛ إنهم هناك في القصور العاجية الرومانسية ، يفكرون بما ينفعك وما ينبغي عليك فعله في قادم الأيام ، هم يخططون لمستقبلنا ونحن نمضي قُدمًا حثيثًا نحو بناء هذا المستقبل المجهول ، وأيُّ مستقبلٍ هذا إنه يعيدنا إلى نقطة اللاعودة نقطة الصفر ، أو قل نقطة العبودية التي انطلقنا منها لتصحيح المسار.
ولكن أليس العرب يومًا كانوا أسياد العالم ألم يكن أشجع الناس وأعلم الناس وأدرى الناس بالسياسة علي بن أبي طالب – بعد رسول الله – منهم ، إن السير في ضوء هذه المنهجية المخطط لها ينتهي بنا إلى مجتمع اللاقيم والمباديء ولات حين مناص ، ينبغي لنا التوقف عن تداول وترويج هذه المقاطع وإلا سنعود عبيدًا بعد أن كنا أسيادًا كفانا استهزاءَ بأنفسنا ومسخًا لهويتنا ولنلتفت إلى تأريخنا العريق ففيه من صور الاعتزاز ما يجعلنا في أعلى رتب التقدم والتطور لو كنا صادقين في ذلك
