كُلما أعتقدنا أنا فارقناه يعود ألينا، ومهما أبتعدنا في غابات الأمل.. يلحق بنا، يأتي مثل نفسه صحراءٌ جرداء، يلحقنا ككلبٍ رميناه يوماً ما.. لجربٍ أصابه، يَحن ألينا و نقرف منه، مِن رائحته وطعمه ولونه.
مثل الشيطان يتلبس كُل شيء، ثعباناً مرة، حرباً مرة، صداماً مرة، صيادياً مرة، في كُل مرة يلبس الزيتوني ويلهث، يهرول ليس كمن خلقه خالق الوجود، يأتينا في وقتٍ ليس مثل الأوقات، في مكانٍ بعيد عن تعريف الأمكنة، يأتي؛ بكيفية تخصهُ هو فقط، يعود راجياً متوسلاً، ولو لحظة ولو نسمة ولو خاطرة، يذيقنا عذاباته!
لم تكن يوماً مشكلة الثوار مع أشخاص، إنها أختلاف مع منهج الشخص، خليفة أو رئيس، أموي أو بعثي، ليس ذنب صدام أنه ولد بهذا الأسم والبشرة والمنطق، لكن ذنب صدام أنه أختار هذا النهج، ذنبه أنه أختار التفوق في مدرسة الشيطان، كان “لعنته السماء” مواضباً على دروس الكبائر، قَتلَ وزنى وهتكَ وجوعَ وحرمَ وكفرَ كفرَ كفرَ، كفرَ حتى تَعبَ من الكُفر فكفر.
منهج ودروس وتجارب، حقيبة كانت كافية لتأهيل جيلٍ من مرضى النفس، ومع كُل أزمة مرض، مع كُل نوبة ألم، يتناثر البعث كقطيع الغراب الأسخف، مِثل الدماء يزحف على ثلوج أرواحنا، وكأنه يريد أن يقول أنه لن يغادر، وكأننا نُريد القول أنه لن يرحل..!
كأني في هذه اللحظة أقرأ رسالة عزت الدوري، لنائبٍ في برلمان الصُدف، كأني في هذا الوقت أطالع طالع شعبي الأسود، كأني أقرأ.. فنجاناً من السُم المسحور، كأني أقرأ..
“ولدي، قرة عيني، يا من حملتَ جذور البعث وعفلقيته، أيها المُجدد، مُجدد تأريخ رفاقك القتلة والمخمورين، يا ممثلنا وممثل المنسيين، نعم لقد حاولوا نسيان عبثنا ودمارنا، لكنك انت البار ذكرتهم به، وكيف يُنسى عصرنا؟، وإن نسوه فهل يُعقل أن يموت نهجنا!
رفيقي، لقد أثلجت صدورنا، بل أنك أثلجت قبور قادة البعث المجرم، صدام وبرزان وعدي، أتذكر يا ولدي كانوا يتصرفون مثلك تماماً، عندما كانت الدولة مُسجلة بأسم طلفاح، كانوا بالحصانة يقتلون، وبالحصانة يسرقون، وبالحصانة يشربون ويتعاطون ويهددون ويغتالون.
شكراً لأنك أحييت أمرنا لكن؛ طمني ياولدي: هل لا زال طلفاح حياً؟! “