القى اسقاط الطائرة الروسية سو خوي24 الروسية من قبل الطائرات التركية ،ظلالا معتمة وثقيلة شغلت العالم بأسره،وأضاف توترا شديدا على العالم ومنطقة الشرق الاوسط،قد يعجل بإعلان الحرب العالمية الثالثة، اذا ركب احد الاطراف وذهب الى ابعد من ارنبة انفه ،ولبس وهم القوة وقوة الوهم رأسه ومضى الى اخر الشوط من التصعيد والتهديد وتحشيد القوات والصواريخ والطائرات وغيرها ، وهذا ما يحصل لدى الطرفين ،استعدادا لما هو اسوء ، ولكي نسط الضوء على حادثة اسقاط الطائرة الروسية وتداعياتها ألخطيرة لابد من الرجوع الى ما قبل سقوط ألطائرة اذ سبقها اطلاق نار على طائرات روسية ، خرقت المجال الجوي التركي لاكثر من مرة، وصاحبها تحذيرات تركية قوية وتهديدات بإسقاط اية طائرة تخترق مجالها الجوي،بل واعتبرته اعلان حرب ضدها ،وتكررت عمليات خرق السيادة الروسية لسماء تركيا،وكان الرد التركي عنيفا ومباشرا دون مواربة او خوف من تداعيات هذا ألرد وكان هذا يشكل في حقيقته استفزازا روسيا واختبار ردة الفعل التركي ، وجس لنبضها ازاء اي عمل عسكري ضدها،وظلت تركيا متماسكة الاعصاب الى اخر الشوط الاستفزازي،حتى جاءت لحظة الانفجار، عندما خرقت مجالها طائرات روسية ،وأطلق لها الراصد التركي(10) تحذيرات بضرورة الابتعاد من المجال الجوي التركي ،الا ان الطائرات الروسية اصرت على تماديها في الخرق الجوي ، فقامت الطائرات التركية بواجبها السيادي وأطلقت صواريخها فأسقطت طائرة روسية ،وهذا يمثل الدفاع عن السيادة لطائرات خرقت السيادة التركية ، الى هنا والأمر عادي وقانوني تماما ولا غبار عليه ،بل هو موقف وطني تحتمه السيادة والحفاظ عليها ، الا ان الامر تطور ، اكثر عندما قامت المضادات الارضية للمعارضة السورية في جبل التركمان بقتل الطيار الروسي وهو نازل بمظلته في الجو،وزاد الطين بله قيام المضادات بإسقاط طائرة مروحية روسية حاولت انقاذ الطيار ، وهكذا خسرت روسيا طيارتين بساعة واحدة وقتل طواقمها، وهذا اعتبرته روسيا اهانة لها، وتحديا لقوة التي تتباهى بها في العالم ، خاصة وإنها تتهيأ للقيام بعملية عسكرية واسعة في سوريا والعراق للقضاء على تنظيم داعش ،حسب تهديدات الرئيس بوتين ،فكان الرد الروسي عنيفا جدا رافقه تحشدات عسكرية روسية هائلة على الحدود ،ودخول الجيش الروسي وطائراته وصواريخه التي ارسلها لسوريا من نوع(اس400) المدمرة في حالة انذار قصوى لأي طارئ لإعلان الحرب على تركيا،رافقها اجراءات روسية فورية تشي بعمل عسكري محدود على تركيا،فهو الغى زيارة مرتقبة لسرجي لافروف وزير الخارجية الروسية لتركيا ورفض طلبا تركيا للقاء،وطلب من الرعايا الروس من البقاء في تركيا ومغادرتها فورا وعدم زيارتها، وتعليق العلاقات والمعاهدات والاستثمارات معها وتجميد العلاقات الاقتصادية وغيرها من الاجراءات التحذيرية ، التي ترسل اشارات لتركيا كنوع من رد الاعتبار لروسيا ولو (نفسيا)، دون التجرؤ على اعلان الحرب التي تحاشاها لافروف وقال بالحرف بان روسيا(لا تريد ان تعلن الحرب مع تركيا)، فلماذا اذن التحشيد والتصعيد العسكري على الحدود وإغلاق المجالات الجوية معها وتعطيل العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية ، بكل تأكيد لا يمكن للحرب ان تعلنها روسيا على تركيا وتشن حربا عسكرية عليها ، وهي تدرك تماما انها ستخسر هذه الحرب لعدم وجود تحالف دولي معها سوى ايران المنهكة عسكريا والمعاقبة دوليا والغائصة بمشاكلها مع مجلس الامن وأمريكا، في حين الموقف التركي هو الاقوى قانونيا ودوليا، لان تركيا هي عضو مؤسس للحلف الاطلسي الذي عقد مباشرة اجتماعا تحذيريا لروسيا واستعداده للرد على اي ضربة روسية لتركيا، وهناك تحالف دولي كبير مع تركيا بحدود (56) دولة في مقدمتها امريكا وفرنسا وبريطانيا والمانيا وغيرها من الدول العربية ،اذن التحشيد الروسي قابله تحشيد عسكري تركي لإغراض استعراض القوة لا غير ، نحن نرى ان التصريحات التركية جادة وان اردوغان يسجل اعجابا عالميا في تصديه للعنجهية الروسية في المنطقة وإفشال مشروعها في الهيمنة والسيطرة وتفتيت المنطقة ، من خلال اصراره على ابقاء الاسد في السلطة وادعائه محاربة داعش،وهو يقصف المعارضة السورية في جبل التركمان وغيرها، ولهذا عندما سقطت الطائرة الروسية سقطت في ارض تتواجد فيه معارضة سورية هي الجيش الحر المراد قصفه والفصائل المسلحة الاخرى التي ليس لها علاقة بداعش بل تقاتلها بشراسة ،اذن اسقاط الطائرة الروسية (مدبرا تركيا ايضا) لأنه اضافة لخرق السيادة التركية إلا انه كان يقصد قصف المعارضة السورية وليس داعش الذي جاءت القواعد الروسية والصواريخ والمدرعات والدبابات من اجل القضاء على داعش والحفاظ على نظام بشار الاسد ، هكذا انفضحت الاهداف والنوايا الروسية لبوتين ، فكان الرد التركي في توقيته الصحيح للجم شراهة بوتين في قتل الابرياء وقصف المدن السورية وقتل ابناءئها بحجة داعش ، وما قوله بأنها( طعنة في الظهر) ،إلا اعتراف بان الضربة التركية حققت اهدافها في ايقاف عنجهية بوتين في استهداف المدنيين والفصائل المعارضة المعتدلة وليست المتطرفة كما يدعى بوتين ويقصفهم ليل نهار ، ان حرب الطائرات الروسية التركية حققت اهدافا استراتيجية لصالح تركيا والمنطقة وأظهرت بما لا يقبل الشك ان الدب الروسي يترنح في سوريا وان اظافره قد قلمها اردوغان بنفسه عندما صعد على الطائرة التركية وأعطى اشارة البدء بضرب اية طائرة تخترق الاجواء التركية مهما كان نوعها ، في حين اعتبر الرئيس اوباما الاجراء التركي لاردوغان اجراءا (دفاعا عن النفس والسيادة )، وهي رسالة قاسية لبوتين وروسيا في دعم اجراءات اردوغان العسكرية المقبلة ضد روسيا اذا قامت بعمل عسكري هستيري انفعالي ضدها،وهذا بحد ذاته هزيمة اخرى لبوتين ،في ان تواجده في المنطقة اصبح غير مرغوب فيها مهما قدم من تضحيات في مواجهة داعش وأخواتها ، اليوم تركيا في موقف القوي لأنها تدافع عن سيادتها ورأينا تعاطف ودعم العالم والدول العربية كلها لها ، بالرغم من ان تحالفا دوليا يشهده العالم الان يضم روسيا وامريكا وفرنسا وتركيا وايران وأمريكا وبريطانيا ضد داعش، وهذا لا يمنع ابدا اردوغان من حماية ارضه وسماءه من الاختراق الجوي ، وقد حقق اردوغان هدفا مضافا الى انتصاره(ولو دبلوماسيا وإعلاميا) ضد بوتين وصلافته وعنجهيته التي داسها اردوغان بقدمه امام العالم كله،فقد حصل على موافقة الاخرين ممن كانوا يعارضون قيام(منطقة عازلة داخل الحدود السورية)، وهذا مكسب اضافي لاردوغان يبعد تركيا عن التدخلات والاعتداءات التي يقوم بها داعش وحزب العمال الكردستاني، ويؤهل المعارضة السورية لمواجهة نظام بشار الاسد سياسيا وعسكريا،هذا كان احد اهم مكتسبات اسقاط الطائرة الروسية داخل الاراضي السورية ،انها حرب الطائرات التي ارادها بوتين ان تسجل نجاحا لها في توريط تركيا في دخول الحرب معها في العمق السوري لمواجهة تنظيم داعش وحزب العمال الكردستاني وجها لوجه بحجة محاربة الإرهاب وهذا ما اكتشفته تركيا بقيادتها الحكيمة وأفشلت هذه النوايا السيئة لروسيا وايران الحليف الاستراتيجي لروسيا في حلفها الرباعي الهزيل،نحن نرى ان التصعيد الروسي ما زال قائما ونظنه اعلاميا فقط،الا اذا تورط وتجرأ بوتين على ارتكاب حماقة في اعلان الحرب التي تحتاج الى عود ثقاب روسي لإشعالها في حرب عالمية ثالثة لا تبقي ولا تذر كما نوهنا في مقال سابق لها، وفي اعتقادي الشخصي ان بوتين لن يقدم على مثل هكذا عمل يوصل روسيا الى الانهيار والهزيمة المؤكدة (فهو باعتقادي حكيم وعارف ببواطن الامور)، لان الجميع ضد حتى اوكرانيا التي رفضت الترخيص بمجالها الجوي لعبور طائرات روسيا الى المنطقة ، وفي المقابل لا نرى تصعيدا تركيا رغم التحضيرات التركية واستعدادها بكل ثقة للحرب، إلا ان هذا يدخل في باب الدفاع عن النفس،وسط مطالبات دولية وإقليمية (للطرفين بضبط النفس ) وعدم جر العالم لحرب مدمرة جديدة ، حرب الطائرات مازال قائما بين تركيا وروسيا وان اردوغان ربح الجولة الاولى، فهل سيربحها في جولتها الثانية ،وهي تفكيك خطرها و نزع فتيل الحرب بينهما …