18 ديسمبر، 2024 7:16 م

70 % من واردات قطاع الطيران العراقي خارج ميزانية الدولة … والسبب !

70 % من واردات قطاع الطيران العراقي خارج ميزانية الدولة … والسبب !

حقيقة مؤلمة لكن حاضرة في مشهد انتكاسات قطاع الطيران المدني العراقي المتتالية ألا وهي عقود الشراكة ( الغير منصفة ) تارة مع الناقل اِلوطني العراقي شركة الخطوط الجوية العراقية وأخرى مع مطار بغداد الدولي وقبلها مع شركة الملاحة الجوية العراقية والتي لازالت تناضل ليومنا هذا من أجل التحرر من قيود عقد الاجنبي , هذه العقود التي تثير الاستغراب والتعجب في صيغة الاتفاق المبرم مع الجهات التي تقدم الخدمات لها (صيغة ال 70% لهم وال 30% لنا ) !
أن عملية تطوير قطاع الطيران المدني تحتاج الى دعم شركات متطورة في مجالها وهي بديهية معروفة في عالم الطيران وهو نهج أتخذته معظم قطاعات الطيران في العالم التي تغيرت نحو الافضل من خلال تعاقدها مع شركات متخصصة تقدم خدماتها الاستشارية والتدريبية بهدف تطويرها , ولكن وفق تعاقد منصف يضمن الحصول على الفائدة المرجوة في التطوير وهي مسؤولية يتحملها ( المفاوض ) في جهتي التعاقد , ولكن مانلاحظه هذه الفترة أن المفاوض العراقي لم يكن منصف في أداء مهامه في كثير من عقود الشراكة سواء في شركة الخطوط الجوية العراقية او في ادارة المطارات العراقية حيث كان (بقصد او غير قصد) متحيز للجهة الاخرى وهو مايؤشر الى فصل اخر من فصول الفساد المتغلغل الى كل مفردات عمل هذا القطاع وخصوصا شركة الخطوط الجوية العراقية والذي انهكها وجعلها قاب قوسين او أدنى من انهيارها وهذا ماصرح به قبل ايام وزير النقل العراقي ناصر البندر المسؤول الاول عن الشركة في مقابلة على قناة دجلة الفضائية .
من عقود ال 70% أو أكثر للغير أبدء بالعقد المبرم بين سلطة الطيران المدني العراقي وشركة ناس الكويتية التي تم أستقدامها لتحسين عمل بعض أجزاء مطار بغداد الدولي وتحديدا صالتي بابل وسامراء لمدة 9 سنوات بواسطة الشركة الوطنية العراقية للخدمات الارضية بإعتبارها مخولة من الشركة الكويتية لتقديم الخدمات للمسافرين في هذه الصالتين بدءاً من حجز التذاكر وحتى نهاية الرحلة بمبلغ 81,000,000 واحد وثمانون مليون دينار عراقي اي بحدود مليون و170 الف دولار لكاونترات هذه الصالتين ويضاف اليها نسبة 6% من نسبة الايرادات شرط ان تعمل ايضا يتجديد وتحديث البنية التحتية والمرافق للصالتين مع تركيب معدات جديدة وتنفيذ جميع الحلول التقنية المطلوبة وهو مبلغ زهيد مقارنة بايرادات المطار الحالية حيث لايتجاوز 10% من المبالغ المستحصلة من واردات المطار وهو ماأشارت اليه الاحصائيات المنشورة في تقرير قسم التخطيط في مطار بغداد الدولي من أن عدد المسافرين يزيد عن مليون ونص مسافر سنويا يستحصل من كل مسافر مبلغ وقدره 13$ مما يدر أرباح سنوية للمطار تقدر ب 19 مليون دولار ونصف سنويا , نعم بكل تأكيد نحتاج الى هذه الخبرات في تدريب كوادرنا وتطوير عملهم لكن ليس بهذه النسبة من الارباح التي قررها المفاوض العراقي في تجاوز واضح على ايرادات مالية مهمة كانت تدخل خزينة الدولة مما يضع علامات استفهام على هذا العقد من الناحية المالية .
أما العقد الثاني من عقود 70% للغير عقد الشركة البريطانية منزيز للخدمات الارضية التي استحوذت على تقديم اعمال الخدمات الارضية وتجهيز الوقود في شركة الخطوط الجوية العراقية لمطاري بغداد و الموصل الدوليين هذا العقد المثير للجدل والذي من أجله تظاهر العشرات من موظفي شركة الخطوط الجوية العراقية اعتراضاً على بنوده لما فيه من غبن لحقوق موظفي الخطوط الجوية وهدر أموال بمليارات الدنانير حسب ماطرحوه , وهو أيضا ماأكدته عضو اللجنة المالية النيابية ماجدة التميمي وحذرت منه كون ان هذه الاتفاقية ستؤدي إلى خسارة كبيرة لشركة الخطوط الجوية العراقية بهذه الصيغة التعاقدية بين شركة الخطوط الجوية وشركة منزز والتي حددت نسبـة 30 % منه للخطوط الجوية و70% لشركة منزز ولمدة 10 سنوات شاملة الارباح وهو مايؤشر الى فشل واضح للمفاوض العراقي في تنظيمه بنود هذا التعاقد وهو ما سألخصه في نقاط لتكون واضحة أمام الرأي العام العراقي اولا وأمام المسؤولين ثانيا :
سابقا الخدمات الأرضية وخدمات تزويد الوقود المقدمة للخطوط الجوية العراقية في مطار بغداد مجانية بعد توقيع العقد فرضت على الخطوط الجوية العراقية تسديد مبلغ بحدود ٤١ مليون دولار سنويا للشركة المشتركة لقاء الخدمات التي كانت مجانا.
سابقا يدخل إيراد إلى خزينة الحكومة العراقية مبلغ بحدود ٢٥ مليون دولار سنويا لقاء تقديم الخدمات الأرضية والوقود للطائرات الغير عراقية بعد توقيع العقد سيذهب هذا المبلغ للشركة المشتركة ٧٠٪ منزيز و٣٠٪الخطوط , أي تكون حصة الخطوط الجوية العراقية ١٨ مليون ونص دولار قيمة ال ٣٠٪ من المبلغ أعلاه وهو ٦١ مليون دولار واللي كان سابقا يدخل خزينة الدولة.
سابقا بحدود ٤ مليون دولار تدخل إيرادات للحكومة العراقية من عمليات الشحن الجوي بعد توقيع العقد ستكون قيمة ٣٠٪ حصة للخطوط وهي بحدود مليون و٥٠٠ الف دولار فقط .
سابقا خدمات الوقود تدر على ميزانية الدولة مبلغ بحدود ٤ مليون دولار سنويا وطائرات الخطوط مجانا حيث كانت صرفياتها بحدود ١٠ مليون دولار , وبعد توقيع العقد الذي حدد حصة الخطوط من ٣٠٪ ستكون ( صفر دولار) لا بل ستدفع ٧٠٪ من قيمة صرفيات طائرات الخطوط والتي تقدر ب ٧ مليون دولار إلى الشركة البريطانية.
خلاصة ماورد أعلاه تشير الى أن المفاوض العراقي حمل شركة الخطوط الجوية العراقية دفع مبلغ وقدره ٥٥ مليون دولار للشركة البريطانية والتي كانت سابقا تدخل خزينة الحكومة العراقية , بمعنى لاوجود للأرباح تدخل خزينة الخطوط بقيمة ٣٠٪ كما وقع المفاوض العراقي وإنما فرض هذا المفاوض على الخطوط دفع مبالغ من إيرادات الحكومة العراقية لتغطي أرباح الشركة البريطانية مقابل صرفيات طائرات الخطوط , هذه هي الحقيقة المؤلمة . (المصدر كتاب النائب جمال المحمداوي لوزير النقل العراقي).
كما معلوم أن صيغة عقود الشراكة يجب أن تصب في مصلحة الشريكين لا بل ممكن أن ينحاز كل طرف لمصلحته وهو ما لم نلمسه على المفاوض العراقي المفروض أن يكون ساعي الى التغيير نحو الافضل وتعزيز الإيرادات بل أن الدلالات تشير الى عملية تنازل أو تخلي أو بيع جزء حيوي ومهم من شركة الخطوط الجوية العراقية.
أما العقد الثالث الذي يندرج تحت عقود 70% للغير والذي يخص الخطوط الجوية العراقية أيضا عقد توفير الوجبات الغذائية لطائرات الخطوط الجوية العراقية والشركات الاخرى وهو ما نوه عنه وزير النقل العراقي قبل أيام خلال نفس اللقاء التلفزيوني على قناة دجلة الفضائية حيث أطلق على العقد مسمى ” عقد أذعان ” كون أن هناك شركة معينة مهيمنة على تجهيز الخطوط الجوية العراقية بتقديم وجبة لكل راكب تتقاضى مقابلها مبلغا ماليا يصل الى 15 ألف دينارعلما ان الوجبة لا تتضمن سوى أكلات بسيطة لا تكلف ربع هذا المبلغ , اضافة الى شكاوى المسافرين ضمن بعض الرحلات على رداءة نوعية هذه الوجبات , ولاأعلم لماذا الاصرار على هذه الشركة التي تقدم الوجبات والمهيمنة على عقد الطعام في الخطوط الجوية العراقية الا أذا كانت هناك جهات متنفذة تدعم بقائها , مع العلم أن هناك مطبخ تجهيز لوجبات الخطوط الجوية العراقية في داخل الشركة كوحدة أدارية ضمن ملاك الشركة بأسم الإعاشة تحتاج فقط الى دعم وأدارة ناجحة كي تضمن دخول الارباح ال 70% لخزينة الخطوط بدل ماتذهب الى الغير .
أن التحليل والتشخيص الدقيق للوضع الحالي لقطاع الطيران المدني يعكس صورة ضبابية عن واقع سيء لهذا القطاع وخصوصا وضع الناقل الوطني (الخطوط الجوية العراقية) وهذا ماتطرقت أليه في بعض الأمثلة للعقود التي وردت في مقالتي والسبب حسب رأي سوء الادارة مع وجود أيادي خفية مسلحة بالقوة والمال والسلطة تعيق عملية اعادة بناء وتطوير قطاع الطيران بصورة عامة وشركة الخطوط الجوية العراقية خاصة .
ختاما أود أن أوضح أني مع عقود المشاركة مع الشركات العالمية المختصة في مجال الطيران تحديدا في مجال تقديم الخدمات التدريبية للعاملين المحليين بهدف تطوير خبراتهم ليتحملوا هم مسؤولية تقديم العمل في القطاع وبشروط تعاقدية منصفة بل حتى منحازة الى الجانب الوطني وهي براعة يجب ان تتوفر بالمفاوض العراقي والاهم توفر الروح الوطنية والغيرة على مصلحة العراق أثناء توقيعه هكذا عقود .