23 ديسمبر، 2024 3:17 ص

6 / 6 / 2021 .. هل هو التوقيت الملائم للتغيير ؟!

6 / 6 / 2021 .. هل هو التوقيت الملائم للتغيير ؟!

قبل أيام ، أعلن رئيس مجلس الوزراء السيد مصطفى ألكاظمي إن 6 حزيران 2021 سيكون موعدا لإجراء الانتخابات المبكرة في العراق ، وبعد ساعات من هذا الإعلان تناقلت وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي المختلفة ردود الأفعال اتجاه هذا الإعلان حيث توزعوا بين مؤيد ومضيف لمقترحات وبين من يضع العصا في الدولاب ، وبعضهم دعوا لتقديم الموعد او تأخيره كما خرج البعض ليعلنوا وجهة النظر القانونية والدستورية والتحضيرات الواجب اتخاذها بخصوص الانتخابات ، وأعرب بعضهم عن خشيتهم من عدم ملائمة الموعد لما يتطلبه من قرارات من مجلس النواب تخص إكمال النواقص في تعديل قانون الانتخابات او استكمال متطلبات تفعيل المحكمة الاتحادية ، ودون البحث المعمق فيما يجب أن تعمله المفوضية المستقلة للانتخابات التي تعاني العديد من الثغرات ومنها عدم تحديث العديد من بيانات الناخبين منذ سنوات سهوا او بقصد ، خرجت تصريحات بوجوب تحضير التخصيص المالي لها لكي تتمكن من توفير المتطلبات ، وتوجه الآخرون صوب الموازنة الاتحادية حيث ابدوا استغرابهم من تحديد الموعد في ظل غياب موازنة 2020 والأزمة المالية التي تعيشها البلاد ، رغم علم الكثير بان نفقات الانتخابات لا تشكل عبئا ماليا على مجموع النفقات ووجود طرق عديدة لاختصار تكاليف الانتخابات نظرا لاعتمادها الدوائر المتعددة .
وبعض من التصريحات التي أطلقت لم يغيب فيها الجانب الوطني بشكل كامل ، ولكن معظمها كانت تساير مصالح الجهات التي تنتمي لها سواء كانت مؤسسات او أحزاب او كتل او شخصيات او غيرها من التسميات ( مع حفظ الألقاب ) ، ولكن الحلقة المفقودة في كل ما يقال بشأن الانتخابات هي محاولة إغفال او عدم التركيز على الدواعي والأسباب التي دفعت لإجراء انتخابات ( مبكرة ) للمرة الأولى بعد 2003 ، فهذه الانتخابات وان لم تخلو عنها نصوص دستور 2005 لم تأتي بأريحية الجميع لأنها جاءت كمطلب وبضغط من الجماهير التي ( انتفضت) في الأول من تشرين الأول 2019 ، وهي مطالب حظيت بقبول وتأييد ومباركة الكثير من أعضاء مجلس النواب ( في حينها ) حين عقدوا جلسات استثنائية لمناقشة مطالب المتظاهرين ، وكان السيد الحلبوسي من أكثر المبشرين لإجراء هذه الانتخابات عند ظهوره مع المتظاهرين في ساحة النسور او عند رئاسته العديد من جلسات مجلس النواب بخصوص الموضوع ، و الانتخابات المبكرة غايتها إجراء التغيير في العملية السياسة وليس الانقلاب عليها لان اللجنة التي شكلت لاقتراح تغيير في الدستور لم تنجز أعمالها لحد التصويت على التغييرات ، وجمهور هذه الانتخابات من الشعب وبعضهم ممن لم يخرجوا في انتخابات 2018 او الذين اقترعوا فيها وعلموا بما حصل من تزوير او غيرها مما يقال ، كما إن دعاتها ممن يشعرون باليأس من اكتساب الحقوق بعد إسقاط النظام البائد الذين يعيشون اليوم بالعديد من المعاناة تخص تفاصيل أمور الحياة.
ورغم إن دعوة رئيس مجلس الوزراء لا تزال حبرا على ورق لأنها لم تقترن بآي عمل ولم يتخذ بشأنها ما تستلزم من قرارات وإجراءات ومنها تهيئة المتطلبات التشريعية والإجرائية ، إلا إن التصريحات بعدم ملائمة الموعد او المطالبة بتقديمه او تأخيره لم تنقطع قط كما إن الجدلية بخصوص حل مجلس النواب لا تزال مستمرة ، وهي تصريحات لا غبار عليها لان من حق إي مواطن أن يدلو بدلوه بمثل هذا الحدث الذي لم نشهده من قبل لان القضية عامة وتخص كل العراقيين ، ولكن ما يخشاه البعض هو الجزء الغائب عن تحديد موعد الانتخابات ، فالانتخابات المبكرة ولدت فكرتها في ساحات الاعتصام ولكن لم تحدد مواعيدها وتوقيتاتها في المكان الذي ولدت فيه ومن قبل المعتصمين لان السيد ألكاظمي لم يشير لتنسيقه بهذا الخصوص بأي شكل من الأشكال ، فانتخابات من هذا النوع تتطلب الاستعداد من قبل الراغبين بالتغيير من خلال تنظيم صفوفهم وتحديد مرشحيهم وتحديد الطرق التي يمكن من خلالها تقليل عزوف الناخبين عن الاقتراع إلى أدنى المستويات ، لان قوتها تستمد من حجم المشاركة فيها بما يحقق التفوق في عدد الأصوات التي تحسم النتائج للمرشحين ، ففي الانتخابات لا تنفع الهتافات والاعتصامات وكل أشكال الرفض الحسي والحركي فالعامل الحاسم هي الأصوات في ظل الإشراف الاممي الذي يتوقع أن يكون له حضور فاعل في هذه الممارسة التي تتعاطف معها العديد من المنظمات الدولية على أساس إنها ردا للمظالم والحقوق ، ومما يزيد المراقبين تخوفا هو إن الوقت لغاية 5 حزيران 2021 ينقضي يوما بعد يوما دون أن يشهد البلد حراكا مما يسمى التنسيقيات او غيرها من التسميات التي نطقت باسم المتظاهرين لتكون بمستوى الحدث القادم الذي يفترض أن يعول عليه الكثير نحو التغيير المنشود .
وكما يعرف الجميع ، فان الدولة يفترض أن تكون لها جداول عمل للإيفاء بما تتطلبه الانتخابات لحين الموعد المحدد ( إن لم يحصل فيه تغيير ) ، كما إن الأحزاب والكتل والكيانات وكل فرد من له طموح في الحصول على مكاسب انتخابية ستكون لهم طرقهم وخططهم للوصول إلى ما يريدونه من غايات ، وستجد جميع الأطراف الأخرى التي لها مصالح محددة طرقها في ولوج الانتخابات ، ولكن ما يثير تساؤلات البعض هي مسألة الإفصاح عن الوسائل التي سيتم ولوجها من قبل الراغبين والداعين للتغيير في ولوج انتخابات مبكرة ، وأسباب التساؤل هو عدم الإفصاح ( لحد اليوم ) عن الطرق والوسائل التي سيتم فيها تغيير وجهات نظر الناخبين من حالة العزوف إلى المشاركة الفعلية بالاقتراع بشكل يبهر المراقبين والمتابعين ويسقط فرضية عدم القدرة على التغيير بالمسارات الديمقراطية المشروعة التي لا تحتاج إلى انقلابات او تدخلات خارجية ، ويعتقد البعض بان سياسة الصمت او عدم الإفصاح المبكر سببها التخوف من إلاجهاض المبكر لها في ضوء ( قوة ) بعض الأطراف المقابلة ، ولكن هناك من يعتقد إن القضية لم تنظم بعد لان كل ما نتج من تصريحات بخصوص الموضوع إن المعتصمين استغربوا تحديد موعد الانتخابات قبل الكشف عن أسماء المتورطين بدماء الشهداء والجرحى وبقاء عشرات او مئات المغيبين منهم دون تحديد المصير ، وهناك من يقول إن التحرك المبكر ربما يعرض البعض إلى تهديدات او اغتيالات او مضايقات بأي شكل من الأشكال باعتبار إن الدولة لم تتخذ خطوات عملية في الحد من انتشار السلاح غير الرسمي ، وبغض النظر عن ما يدخره القائمون على التغيير من دعاة الانتخابات المبكرة فان من حقهم اتخاذ تدابير تحقق الأهداف وتحمي الأرواح ، ولكن من المفيد الإفصاح أولا عن مدى ملائمة الموعد المحدد في 6 حزيران من حيث جاهزية الجمهور الراغب بالتغيير في نيل مبتغاه بالطرق السلمية المحمية من قبل الدولة وعبر صناديق الاقتراع ، لان الانتخابات المبكرة في ثقافات الشعوب الديمقراطية هي استجابة لرغبة جماهيرية مشروعة ومن المهم استثمارها لتحقيق أعلى الغايات الوطنية ، فمثل هذه الفرص لا تتكرر للعديد من المرات ولا تتحمل المجاملة بالمواعيد او القبول بالأمر الواقع ، والمذاكرة في ليلة الامتحان لا تصلح لهذه الحالات .