كتاب قواعد السطوة لمؤلفه روبرت جرين ونقله للعربية د. هشام الحناوي والمؤلف هو كاتب امريكي أشتهر بكثر مبيعات كتبه والأسم الأصلي للكتاب 48 قانونا للقوة ينسف كل ماتعلمته سابقا ويضعك أمام فكر جديد ملئ بالتجارب والتحديات ويكاد يحطم قواعد الأخلاق المتعارف عليها ويضع عقلك امام مغامرة كبيرة وقد تجد بعض هذه القواعد معروفة لديك بحكم الفطرة والتجربة ولكنها قد تكون مهملة في اجزاء مظلمة في عقلك وفي مقدمة قواعده قاعدة جوهرية على قدر من ألاهمية وهي الأقتصاد في الكلام, هل فكرت بهذا؟ ربما فكرت مثلي؟ ربما اقتنعت سابقا بأن الافضل لك ان تكون كثير الكلام فذلك يضعك تحت الاضواء ويجعل الجميع ينصت لك فيمدح فيك الجرأة في طرح الأفكار. ولكن قواعد روبرت جرين الثمانية والأربعين تسير في مسار اخر فهو يقول ” كن مقلا في الكلام ” اذا كانت السطوة تحظي بأهتمامك وهي مشروع دفين في رأسك. “فكثر الكلام يضيع الهيبة والوقار” بل ان جرين يذهب الى ابعد من ذلك فحتى لو قلت كلاما تافها يحتمل التأويلات و بشكل قصير فذلك اجدى لوقارك وهيبتك ولطريق احلامك نحو السطوة فأصحاب السطوة لايتكلمون كثيرا وهذه خطتهم لأرهاب الناس فالكلام الكثير قد يجعلك تقع في المحظور فتقول كلاما غبيا لامعنى له قد يكون له وقع سئ عند الأخرين. لكن في العالم العربي فأن من يبحث عن السطوة لايمل من الكلام واطلاق الأكاذيب والوعود.
لكن جرين لايطلب منك ان لاتلفت انتباه الناس اليك بل انه يضع لك قاعدة اخرى تقول ” الفت اليك الأنظار بأي ثمن” وان لاتكون نكرة حتى لاتتجاهلك الناس ولكن كيف؟ ليس بكثر الكلام ولكن “بالمكانة والحيوية والغموض”.
حسنا واجهت بعض الالتباس في البداية فكلمة السطوة هي كلمة قد تثير الكثير من التساؤلات وتفتقد مثلها مثل كثير من المفاهيم السياسية الأخرى الى تعريف واضح ودقيق فالسطوة هي القوة وهي السلطة وربما تتسع اكثر فتدخل في دهاليز اكثر طولا وظلمة وتعرجا والتفافا. لكني قررت ان اراهن بأن جرين يشير الى مفهوم عام عند حديثه عن السطوة أنها تبدأ بك وبعلاقتك مع الأخرين وبتأثيرك عليهم من خلال اتباع بعض الأساليب والمراهنة عليها. ولاشك ان النتائج التي ستجنيها هي التي تقرر في النهاية ان كانت أساليبك قد اتت بثمار ايجابية أم عكسية. لكنك يجب ان تكون مناورا جيدا وقد وجدت ان قواعد جرين قد تلتقي وقد تصدم ببعض ولاأريد ان اقول ان جرين يناقض نفسه احيانا بل ربما ان الحدود بين هذه القواعد قد تكون متداخلة بشكل مربك ومشوش للعقل.
لايجد غرين غضاضة في ان تكون في سعيك نحو السطوة ان تكون انتهازيا ففي سعيك الدؤوب نحو غايتك لاضير في ان تستخدم سعي الأخرين ومعارفهم لتحقيق مآربك فذلك يوفر لك السرعة والكفاءة واهم شئ الوقت. لاأظن ان جرين يأتي بشئ جديد في هذه القاعدة فهو أسلوب معروف عند أغلب الساسة وهي استخدام الأخرين كأدوات لتحقيق اغراض شخصية, وفي النهاية لاأحد يذكر كيف وصلت ولكن الكل يعرف انك وصلت فالغاية في النهاية تبرر الوسيلة. وفي نفس الأتجاه الأنتهازي النفعي يطلق جرين قاعدة تقول ” اجعل الناس تعتمد عليك في تحقيق استقلالهم وازدهارهم لكن لاتعلمهم مايكفي ليستغنوا عنك”. ربما يبدو لنا ذلك قمة في الانانية ولكني لاأشك اننا نفعل ذلك في غيبة عن ضميرنا وصراخنا الدائم عن المثل والقيم والأخلاق هو من اجل ارضاء غرورنا وتخدير حواسنا وان هذا الموقف الأخلاقي لايعبر في الغالب سوى عن موقف شفهي.
في قاعدته التاسعة يلخص جرين قاعدته بالقول انتصر بافعالك وليس بكلامك ولاتلتفت لانتصارات لحظية سفيهه تكسبك الكثير من الأعداء بل اجعلهم يتفقون معك من خلال افعالك. لكن المشكلة هي اننا في الواقع نفعل اي شئ من اجل ان نخرج منتصرين ظافرين غانمين في هذه اللحظة ألانية التي نثبت بها للاخرين اننا على حق حتى وان لم نكن كذلك واننا نعرف ذلك ولكن كبرياؤنا لايريد ان يخرج خاسرا امام الآخرين, اننا نريد ان نسحق الأخرين بمنطق القوة وليس بقوة المنطق. حتى الادبيات التفتت الى ذلك فجعلت من الاعتراف بالخطأ فضيلة ولكن من يهتم بالفضيلة الفضيلة هي ان تنتصر في معركة كسر الارادة عند الأخرين ولكنك في هذه اللحظة تفقد سطوتك لصالح خصمك فيتكالب عليك الحاقدون فيجرونك لمعركة لست مستعدا لها. ان المعركة الرابحة نحو السطوة هي ان تكون قليل الكلام كثير العمل. أبتعد عن البائسين انهم يجرونك نحو الفشل وقد يصيبك مافيهم ,خالط السعداء والمحظوظين بهذه الكلمات يلخص غرين قاعدته العاشرة. التعاسة داء يصيب به الفاشلون والفاشل يضع لك العراقيل فنجاحك يضع فشله تحت المسائلة ولذلك يريد ان يجرك الى مستنقع الفشل الذي غرق فيه, سيرسم لك صورة بائسة كلما اردت ان تخطو خطوة للامام لذلك تقدم دون ان تلتفت اليه. في سبيل طريقك نحو السطوة يرسم لك جرين طريقا تكون فيه جاسوسا على منافسيك من خلال طرح الاسئلة التي تكشف نواياهم وخططهم. أي انك تجعلهم يثرثون أمامك لتكشف عن مايفكرون به لا ان تفعل العكس تسرف في الكلام فيعرفون عنك كل شاردة وواردة.
ثمة قاعدة وضعها جرين لايجب ان تكون غريبة على مسامعنا كعرب, فقد نلنا منها نصيبا وافرا على مدى التاريخ وهي تقول اسحق اعدائك دون رحمه وهذه القاعدة عرفناها عن الحكام و القادة الكبار الذين بطشوا بخصومهم بشكل لاتقوم لهم قائمة سواء كان ذلك على مستوى الأفراد او الدول.
هذا الأجراء الوقائي سيرحمك من عدوك الذي ان استعاد قوته سيبطش بك بلارحمه كما يخلص جرين الى ذلك.
قواعد روبرت جرين تتنتقل من المتعارف عليه الى الامتعارف عليه ولكنها في المجمل تنطلق من الرغبة الأنانية الضيقة المستعدة لان تزيل كل مايقف امامها من عقبات دون الالتفات لأى مبادئ او قيم او مثل. الطريق سالك وعليك ان تتجرد في كثير من الأحيان من انسانيتك لتحقق احلام السيطرة والقوة. لكن في كل الأحوال فان قواعد جرين نحو السطوة هي في النهاية تخمينات وفرضيات تنقصها الاختبارات العملية وان لم تخضع للمنهج العلمي ستبقى رسما في الرمال.