حين رُفِعَت راية النصر ثم طُوّقت بالحنين
سعد البيتنكس
لم يكن وحدَهُ الحسين،
بل كانت لهُ رايةٌ ترتفع قبل الشمس،
وكان لهُ جيشٌ من لهفةٍ
ومن دعاءٍ سكنَ الملاعق قبل أن يُغرف الطعام.
صباحُ عاشوراء، رفرفت الراية… وقالت للسماء
النصر لنا، وسيفنا لن ينكسر،
فالحسين لا يُهزَم إلا إذا تناثرت القلوب عن قلبه
لكن بعد الظهر، مالت كفة الزمن،
ودخلت الكتائب الحمراء،
كأنها سحابةٌ من نسيان،
قلبت الطاولة، وطوّقت الضوء
حول نهرٍ يُشبه الرجاء
مسلمٌ كان يقاتل في الكوفة،
يزيد في البصرة،
والحصين ابن نمير يتقدّم من حيث لا يُراد له أن يُرى،
كلهم أرادوا أن يمنعوا اللقاء،
اللقاء الذي إن حدث
لكان اليوم ليس عاشوراء،
بل بداية وطن.
زين العابدين جريح،
والخطة تتغيّر،
والدعاء يُحرّك السيوف،
كما تُحرّك أمي الطبخ في دعائها الأخير
ثم، بقي الحسينُ وحده،
كما يبقى الكرسي الخشبي بعد أن يغادر الأحباب،
يقف… لا حبًا بالوقوف،
بل لأنه لا يريد أن ينكسر وهو يرى النسيان
أراد الماء، لا ليشرب،
بل ليصل إلى شيعته
فنادوا عليه
حولوا بينه وبين الفرات،
دعوه يبقى وحده،
فالفرات ليس ماءً… بل لقاءً نخشاه.
في آخر اليوم،
لم يكن الحسين وحده،
بل كان معهُ الأنصار الذين صاروا شهداء،
والراية التي لم تُسقط
بل رُفِعت للخلود