خرجت من المدرسة بخطوات سريعة والقلق يملأ نفسي ولم اتجه الى بيتنا وانما كان توجهي الى بيت صديقي (كرم) وعبرت الشارع الرئيسي الى الطريق الفرعي ورحت اعد على اصابع يدي ارقام البيوت …نعم رحت اعد ارقام البيوت لأن انشغالي بسبب تأخر صديقي عن الحضور الامر الذي جعلني انسى معالم الطريق وحين بلغت الرقم (5) على ناحية اليمين وصرت ازاء واجهة البيت المطلية باللونين الازرق والابيض اندفعت مسرعا وضغطت زر الجرس .
رن الجرس رنينا متواصلا ولم استمع الى اي جواب فتوقفت للحظات ومن ثم عدت اضغط الجرس وانا ارسم بمخيلتي صورة لصديقي وهو يفتح الباب ويلقاني سعيدا مرحبا ولكن كل ذلك كان مجرد وهم ……………..ليس من مجيب……ليس من مجيب.
انتظرت لوقت ليس بالقصير ثم واتتني فكرة اسرعت بتنفيذها على الفور فرأيتني اتوجه الى بيت (ابو صادق) وهو اقرب البيوت لبيت صديقي كرم وضغطت زر الجرس وسرعان ما فتح الباب ووقف صادق الذي يقاربنا عمرا وان كان في مدرسة اخرى فرحب بي ودعاني الى الدخول ولكني وبصوت متهدج سألته عن صديقي واوضحت له سبب قلقي عليه فلاح عليه الحزن وهتف بنبرة حزن وقد ارتسمت على ملامح وجهه علامات الالم قائلا:-
الم تعلم بأن كرم قد ادخل المستشفى يوم امس ………………..!!!!!!!
لماذ1….؟
ان لذلك حديث يطول وسببه الغفلة .
اي غفلة هذه التي اودت بصديقي الى الاذى مما استوجب دخوله المستشفى…؟
لقد كان قبل الامس هو ووالديه في بيت عمه جلال وعند الظهيرة عاد العم من العمل وكانت زوجته مشغولة في المطبخ ولذا طلبت الى احد الصغار ان يقوم بفتح الباب لدخول العم جلال بمركبته الى فناء البيت ولم يكن من الطفل الا ان ركض مسرعا وقام بفتح الباب لكنه سرعان ما تركها ومرق مسرعا امام المركبة فكاد العم ان يدهسه لولا ان ركض اليه كرم وامسكه واندفع الى الجانب الاخر ولكنه سرعان ما سقط ارضا نتيجة اختلال التوازن ونتج عن ذلك السقوط ارتجاج وفطر في الجمجمة…………………….!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
اي غفلة اعظم من هذه الغفلة اما كان يجدر بالزوجة ان تأخذ بنظر الاعتبار تصرف الطفل المفاجئ وكيف لم تحتسب لهذا الامر حساب وهل كان تأخرها لتلك الدقائق التي تقضيها لفتح باب البيت اهمية بحيث افرزت هذه النتيجة المؤلمة …يا للغفلة … يا للغفلة التي تودي الى حوادث وفواجع كان يمكن تداركها بشيء من الحذر والنظر في عواقب الامور قد يقدم الكثير على ذلك الكثير ولا يقتصر الامر على فئة او جنس او عمر …
بقينا نتساءل ونلقي باللوم على المقصر الاول في هذه الحالة الا وهي المرأة التي لم تحسن اختيار من ارسلت وان اعقب ذلك الامر ندما والم ……………
نعم قلنا كلماتنا ولكن هل يغير لومنا الحال وهل سيعود الينا كرم بعد هذه الحادثة كما كان .
قال صادق:
-ان كرم دائما سباقا للخير ذو نفس كبيرة رغم صغر سنه شهم طيب ولكن ها هو اليوم طريح الفراش .
بعد لحظة من الصمت قلت:
نسأل الله له الشفاء العاجل ,اريد ان ازوره في المستشفى رفقة ابي فهلا اعطيتني اسم وعنوان المستشفى الذي يرقد فيه…؟
نعم حاضر.
ذهب الى غرفته وسرعان ما عاد وسلمني ورقة فيها اسم وعنوان المستشفى وابلغني انه هو ايضا سيزور كرم ويطمئن عليه .
مضيت الى بيتنا وحين قابلتني امي امتعضت لما رأت من علامات الحزن ظنا منها ان النتيجة النهائية للعام الدراسي هو الرسوب فبادرتني القول:
لا عليك …لكل جواد كبوة …المهم انك بذلت جهدك وعليك ان تكون اكثر مثابرة على الدراسة في العام المقبل…….
لم اشأ ان اقطع حديثها فهي دائما تشد ازري وتمسك بيدي وتدفعني الى ان اكون اقوى ارادة وان لا استسلم لليأس عند الاخفاق ولذا حين اتمت حديثها بادرت الى وضع شهادتي المدرسية بيدها ,فعلت ذلك ولم انبس ببنت شفة لكي تكون الشهادة هي توضيح مناسب لما فكرت وهنا اندفعت نحوي تحتضنني وتقبلني وعادت تسألني عن سبب حزني وحين اخبرتها عن دخول صديقي كرم المستشفى رفعت يدها الى السماء ودعت الله تعالى له بالشفاء العاجل واخبرتني بأن الله تعالى سوف يشفيه ويعافيه ويعود احسن حالا وانها سترافقني وابي الى زيارته في المستشفى.