23 ديسمبر، 2024 3:41 م

الأصل في المجالس البرلمانية، أن تقوم الحكومة بإقتراح مشاريع القوانين ومناقشتها داخل الإجتماع؛ وبعد التصويت عليه بالموافقة يتم إرساله الى وجلس النواب للتصويت عليه (سواء بالموافقة أو الرفض)، دور مجلس النواب هنا عدا عن كونه يقوم بـتشريع هذا القانون أو غيره، فهو كذلك يقوم بالرقابة على التنفيذ وتصحيح عمل السلطة التنفيذية. بالإضافة الى ذلك فإن لمجلس النواب إقتراح مشاريع قوانين على السلطة التنفيذية، وذلك بحسب ما جاء بنص المادة 60/ ثانيا من الدستور ((  مقترحات القوانين تقدم من عشرةٍ من اعضاء مجلس النواب، أو من احدى لجانه المختصة)).
في نصوصه الخاصة بإمتيازات كل من (رئيس الجمهورية ونائبيه، رئيس الوزراء ونوابه، رئيس مجلس النواب ونائبيه، وكذلك السادة أعضاء مجلس النواب والوزراء وأصحاب الدرجات الخاصة) لم يمر نص واحد يقرر لأي ممن تقدم ذكرهم أنه يستحق راتب تقاعدي؛ كل الذي ذكرت المواد أنهم يتم تحديد حقوق وإمتيازات لهؤلاء، فإذا تصور أحد منهم بأنه يستحق فعلا راتب تقاعدي فهو واهم أيما وهم.
نصت المادة 38 من قانون التقاعد الجديد، والذي أثار لغطا كبيرا في الشارع العراقي على أن ((اولاً:- يستحق رئيس الجمهورية ونوابه ورئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء ومن بدرجتهم ومن يتقاضى رواتبهم وفقاً للقانون الحقوق التقاعدية محسوبة على أساس آخر راتب تقاضوه على أساس النسبة المنصوص عليها في البند [ ثانياً] من المادة [22] من هذا القانون وتعد خدمات الوزراء المقضية خلال إستيزارهم خدمة مضاعفة للأغراض كافة.
ثانياً:- يستثنى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء من شرطي الخدمة والعمر وتبلغ خدمتهما [15 ] خمسة عشر سنة إذا كانت اقل من ذلك.
وبمراجعة لحوادث سابقة فيما يخص هذه الرواتب، نجد أن المحكمة الدستورية والتي هي أعلى سلطة قضائية، كانت قد أقرت بعدم إستحقاق أيا من هؤلاء الذين تقدم ذكرهم لراتب تقاعدي، ثم أن نفس القانون يقرر بأن الموظف الذي تقل خدمته عن خمسة عشر سنة لا يستحق تقاعد، بل يستحق مكافأة نهاية خدمة (المادة 21/ سادسا)، أما أن السادة النواب يتصورون أنفسهم أعلى من القانون فهذا شأنهم!
أما تشدق البعض بأن الدستور قد منح أعضاء مجلس النواب حقوق وإمتيازات، في الوقت الذي منح رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء راتب ومخصصات؛ فهذا لا يؤسس لمنح أيا منهم تقاعد ذلك لأنهم موظفي بالتزكية وليس بالتعيين ولم نسمع في أي بلد (بالطبع عدا العراق) أن هؤلاء الأشخاص يستحقون بعد أربع أو حتى ثمان سنوات تقاعد مدى الحياة، يفوق تقاعد من أفنى عمره في الوظيفة، ومع ذلك يمنح راتب تقاعدي يكاد أن يكون مهلهلا أمام تقاعدهم ذي الأرقام الفلكية.
إن أملنا كبير بالمنصفين من أعضاء المحكمة الإتحادية في نقض هذه المادة وإلغائها وتمرير بقية فقرات القانون رغما عمن يتشدق بالوداعة ومراعاة حقوق الناس لأنها مجرد دعاية إنتخابية لا تصمد مع الواقع في شيء، ويكفيكم خزيا وشنارا أن المرجعية الدينية أنها حرمت على المواطن منح أصواتهم لأمثالكم.