يبدو أن سياسيينا ومسؤولينا الكبارلا يعلمون ما صنعت أياديهم بهذا الوطن وبهذا الشعب بكل شرائحه، فهم فعلا في واد والشعب في واد آخر!.حيث يتضح بأن المنطقة الخضراء بأسوارها العالية التي يعيش فيها غالبية مسؤولي الدولة وقادة الأحزاب السياسية، قد عمت قلوبهم وأبصارهم عن معرفة ورؤية حقيقة الكارثة التي أوصلوا العراق أليها!؟.كما أن الشعب لا يتذكر أن قام مسؤول أو زعيم حزب سياسي أو حتى وزير بزيارة هنا وهناك منذ حكومة علاوي المؤقتة مرورا بحكومة الجعفري فالمالكي فالعبادي ليتفقدوا أحوال الرعية أسوة بما كان يفعل الرسول العظيم (ص) أو الخلفاء الراشدون (رض)!، بأعتبار أننا دولة تحكمها الأحزاب السياسية الأسلامية!، حتى في أحلك الظروف والمأسي التي مرت على هذا الشعب والوطن من كوارث التفجيرات الأرهابية الى كوارث غرق بغداد ومناطقها في كل موسم شتاء، الى كوارث الأزبال والأوساخ ومكبات النفايات التي صارت تتوسط العاصمة! بل صارت هذه الأوساخ تمثل احد معالم ومشاهد العاصمة بغداد أينما ولينا وجوهنا!؟.
وأن كانت هناك زيارات فهي لا تتعدى أصابع اليد!، ودائما ما تكون لأغراض أعلامية دعائية! أو وهذا هو الأهم لغرض الدعاية السياسية عند قرب موسم الأنتخابات ،لا حبا ولا حرصا على الشعب ولا لتفقد احواله، وهذه الزيارات كثيرا ما تحدث عنها المواطنون أمام كاميرات وسائل الأعلام والفضائيات بالقول ( يجونا بس وكت الأنتخابات وبعد منشوف وجوهم!).أو أن زيارة المسؤولين للشعب تكون أثناء الزيارات والمناسبات الدينية وتحديدا في عشرة عاشوراء ذكرى أستشهاد أبي الأحرار الأمام الحسين عليه أفضل السلام، حيث يشاركون الزوار بلبس السواد واللطم وأكل القيمة والهريسة! مستغلين طيبة هذا الشعب وأستدرارا لعواطفه الذي حالما يراهم يبدأ بالهتاف (علي وياك علي)!. نأتي الى صلب الموضوع، لم تكن زيارة رئيس الحكومة( العبادي) الى محافظة الكوت وتحديدا الى (جامعة واسط) موفقة بالمرة!، ولا أدري ما الذي دعاه الى تلك الزيارة؟ ولماذا أختار جامعة واسط لعقد أجتماع رئاسة الوزراء هناك؟ هل جاءت كدعاية أنتخابية مبكرة؟ أم لمعرفة شعبيته بين الطلاب بأعتبارهم الطليعة الواعية والمثقفة في البلاد؟ وأذا كان الأمر كذلك، ألم يشر عليه أحد مستشاريه، أو مساعديه أم نسي هو أو تناسى! بأن طلاب الجامعات هم كباقي شرائح المجتمع وهذا الشعب الذي يفور كالبركان ووصل حد الأنفجار الرهيب بسبب ما آلت أليه أوضاع البلاد من خراب ودمار!، وهل نسي (العبادي) بأعتباره رئيس الحكومة والمسؤول الأول عن هذا
الوطن وهذا الشعب شاء أم أبى!، بأن خريجي الدراسات العليا من حملة شهادة (الماجستير والدكتوراه) قد حرقوا شهاداتهم وأطاريحهم العلمية قبل أشهر أمام مبنى وزارة التعليم العالي لعدم وجود فرصة للتعين لهم!!؟؟. فأذا كان هذا حال أصحاب الشهادات العليا، فماذا يتوقع من طلبة المراحل الدراسية في الجامعة الذين سينضمون الى طابور البطالة والضياع بعد التخرج؟! ألم يعي رئيسنا المفدى!! بأن البطالة في العراق وصلت الى حدود 50% والنسبة الأعلى هم من خريجي الجامعات!؟.ماذا كان في بال وفي تصور العبادي عند زيارته للجامعة؟ هل توقع بأنهم سيفرشون طريقه بالكاربت الأحمر! وينثرون الزهور والورود عليه وعلى موكبه؟!، أرى أن ماجرى (للعبادي) من ردة الفعل الطلابية أثناء زيارته للجامعة هي رسالة واضحة لبقية المسؤولين لا لبس عليها ولا غبار ويمكن تكرار مضمونها مع أي مسؤول أو زعيم سياسي مهما علا شأنه! لأن هتافات الجماهير والطلاب بالسب والشتم شملت الجميع دون أستثناء!!، وتلك مسألة طبيعية نرجو أن يفهما أكبر وأصغر مسؤول في الدولة حيث لم يجن الشعب منهم طيلة 14 سنة التي مضت غير المزيد من الفقر والجهل والمرض والموت والخراب والتخلف وضياع الوطن مع أكبر وأخطر كارثة أجتماعية في البلاد، هو وجود أكثر من (4) مليون أرملة ومطلقة ويتيم وعانس، وبقدر هذا العدد من النازحين بسبب الحرب مع مجرمي داعش، أليست هذه هي الحقيقة؟!. أعود بالقول هل تصور (العبادي) نفسه أنه حاكم دبي محمد بن راشد مثلا! وسيتم أستقباله بالأزاهير والورود وبكل ود وأحترام حيث لم يمر أسبوع نعم أسبوع ألا وهناك مشروع أفتتح وآخر وضع له حجر الأساس!، حتى خجل الشعب الأماراتي من كثرة عطاء الدولة لهم، وهذا ما ذكره نصا أحد مقدمي البرامج الأماراتية، أثناء أفتتاح أحد المشاريع!. نعم السلطة والجاه والمنصب في كثير من الأحيان تعمي القلوب والأبصار وتذهب بالعقول الى حد العظمة والجنون!، ألم يصرح (عبعوب) أمين بغداد السابق وصاحب الصخرة الشهيرة! عندما كان أمين بغداد بأن بغداد احلى من دبي!! أليس هذا هو الخبال بعينه!. أتمنى من (العبادي) وكل السياسيين وكل الزعامات الحزبية والسياسية دينية كانت أم غير دينية أن تمتلك الشجاعة لتعيد مشهد زيارة العبادي لأكثر من مرة! ليعرفوا ماذا فعلوا بالشعب!، حيث لم تبق كلمة سب وشتيمة وفشارألا واطلقت عليه وعلى كل المسؤولين ولم تبق حجارة وبقايا طابوق وأحذية ألا ورميت على موكبه!. كنت أتمنى من العبادي أن يتعض من درس ماجرى (للمالكي) قبل أشهر أثناء زيارته للبصرة!! كما أن هتاف طلاب جامعة واسط ومعهم عامة الناس على موكب (العبادي) (باطل باطل كلكم حرامية) أعتقد أن هذا الهتاف شمل الجميع بلا أستثناء!. أرى أن ما جرى (للعبادي) أثناء زيارته لجامعة واسط، كان ضحية فشل
وفساد من سبقه من الحكام الذين قادوا العراق من بعد سقوط النظام السابق واحتلال العراق من قبل الأمريكان. ولربما يرى الكثيرون بأن العبادي هو أضعف الحكام وأفقرهم ولربما أطيبهم وحتى أقلهم فسادا!!. والسؤال هنا: أذا تجرأ الشعب وفعل ما فعل بموكب رئيس الحكومة العبادي وقبله بالمالكي، هل سيمتلك الشجاعة ويتجرأ أن يفعل مثل ذلك مع مواكب قادة الأحزاب الأسلامية؟؟ لا سيما وأن هتافات الجماهير وتظاهراتهم وتجمعاتهم وأعتصاماتهم منذ أكثر من سنه في ساحة التحرير وفي باقي محافظات العراق ترفع شعار (بأسم الدين باكونه الحرامية)!!؟،أم أن هذا الشعب المعروف بطيبته وتناقضاته له كلام آخرمع تلك الزعامات! كما في ثورة تموز عام 1958عندما كانت عيون الجماهير الثائرة عين تبكي على مقتل العائلة المالكة وخاصة على الملك الشاب فيصل الثاني، وعين تحي قائد الثورة الزعيم عبد الكريم قاسم؟!.