لقد أنفقت الميزانية العامة للدولة العراقية مليارات الدولارات على المؤسسة العسكرية بشكل غير مدروس بسبب عدم إخلاص المستشارين العسكريين لقوات التحالف و ضعف الإمكانيات التعبوية لقيادات المؤسسة العسكرية خلال مرحلة ما بعد نيسان ٢٠٠٣، وهو ذات الخطأ الذي وقعت فيه الجمهورية الإسلامية الإيرانية بعد سقوط الشاه و إبعاد الجنرالات القادة عن الجيش الإيراني.. مما أحدث فجوة لوجستية كبيرة ضيّعت على إيران مبادرة الظفر خلال الحرب العراقية الإيرانية عام ٨٠..
ذات الخطأ حصل في العراق عندما أبعد قادة الجيش السابق و تسليم المسؤوليات إلى قيادة قاصرة و ذات خبرة متواضعة في فنون الحروب، الأمر الذي تسبب في ضعف التخطيط اللوجستي للعمليات العسكرية في مواجهة داعش.. ولم يحصل الإنتصار على داعش إلّا بعدما تعزز الجيش بالحشد الشعبي الباسل.. وما تبعه من إمداد بمختلف الوسائل من قبل الجمهورية الإسلامية و حضور قياداتها التي امتلكت الخبرة الواسعة من خلال تجربتهم في الحرب العراقية الإيرانية لثمانية أعوام عصيبة، صيّرت في إيران قيادات عسكرية من الحرس الثوري و الجيش جعلت إيران تظفر في حربها مع العراق و تستعيد كافة أراضيها التي احتلتها القوات العراقية.. ومن الشخصيات والقيادات الإيرانية من إستشهدوا في سوح القتال ضد داعش.. كتفا كتفا مع العراقيين بمختلف صنوفهم.. أمثال الشهيد الجنرال حميد تقوى و آخرين.. وكذلك الحضور الميداني المخلص للشهيد الجنرال قاسم سليماني.. هؤلاء القادة الإيرانيون الذين كان لحضورهم الميداني دوره الموفق في تحقيق النصر الناجز على فلول داعش الإرهابية بحمده تعالى..
والحالة هذه ؛ فالقصد مما ذكرت آنفا لا اقصد به تمجيد القادة الإيرانيين بوقوفهم مع العراق.. بل بقصد تأكيد أهمية حضور العقل العسكري الخبير المخلص في الحرب لأجل تقديم الدعم اللوجستي التعبوي تحقيقا للإنتصار المطلوب..
مشكلتنا نحن هنا في العراق إننا نقدم المحسوبية والمنسوبية على مصلحة الوطن والشعب.. نضع فلان قائدا لأننا نراه مقربا منا كسياسيين.. بينما كان على السياسيين أن يضعوا مصلحة الوطن والشعب فوق الوصولية..
الوصولية التي يستطيعها بعض الضباط الكبار و من خلال التفنن بالتزلف والتقرب من القيادة العامة للقوات المسلحة أمست وسيلة من وسائل إغراء و إغواء السيد رئيس الوزراء و قبوله بالنوع دون الكيف.. في حين أن القيادة العسكرية أحوج ما تكون إلى الكيف دون النوع.. أو النوع والكيف معا.. بحيث تتوافر شخصية قيادية ذات نوعية جيدة و دراية واعية في العسكرية..
وهذا ما جعل الجيش العراقي يخفق في أدائه حيال داعش.. ومن ثم سقوط أراض عراقية شاسعة تحت سطوته..
من هنا؛ يتوجب على الحكومة المقبلة أن تحرص على وضع الشخص المناسب في المكان المناسب.. ليس في المؤسسة العسكرية حسب.. بل في جميع مؤسسات الدولة..
و عوداً على بدء ؛ أدعو القيادة العامة للقوات المسلحة متمثلة بدولة رئيس الوزراء الحالي و المقبل إلى إعادة النظر في خيارات الإنتقاء المهني و الحرفي و الوطني للقادة العسكريين.. من الناحية التعبوية و الخبرة العسكرية الميدانية.. حتى إذا تطلب الأمر إستقدام مستشارين أممين و دوليين لتقديم الخبرة الإستخبارية و التعبوية اللوجستية لأجل حسم النشاط الداعشي الغاشم..
مع فائق الإحترام والتقدير؛؛؛