18 ديسمبر، 2024 8:39 م

انتصار الشعب الافغاني: اعلان عن انتهاء مرحلة وبداية مرحلة جديدة

انتصار الشعب الافغاني: اعلان عن انتهاء مرحلة وبداية مرحلة جديدة

انهت الحكومة الامريكية، قبل ايام عملية اجلاء طاقم سفارتها وبقية الامريكيين العاملين في افغانستان؛ بعملية امريكية محمومة، تواصلت للإيام عدة، الى عواصم دول الخليج العربي، وبالذات الى مطار الدوحة؛ لأجلاء رعاياهم والمتعاونين معهم من الافغان، من العاصمة كابول، كأول محطة او محطات، تمهيدا لنقلهم الى امريكا او الى عواصم اخرى. ان هروبهم هذا، ولا اقول انسحابهم هذا؛ سوف يشكل لاحقا فاصلة بين انتهاء مرحلة وبداية مرحلة جديدة، ليس في افغانستان فقط، بل في جميع مناطق الصراع في العالم؛ بعد ان ألحق الشعب الافغاني بأقوى قوة عظمى في العالم، هزيمة ساحقة( حركة طالبان). نقول ان رحيل الامريكيون من افغانستان، كان هروبا، ولم يكن انسحابا؛ لأن الانسحاب يكون في العادة وكما هو معروف في الادبيات العسكرية والجيوش، منظما. انما ما جرى كان، فوضى واضطراب في مطار كابول ومحيطه، بسبب تدافع الكثير من الافغانيين المرعوبين والخائفين من انتقام الحركة، التي تأخذ عليهم، كما يظنون ويعتقدون، تعاون البعض منهم؛ مع المحتل الامريكي طيلة عقدين. لقد شاهد العالم مناظر مروعة بالكيفية التي يتدافع فيها الافغانيون؛ كي يحظوا بمقعد ما في الطائرة او الطائرات التي تستمر في اجلاء الامريكيين. لقد كان منظر الامريكيين، وهم ينزلون من الشاحنات والمروحيات، ويركضون صوب الطائرات الجاثمة على ارض المطار بانتظارهم؛ يحيلنا الى منظرهم الذي حدث قبل عقود من الآن؛

حين كانت في وقتها تحط المروحيات على سطح السفارة الامريكية في سايغون، وهي تقوم بإجلاء طاقم السفارة الامريكية على جناح السرعة؛ من على سطح السفارة . تصريحات مسؤولو الحركة، قبل ايام، في وقت سابق من الآن، تؤكد وبوضوح؛ من انها سوف تعمل على بناء افغانستان، وانها اي الحركة تعمل على:-اقامة حكومة شراكة تضم جميع الوان الطيف الافغاني؛ اي اشراك جميع القوى الافغانية- حرية العمل للجميع- تم اصدار عفو عام عن جميع الافغانيين الذين تعاونوا مع المحتل الامريكي، بما فيهم قوات الجيش والأمن- لن تكون ارض افغانستان منطلقا للأعمال العدائية في دول الجوار وفي العالم – لا حكومة انتقالية- التعاون مع جميع الدول بما فيها الولايات المتحدة – قامت الحركة؛ بأرسال رسائل طمأنة الى روسيا والصين – لن تكون افغانستان ملاذ امن للإرهاب. ان هذا يؤكد اذا ما صحت النوايا والاهداف والغايات؛ ان حركة طلبان قد تغيرت تماما بزاوية ميل 180 درجة، اي انها لم تعد حركة طلبان كما عرفها العالم قبل عقدين من الآن؛ فقد اصبحت تتمتع بالمرونة والبرغماتية في العمل السياسي. لكن هناك سؤال هل تتعامل امريكا بنية صادقة ومرونة مع هذه التغييرات، ان صحت هذه التغييرات؛ وجرى تحويلها الى واقع على الارض؛ كي تدفع الحركة اكثر في هذا الاتجاه. اعتقد ان التوجه الامريكي بعيد كل البعد؛ في التعامل البناء مع هذه المعطيات؛ كونها لا تخدم امريكا على الصعيدين التكتيكي والاستراتيجي، بصرف النظر عن ما يقوله المسؤولون الامريكيون؛ لكن، الحقيقة تختلف اختلافا كاملا عن تصريحاتهم العلنية في هذه الايام، كما هي عادتهم في كل حين ووقت وزمان. المسؤول في حركة طلبان، خليل الرحمن حقاني، في مقابلة له مع قناة جيو الباكستانية؛ أكد ان الحركة على استعداد في اشراك، الرئيس السابق في حكومة الاحتلال المنهارة، اشرف غني، ومساعده، أمر الله صالح، ومستشار الامن القومي، حمد الله محب؛ في مباحثات تشكيل الحكومة وان بإمكانهم العودة الى افغانستان، كما في امكان جميع الافغان، العودة اليها. وأكد قائلا؛ ان جميع الأفغانيين، سوف يشتركون في بناء افغانستان؛ الطاجيك، البلوش، الهزاره، الباشتون؛ كلهم اخواننا.

في نفس الوقت، هناك مباحثات تجري في الدوحة، العاصمة القطرية؛ بين وفد من الحركة، وكرازي الرئيس الاسبق في بداية الاحتلال الامريكي لأفغانستان، وقلب الدين حكمتيار، رئيس الحزب الاسلامي، وعبد الله عبد الله، رئيس المصالحة الافغانية. مباحثات الدوحة لم تسفر عن نتيجة حتى هذه اللحظة. لكن، على يظهر من التسريبات والاتصالات بين رؤساء الدول المؤثرة في الشأن الافغاني؛ في اخراج حكومة تضمن مشاركة اغلب القوى في افغانستان. رئيس الحكومة الباكستانية اجرى اتصالا مع امير قطر؛ بحثا في هذا الاتصال الوضع الافغاني ومباحثات تشكيل الحكومة. حركة طلبان وهي تواجه مشاكل جمة على الصعد الاقتصادية والسياسية وغيرها في السيطرة على الاوضاع وادارة الدولة؛ سوف تخفف وهي مجبرة على تقديم التنازلات التي تفضي الى تشكيل حكومة جامعة، ولو الى حين.. كي تضمن الاعتراف الدولي بشرعية حكمها، وبالتالي تحسين اقتصاد افغانستان، والسيطرة على الاوضاع حتى تتمكن من التحكيم فيه وادارته. انما من الجانب الثاني؛ هناك تحركات؛ ربما تؤدي، وهذا هو الاحتمال الوارد جدا؛ الى خلط اوراق اللعبة بالشكل الذي تؤدي الى اغلاق مداخيل الحل للوضع الافغاني المعقد الى ابعد حدود التعقيد. الدكتور برهان الدين رباني، وعبد الرشيد دوستم، وعبد الله محمد نور؛ غادرا الى أوزبكستان، بعد سقوط نزار شريف بيد حركة طلبان، حتى هذه اللحظة لم يرد لهما ذكر، وهما لم يصرحا، ولم يعلقا على مباحثات الدوحة؛ مما يثير الشكوك والريبة، وان وراء الاكمة ما وراءها. من نافلة القول؛ ان هؤلاء كانوا قد خاضوا حربا شرسة مع حركة طلبان في تسعينيات القرن السابق، كما انهم دعموا ووقفوا الى جانب قوات الغزو والاحتلال الامريكي لوطنهم في بداية هذا القرن. نائب الرئيس السابق في الحكومة المنهارة،

امر الله صالح مع نجل القائد الافغاني السابق احمد شاه مسعود الذي اغتالته القاعدة قبل عدة سنوات؛ غادرا الى ولاية بنجشير التي تبعد 150 كم عن العاصمة، كابول، والتي تدور الآن فيها معارك ضارية بين قوات المقاومة الافغانية بحسب توصيف قادتها لها. طلبان تقول انها سيطرت على الولاية وهي في الطريق للسيطرة على مركز حكومتها. كما ان الاخبار تتحدث عن مقتل فهيم دشتي وجنرال اخر، وهروب امر الله صالح الى طاجيكستان. هذا ربما يؤكد ان الحركة في الطريق لبسط سيطرتها على ولاية بنجشير. احمد شاه مسعود، الذي يقود جبهة المقاومة الافغانية في نجشير، صرح بانه يقبل بطروحات مجلس العلماء، ويقبل بالتفاوض بعد انسحاب حركة طلبان من وادي بنجشير، لكن الحركة رفضت هذا. حتى وان سيطرت الحركة على هذا الوادي، فأن الامور لن تتوقف عند هذا الحد، بل ان المقاومة سوف تستمر ولو بأشكال وطرق ووسائل اخرى؛ لأن هناك من لا يريد لها ان لا تتوقف عند هذا الحد، وهنا المقصود هي الولايات المتحدة التي لا يخدم استتاب الامن والاستقرار في افغانستان مصالحها التكتيكية والاستراتيجية بصرف النظر عن ما تقول وتعلن؛ فالحقيقة تختلف تماما عن ما تظهره تصريحات المسؤولون الامريكيون. احمد شاه مسعود، الذي عاد الى افغانستان في عام 2016 من المملكة المتحدة، التي امضى حياته فيها، بعد مقتل والده، مذ كان عمره ستة عشر عاما؛ بعد ان انهى دراسته؛ سوف يكون الورقة التي تستخدمها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في تحويل اهدافها الى واقع على ارض افغانستان؛ في تفجير الحرب الاهلية في افغانستان. اشرف غني، رئيس الحكومة المنهارة في زمن الاحتلال الامريكي لأفغانستان، الذي حط رحاله في ابو ظبي التي ترتبط بعلاقة قوية مع امريكا واسرائيل على حد سواء، والتي يعتبرها اغلب المتابعين للشأن العربي وللجوار العربي، مركزا متقدما للمخابرات في الدولتين، سابقتا الاشارة لهما؛ صرح من هناك بانه سوف يعود الى افغانستان ويقود المقاومة ضد حركة طلبان. ان الوضع في افغانستان حتى هذه اللحظة، وضع ضبابي، لذا، من السابق لأوانه التنبؤ بالمآل الذي سوف ينتهي اليه هذا البلد الذي ابتلي شعبه بالغزو والاحتلال وبحركة طلبان والفصائل الارهابية. انما من الجانب الثاني كل المؤشرات تشير الى ان البلد ذاهب الى الحرب الاهلية ولو بعد حين من الآن؛ بسبب اهداف القوى الدولية( الولايات المتحدة الامريكية..)

وصراعاتها على مناطق النفوذ والهيمنة، ونهب الثروات؛ والعمل على خلق القلق الامني على حدود القوى الدولية الاخرى المنافسة لها، أو حدود حلفائها، بصرف النظر عن ما تقول امريكا وتعلن؛ وهنا نقصد الصراع بين امريكا وحلفائها مع الثنائي الروسي والصيني؛ لأن اضطراب الاوضاع وفوضى الحرب الاهلية وانتشار فصائل الارهاب، سوف يؤثر على روسيا والصين، تأثيرا كبيرا