22 ديسمبر، 2024 11:32 م

في الفيلم العربي (أنا لا أكذب و لكني أتجمّل) والذي كان يروي قصة شابٍّ فقير ومتميز بدراسته أجبرته مظاهر الجامعة إلى ادّعائه الغنى وتنكّره لعائلتهِ الفقيرة باعتبار إنّه لم يكذب بل يتجمّل مثلما تتجمل أيّ فتاة لإظهار جمالها . لكّنه في النهاية وبعد كشفِ أمره , يدفع ثمن كذبته و يبقى وحيداً خاسراً في نهاية الفيلم ..

في مسلسل طيبة والذي تمَّ عرضه على قناة mbc خلال رمضان ..الطالبة الجامعية الفقيرة الغير متميزة في دراستها و التي ترتبط بشابٍّ غني وتدّعي إنّها غنيّة و يظهر لها مقطع فيديو في الجامعة بدتْ فيه غير منضبطة و تواصل أكاذيبها حدَّ تنكّرها لأمّها و صوّرتها كخادمة المنزل عند زملائها الطلبة . ثم خروجها ليلاً دون علم أهلها مع الشاب الذي ارتبطت به لمؤازرته في مرض أمّه واختلاسها من مال أبيها من أجل شراء هدية لحبيبها بمليون دينار في عيد ميلاده …

تستمر حلقات المسلسل بأكاذيب طيبة حتى يتم كشف أمرها ..لكن النهاية الخطيرة التي قرّرها صنّاع المسلسل التركي ..عفواً العراقي والتي أباحت للفتاة بالكذب و الخداع وخيانة عائلتها و تعرّضها للفضائح والسرقة أنْ يتم التسامح معها و اللقاء بحبيبها لقاءً أبدياً نتيجة لجهودها المبذولة ..

نهاية كُلّ قصة هي المصير الهادف الذي يريد كاتب أو مُنتج العمل إيصاله كرسالةٍ مجتمعية .وفي هذا المسلسل رسالة واضحة بأنّه لا بأس بالفتاة بأنْ تدخل في تجربة طيبة ، لأن النهاية ستكون سعيدة و مُحقِّقة للهدف الإنساني السامي ( الحُب) ..هذا النوع من الأعمال يجيز الكذب و الفضيحة والتدليس ، ويشرِّع نتائجاً (سليمة) بأدوات غير نظيفة! . ويذهب إلى أمرين مُهمّين ، الأول ؛ سماحه للفتاة بأن تمرّ بتجربة طيبة اللاأخلاقية، المُتنكّرة لجذورها ، الخادعة لمن بقربها والسارقة. و ستحقق غايتها في النهاية . أمّا الثاني ؛ الإساءة لفئة عمرية مُهمّة وخطيرة للفتاة العراقية التي تلتزم بالتربية الطبيعية التي اكتسبتها من عائلتها ووضع تلك التربية على محك تجربة طيبة الرخيصة.

المقارنة بين الأعمال الفنية تعتمد بالدرجة الأساس على (الهدف) من العمل الفني , ففي الفيلم المذكور أول المقال , لم يتح الكاتب أبداً وفق منظور بسيط وطبيعي , لم يتح ( لإبراهيم صالح ) أي مَخرَج ينفذ منه لتجميل كذبه على الفتاة التي أحبّها , وعلى الجميع , بالرغم من أنّه كان يتمتع بثقافة وامتياز بدراسته وطرق تعبيره المُقنِعة عن الكذبة التي اقترفها . وهنا تكمن متانة العمل و إتقانه في توجيه فكرة معينة إلى المجتمع وهي إنَّ الكذب حبله قصير مهما كان ادّعاء الكاذب.

في حين إنَّ الكذب كان الدافع الحقيقي لمواصلة طيبة في علاقتها حتى صار حالة طبيعية في حياتها وليس ذنباً ينبغي دفع ثمنه , وبالتالي حقّقت بواسطته هدفها . وتلك هفوة كبيرة أسقطت العمل برمته في مرمى الفشل بتحقيق الهدف المراد منه ميلودراما تنهي المسلسل .