23 ديسمبر، 2024 3:49 ص

كورونا والتعلم عن بُعد (رب ضارةٍ نافعة)

كورونا والتعلم عن بُعد (رب ضارةٍ نافعة)

تكرار العُطل الوقائية:
استمرار المناخ المرضي لفايروس كورونا تستمر العُطل القسرية والوقائية، اذ اعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة – اليونسكو عن انقطاع حوالي 775 مليون طالب وطالبة حول العالم عن الذهاب إلى المؤسسات التعليمية بسبب تفشي وباء «كورونا» المستجد، وربما تطول تلك العطل مع تضارب الآراء حول مدى امكانية ان تنتهي محنة الفايروس بعد اشهر الربيع توافقاً مع ما يذهب اليه بعض علماء الاوبئة من ان الفيروسات التي تصيب البشر تختفي في الأجواء الدافئة، لكن يبدو ان هذا ليس مؤكداً، فحتى الباحثين في مجال علم الفايروسات والوبائيات لا يؤيدون هذا لكونه ليس مثبت علميا لحد الان، لكن يبقى هذا الرأي محتملاً، ويشير عالم الأوبئة في جامعة هارفارد مارك ليبسيتش أن الاعتقاد بان الصيف سيحد من تفشي الفايروس الى تناقص كمية الرطوبة بالهواء الذي لا يلائم الفيروسات بعد الموسم البارد، ويشير ليبسيتش إلى أن الإنفلونزا تنتعش أحيانا في المناطق المعتدلة عندما تنخفض مستويات الرطوبة، وبحسب باحثين في المانيا فان ارتفاع درجات الحرارة قد تُبطئ من انتشار الوباء، لكنها لا تقضِ على المادة الوراثية بداخل الفيروس، الذي سيبقى نشطًا ويتكاثر اذا لم يستمر التعقيم الشامل للسطوح التي يبقى فيها لمدة طويلة، الا في حالة ارتفاع درجة الحرارة الى اكثر من 52 مئوية فما فوق لمدة تتراوح من 20 إلى 30 دقيقة ليتم تحطيم العلبة الخارجية أو الغلاف الخارجي للفايروس، وبالتالي تدمير المادة الوراثية بداخله، ولذلك يدأب العلماء على محاولة معرفة سلوك الفايروس في بيئات مناخية مختلفة.
التعليم الرقمي (التعليم بالأنترنت – التعلم عن بعد):
يحاول الانسان دائماً ان يُنْضَم الى سلوكيات المحيط العالمي اقتصادياً ومعرفياً وقد يتأخر الالتحاق بركب الامم في مجال التطور والحداثة، لكن يبقى ذلك امراً محتوماً ومسألة وقت، اذ لابد لأي مجتمع ان يحصل على مرتبة ولو متأخرة في ترتيب السمات العالمية الحديثة، وبالرغم من التعلم عن بعد(Distance Learning) يختلف عن التعلم بالأنترنيت الا اننا اردنا ان نوسع الهدف في هذا المقال، واول ممارسة للتعليم عن بعد قامت بها مجموعة من الجامعات الأوربية والأمريكية في أواخر السبعينيات عن طريق المراسلة البريدية العادية، حيث يجري إرسال مواد تعليمية للطالب، كالكتب الورقية وشرائط المسجل والفيديو، فيما يقوم الطالب بإرسال واجباته المدرسية بذات الطريقة، وعندما يحين موعد الاختبار النهائي يحضر الطالب لمقر الجامعة لأدائه حتى يحصل على شهادة جامعية، وفي أواخر الثمانينيات تم استخدام قنوات الكابل والقنوات التليفزيونية في التواصل، وخلال أوائل التسعينات ظهر الإنترنت كوسيلة ناجحة للتواصل السريع والاسهل من خلال البريد الإلكتروني .
وفي أواخر التسعينات وأوائل القرن الحالي ظهرت منصات ومواقع الكترونية خاصة لتقديم خدمات متكاملة للتعليم عن طريق الفضاء الرقمي، وهذه الخدمة تشمل تناقل محتوى التعليم الذاتي ومشاركتها بين زملاء الدراسة، ومؤخراً ظهرت فصول رقمية تفاعلية تسمح للمعلم أو المحاضر أن يُلقي دروسه مباشرةً على عشرات الطلاب في جميع أنحاء العالم مع امكانية مشاركة الطلاب بالحوار والمداخلات والاستفسارات.
ويعد ادخال تقنيات التعلم عن بُعد او على الاقل التعلم بالانترنيت في المؤسسات التعليمية العراقية بعد ان اصبح ذاك امراً ضرورياً وملحاً لتكرار التعطيل في تلك المؤسسات، ومع ان تلفزة الدروس تواجه عدم ارتياح في الاوساط التعليمية سواء من المدرس او الطالب لكن يبقى هذا الامر مشابه الى حد كبير رفض التلميذ في الصف الاول الابتدائي للمدرسة كشيء غريب في يومياته اللاهية، كما انه يشبه رفض المعلمين لتدريس مواد الصف الاول الابتدائي لعدم قدرتهم على توظيف ادواتهم الكلاسيكية المعهودة لدى جيل يمتنع عن الانصياع لها، وهذه القاعدة النفسية المسماة سيكولوجياً ( الاقدام / الاحجام) تتطلب وعي وظيفي من الهيئات التعليمية ووعي تربوي من الاسر من اجل انجاح هذه الطريقة التي باتت ضرورية بسبب تكرار الكوارث الطبيعية والاحداث السياسية التي تعطل كافة مؤسسات التعليم في العراق، وهو قابل للاستمرار في حال تحقيق التوصيات التالية:
اطلاق دورات تدريبية تخص مبادئ التعلم عن بعد والبرامج الحاسوبية المعتمدة في تحميل وعرض المحاضرات لجميع الكوادر التعليمية من معلمين ومدرسين وبعض اساتذة الجامعات.
اعتماد الحوسبة الالكترونية في جميع التعاملات العلمية والادارية داخل المؤسسات التعليمية كأجراء مرادف لاطلاق التعلم الرقمي.
معالجة ضعف الامكانات التقنية عن طريق تقديم دعم حكومي لأسعار اجهزة الحاسوب والكاميرات والشاشات التلفزيونية لشريحة الكوادر التعليمية.
تذليل صعوبات ضعف الانترنيت التي تعد اكثر العقبات التي تواجه هذا النهج، عن طريق الزام شركات الاتصال بتقديم سعات الانترنيت الكافية لإنجاح مشروع التعليم الرقمي وهو الاهم في هذه المرحلة.
العمل على تهيئة جو دراسي منزلي مناسب للطلبة وتقديم دعم معنوي لهم من قبل العوائل وتخصيص شاشة عرض واضحة، واذا امكن تخصيص غرف تعليمية للأبناء لتحقيق فهم كافي للمحاضرات.
الزام الهيئات التعليمية بتسجيل جميع محاضرات الفصل الدراسي الاول على الاقل قبل بدء السنة الدراسية وتسليمها الى ادارة المدارس وعمادات الكليات لاستباق اي طارئ مستقبلاً.
التحضير لاعتماد الاختيارات الالكترونية مستقبلاً على جميع المستويات الدراسية تحسباً لاطالة امد العُطل القسرية.
اجراء تسجيلات فيديوية للتجارب في المختبرات العلمية في الجامعات من قبل كوادر الاعلام في الجامعات لتجاوز صعوبة ايصال الدروس العملية عن بُعد.
من المهم ان تحتوي الدروس النظرية على الرسوم التوضيحية واللوحات التعبيرية التي تبسط المواضيع العلمية.
استحداث الكروبات التعليمية التخصصية لإجراء مناقشات حول الدروس، ويمكن ان تكون هذه الكروبات على اساس الاقسام او المواد العلمية في مختلف وسائل التواصل وبالاخص في برنامجي فيسبوك وتلغرام، وان كان برنامج Classroom يوفر امكانية اضيق للنقاش لانه يختص بالكتابة ويقتصر على طلبة المرحلة او الشعبة الواحدة فقط.
تفعيل اقامة الملتقيات والمؤتمرات الفيديوية Video Conferences لتشمل الاجتماعات الادارية عبى كافة المستويات والمناقشات العلمية وهذا يوفر الوقت والجهد والمال.
يجب ان تدرك الهيئات التعليمية انهم يقومون بأجراء ضروري لمواكبة التغيرات العالمية في مجال التعليم، وانهم على المحك في انجاح هذه العملية التطويرية التي تعد نواة تدريبية لمن سيأتي بعدهم من كوادر جديدة، كما انه ان هذا النهج سوف يغني تعلم اساسيات الكومبيوتر والمعرفة الرقمية في اوساط التلاميذ والطلبة.
ومن المهم ان نعرف ان ادخال تقنية التواصل العلمي عن بعد سوف تؤشر تقدم كبير في مستوى التعليم في زمن ثورة الاتصالات وعولمة الافكار والتواصل الرقمي الهائل الذي اصبح جزء من الكيان المعرفي للبشرية وابجدية رائجة في تعاملاتهم اليومية.
الهوامش:
مقالة : تعليم عن بعد:
https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AA%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%85_%D8%B9%D9%86_%D8%A8%D8%B9%D8%AF
هل سيقضي الصيف على فيروس كورونا؟ علماء يجيبون:
https://www.alhurra.com/a/%D9%87%D-
https://ultrairaq.ultrasawt.com/