23 ديسمبر، 2024 12:37 ص

لقد أصبحت النزعة التاريخية لدى بعض رجال الدين المعاصرين تمثل موضة، أو ظاهرة واضحة المعالم. ونحن مدعوون هنا للتأمل والتفكير في هذه الظاهرة، ذات الحضور الطاغي في عالمنا السائر نحو الحروب الإقليمية والاقتتال الداخلي .
علينا أن نسأل أنفسنا جملة من الأسئلة. لماذا الخطب الدينية المعاصرة مصابة بحمى المواضيع التاريخية؟، لماذا رجال الدين مهووسون بالتاريخ لهذه الدرجة؟. هل هم يتحدثون هكذا روايات مضى عليها أكثر من 1400 عام استجابةً لذوق المستمعين ؟، أم انعكاساً لثقافة ما تسود المجتمع العربي والإسلامي، أم تقليداً للغير، أم تلبيةً لرغبات الآخرين أي لدواعي تسويقية مشبوهة.
مما لا شك فيه أن علم التاريخ – تحديداً بعد ظهور علم الآثار – صار علماً ممتعاً، يفك لنا الطلاسم، ويجود علينا بالكنوز، ويكشف لنا يومياً أسراراً مشوقة حول ماضينا الغابر وأسلافنا القدماء. وبالتالي فهو من أروع – إن لم يكن أروع – العلوم، التي يمكن توظيفها في مجال صناعة الأدب والرواية بالتحديد.
لكننا أمام ظاهرة غريبة، يظهر فيها التاريخ بشكل مبالغ فيه وزائد كثيراً عن الحد، ليبدو متسيداً، أو شبه متسيد في المجتمع العربي، ما ينبغي على البحاثة والنقاد والدارسين فعله هو تحليل الدوافع التي أدت إلى نشوء هذه الظاهرة، سواء أكانت دوافع فكرية، أو نفسية، أو اجتماعية، أو اقتصادية، أو غير ذلك.