23 ديسمبر، 2024 3:50 ص

جهاز مكافحة الارهاب القوة الضاربة في العراق الاهداف التأسيسية والمحددات القانونية

جهاز مكافحة الارهاب القوة الضاربة في العراق الاهداف التأسيسية والمحددات القانونية

يعد جهاز مكافحة الارهاب من ابرز التشكيلات العسكرية العراقية الضاربة التي خاضت معارك متواصلة ضد التنظيمات الارهابية التي اجتاحت العراق بعد اشهر قليلة من تغيير النظام السياسي، تأسس الجهاز كوحدات عراقية خاصة في اواخر عام2003 ليمر بعد ذلك بمراحل متعددة ولعل ابرزها الفرقة الذهبية ومن ثم تحولت هذه الفرقة الى احدى فرق جهاز مكافحة الارهاب كقوة ضاربة متكاملة من حيث العدة والعدد النخبوية مراتب وجنوداً، اضافة الى استقلاليته من الناحية الادارية والمالية وارتباطه بمكتب القائد العام، وفي السياق ذاته ساهمت الارادة الدولية لا سيما الولايات المتحدة الامريكية في التأسيس ومن ثم التدريب والتجهيز المنتسبين لهذا الجهاز، من هنا يمتلك قادة الجهاز تواصل مباشر مع المارينز والبنتاغون، ومن الناحية القانونية تنظيم عمل هذا الجهاز، اصدر مجلس النواب العراقي قانون جهاز مكافحة الارهاب رقم(31) لسنة2016 وللتوضيح هو يختلف عن قانون مكافحة الارهاب رقم (13) لسنة2005، اذ قانون جهاز مكافحة الارهاب ينظم ويحدد صلاحيات الجهاز كقوى مسلحة منفصلة عن وزارة الدفاع والداخلية لكنه يشترك معها في الرجوع لمسائل التحقيقات والعقوبات الى قانون اصول المحاكمات الجزائية العسكري رقم(30) لسنة 2007 ، في حين قانون مكافحة الارهاب يشير الى الاجراءات في مكافحة الفكر المتطرف ومحاربة التنظيمات الارهابية. ويتكون عدد افراد جهاز مكافحة الارهاب ما يقارب 10,000، فرقة عسكرية منه لحفظ أمن العاصمة العراقية بغداد، فضلاً عن فرقتين للعمليات الخاصة، هما الفرقة الثانية والفرقة الخامسة. ويملك الجهاز لواءً منتشراً في محافظة البصرة جنوب العراق، وخاض الجهاز فيما بعد معارك ضاريه ضد تنظيم داعش في الانبار والفلوجة وصلاح الدين وبعد تحرير تلك المحافظات نقل الجهاز عملياته العسكرية الى محافظة الموصل عاصمة تنظيم داعش المزعومة، وقد استطاع ان يدحر التنظيم عسكريا بصورة نهائية من العراق بمعية القوات العراقية المشتركة كالشرطة الاتحادية وقوات الجيش، وفصائل الحشد الشعبي وبمساندة جوية من طيران الجيش وقوات التحالف الدولي، ترأس الجهار اللواء الركن طالب شغاتي الكناني، في بدايات عام2014، واثر الانتصارات التي حققها الجهاز الى جانب تميزه في التنظيم والتدريب صنف الجهاز من قبل دوائر غربية لمرات عدة كخامس اقوى جهاز عسكري في الشرق الاوسط، ونقلت وسائل إعلام عالمية، في 14 تشرين الثاني 2016، عن الجنرال المتقاعد آرثر دينارو، الرئيس الأسبق لأكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية البريطانية، ومستشار وزارة الدفاع البريطانية لشؤون الشرق الأوسط، إن “الجيش العراقي يستحق هذا اللقب كونه سيكون قد حرر أراضي كبيرة المساحة تعادل مساحة خمس دول عربية وأكثر من الكويت والامارات وقطر والبحرين والأردن مجتمعة”.
من جانب ثاني اصبح القانون لمنظم لعمل جهاز مكافحة الارهاب نافذا منذ الشهر العاشر من عام2016، واعطى القانون للجهاز استقلالية ادارية عن وزارة الدفاع العراقية والاجهزة الامنية الاخرى كالشرطة الاتحادية وهيئة الحشد الشعبي، وبصلاحيات كبيرة، تكون القانون من ستة فصول و(22)مادة، نصت(المادة1/اولاً) على تأسيس الجهاز وارتباطه بالقائد العام للقوات المسلحة وهو رئيس الوزراء بموجب الدستور العراقي لعام2005:”يؤسس جهاز يسمى(جهاز مكافحة الإرهاب) يتمتع بالشخصية المعنوية ويرتبط بالقائد العام للقوات المسلحة، ويمثله رئيس الجهاز أو من يخوله”. فيما عد البند ثانياً من ذات المادة الجهاز احد الأجهزة الأمنية والاستخبارية، حددت المادة(2)هدف الجهاز بمكافحة الارهاب بجميع اشكاله والقضاء عليه وتفوضيه باتخاذ الاجراءات الازمة، من هنا احتل الجهاز قائمة القوى المسلحة التي تصدت للإرهاب وقد مثلت الحرب على تنظيم داعش الارهابي في مناطق غرب وشمال بغداد ذروة الصعود للجهاز اثر الانتصارات الباهرة التي حققها من خلال تحرير الاراضي وطرد التنظيم الارهابي منها، واصبح الجهاز لاسيما قيادته الرئيسية المنحدرين من وسط وجنوب العراق كالساعدي، والاسدي، والعارضي، الذين حضوا بشعبية كبيرة ومحور الالتفاف جماهيري ليس فقط في وسط وجنوب العراق وانما في محافظات غرب وشمال بغداد، في ضوء بحث العراق عن الشخصيات الوطنية بعد فقدان الثقة من الطبقة السياسية الحاكمة، فيما اشارت المادة(3) الى تحقيق الاهداف من خلال الوسائل الاتية:
اولاً: وضع سياسة واستراتيجية شاملة لمكافحة الارهاب وتطويرها.
ثانياً: تنفيذ العمليات الامنية والخطط الاستراتيجية فيما يتعلق بفعاليات مكافحة الارهاب وله في سبيل ذلك وفقاً للقانون: تنفيذ عمليات المراقبة والتفتيش والتحري وبناءً على امر قضائي، ومراقبة الاتصالات ومواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية بناءً على امر قضائي، وتنفيذ اوامر القبض الصادرة من قبل القاضي المختص وفقاً لقانون مكافحة الارهاب، واجراء التحقيق مع الملقى القبض عليهم من قبل محققين قضائيين تحت اشراف قاضي مختص، والتنسيق والتعاون وتبادل المعلومات مع الاجهزة الامنية والاجهزة ذات العلاقة، والتنسيق والتعاون وتبادل المعلومات ذات العلاقة بمكافحة الارهاب مع الاجهزة النظيرة للدول العربية والاجنبية، وتعقب مصادر تمويل الارهاب بهدف تجفيفها بالتعاون والتنسيق مع مكتب مكافحة غسيل الاموال والبنك المركزي العراقي والجهات الاخرى ذات العلاقة .
ثالثاً: وضع المعايير لتصنيف وتحديد اسبقيات الاهداف الارهابية، ويقصد بالاهداف الارهابية كل فرد او جماعة منظمة طبيعية او معنوية تمارس الافعال المنصوص عليها او أي قانون يحل محله.
رابعا:ً متابعة وتنفيذ توجيهات ومهام واهداف الدولة في مكافحة الارهاب.
خامساً: التنسيق مع الاجهزة الاستخبارية المختصة فيما يتعلق بإنجاز الفعاليات والمهام المكلفة بها لتنفيذ خطط مكافحة الارهاب.
سادساً: التنسيق مع وزارة الخارجية في سبيل حشد الجهود الدبلوماسية من اجل كسب تعاون الدول المجاورة ودول المنطقة في برنامج مناهضة الارهاب وتطهير العراق من المخابئ واماكن الايواء ومنع اي دعم مباشر او غير مباشر للأرهابيين.
سابعاً: تبادل وتداول وتقويم المعلومات الخاصة بمكافحة الارهاب داخل العراق وخارجه.
ثامناً: التنسيق مع الجهات الامنية في وضع الاستراتيجيات الخاصة بالخطط الامنية في مكافحة الارهاب.
تاسعاً: القيام بالفعاليات الضرورية لأنجاز المهام المتعلقة بالجهاز.
عاشراً: توفير الحماية الامنية لفعاليات مكافحة الارهاب والتدابير المتعلقة بيها.
حادي عشر: أي مهمة اخرى يقترحها رئيس الجهاز وتصادق عليها اللجنة الوزارية للامن الوطني.
وخص الفصل الثاني من القانون بـ(رئيس الجهاز)، ففي(المادة4/ اولاً) اشارت الى مسؤوليات رئيس الجهاز وهو “الرئيس الاعلى له والمسؤول عن تنفيذ اعماله وتوحيد سياسته ويمارس الرقابة والاشراف على انشطته وحسن ادائه وتصدر عنه التعليمات والانظمة الداخلية والقرارات والاوامر في كل ما له علاقة بمهام الجهاز وتشكيلاته وسائر شؤونه الادارية والفنية والمالية والتنظيمية وفق احكام القانون”. ونص البند ثانياً من ذات المادة على ان رئيس الجهاز هو بدرجة وزير ويمارس صلاحيات الوزير، ويكون عضوا في اللجنة الوزارية للأمن الوطني، فيما اشار البند ثالثاً الى ان لرئيس الجهاز وكيلان يشغل كل منهما موظف بدرجة مدير عام او ضابط برتبة فريق احداهما (امني استخباري) والثاني (فني اداري) ويقوم اقدمهما مقام رئيس الجهاز عند غيابه، ويتولي رئيس الجهاز وفقا للمادة(5)المهام الاتية:
1. تقديم المشورة الى القائد العام للقوات المسلحة في الامور التي تتعلق بمكافحة الارهاب.
2. الاشراف على اعداد وتنفيذ الخطط وادارة عمليات مكافحة الارهاب داخل العراق.
3. الاشراف على اعداد الخطط الاستراتيجية المتعلقة بمكافحة الارهاب وارسالها الى الجهات ذات العلاقة بعد المصادقة عليها من القائد العام للقوات المسلحة.
4. رفع تقارير دورية عن التهديدات الارهابية الى القائد العام للقوات المسلحة والى مجلس الامن الوطني والجهات ذات العلاقة، واجراء التقويمات النهائية في شان تلك التهديدات.
5. تقديم المشورة الى المجلس الوطني الاستخباري في وضع المستلزمات الخاصة بجميع المعلومات عن الارهاب والتي تنظم حسب اسبقيات الاهداف المصادق عليها من القائد العام للقوات المسلحة.
6. وضع وتطوير الخطة التنظيمية للجهاز ورفعها الى القائد العام للقوات المسلحة للمصادقة عليها والاشراف على تنفيذها.
7. اصدار الاوامر والتوجيهات التي تتضمن قواعد السلوك والاشتباك الخاصة بالعاملين في الجهاز بموافقة اللجنة الوزارية للأمن الوطني.
8. اقتراح موازنة للجهاز.
9. تخطيط وتنفيذ العمليات التي تقوم بعا قيادة قوات مكافحة الارهاب.
10. وضع ضوابط لحماية المعلومات ونظام حصر مجالات مكافحة الارهاب فيما يخص الاستخبارات والمعلومات العملياتية.
11. جميع قائمة الاهداف المصنفة والمرتبة طبقاً لمعايير التصنيف في فئات وفقاً لأولوياتها، ورفعها الى اللجنة الوزارية للامن الوطني للمصادقة عليها.
12. التنسيق مع الجهات الاعلامية المختصة في تنظيم رسائل وحملات اعلامية مناسبة ضد الارهاب وبثها.
13. طلب تجميد حسابات مصرفية محددة وفق المعلومات التي ترد اليه من الجهات ذات العلاقة على ان يقترن الطلب بموافقة اللجنة الوزارية للامن الوطني وفقا للقانون.
14. المشاركة في المؤتمرات الاقليمية والدولية التي تسعى الى تكثيف الجهود لمكافحة الارهاب.
15. وضع شروط خاصة لتعيين العاملين في الجهاز.
16. اية مهام اخرى تساعد على مكافحة الارهاب وتخول له من القائد العام للقوات المسلحة.
اما الفصل الثالث تناول بالتفصيل(تشكيلات الجهاز)ومن ابرزها وفق المادة(6) من القانون مايلي:
1. وكالة الجهاز الامنية والاستخبارية وترتبط بالمديريات التالية: مديرية الاستخبارات، ومديرية العمليات، مديرية التدريب، والمديرية الامنية، ومديرية التحقيق.
2. وكالة الجهاز الفنية والادارية وترتبط بها المديريات التالية: مديرية السياسة والتخطيط الاستراتيجي، ومديرية الادارة والميرة، ومديرية الشؤون الفنية، ومديرية الحسابات، ومديرية الخدمات الطبية، ومكتب المفتش العام، ومديرية الدائرة القانونية. ويدير هذه المديريات وفق المادة(8/اولاً) موظف بدرجة مدير عام حاصل على الاقل على شهادة جامعية أولية في مجال اختصاصه ولديه خدمة في مجال عمله لا تقل عن(12)اثنى عشر عاما او ضابط برتبة لواء.
5. قيادة العمليات الخاصة الاولى والثانية والثالثة ووفقا(لمادة8/ثانيا)يدير كل قيادة من قيادات العمليات الخاصة الواردة في البند خامساً من المادة (6) من هذا القانون ضابط برتبة لواء ومن ذوي الخبرة والاختصاص في مجال مكافحة الارهاب يتم تعيينه وفقا للقانون.
6. اكاديمية جهاز مكافحة الارهاب. ووفقا لفقرة رابعا: يدير اكاديمية جهاز مكافحة الارهاب الوارد في البند (سادساً) من المادة (6) من هذا القانون ضابط برتبة لواء لديه خبرة في مجال اختصاصه لا تقل عن(15) خمس عشر سنة.
7. مكتب رئيس الجهاز وترتبط به الاقسام التالية:
أ- قسم الرقابة والتدقيق
ب- قسم العلاقات العامة. يدير الاقسام الواردة في الفقرتين (أ، ب) من البند (سابعا/6) من هذا القانون موظف بدرجة مدير حاصل على شهادة جامعية على الاقل ولديه خبرة في مجال اختصاصه مدة لا تقل عن (10) سنوات او ضابط برتبة عميد.
8. جناح طيران مكافحة الارهاب، ونص البند خامساً بان جناح طيران مكافحة الارهاب الوارد في البند (ثامنا) من المادة (6) من هذا القانون تدار من قبل ضابط طيار برتبة عميد فما فوق.
فيما خول البند سادساً من المادة(6) للقائد العام للقوات المسلحة وبناء على اقتراح من رئيس الجهاز دمج او إلغاء أي من التشكيلات الواردة في المادة (6) من هذا القانون كما له استحداث تشكيلات اخرى وفقاً للقانون. وخص الفصل الرابع مسالة (تداول المعلومات) من خلال المواد(من 9 الى 12)، اما الفصل الخامس فتنظم(الاحكام المالية) في المواد(13و14و 15) المادة-13- تتكون الموارد المالية للجهاز مما يخصص له في الموازنة العامة للدولة. اما المادة(14) فحددت تمتع العاملون في جهاز مكافحة الارهاب بتقاضي رواتبهم ومخصصاتهم الممنوحة لهم حاليا ويستحقون أي زيادة تطرأ على رواتب ومخصصات اقرانهم من الاجهزة الامنية الاخرى. والمادة(15) يتولى الجهاز متابعة حقوق منتسبيه الناشئة عن الاستشهاد او الوفاة او الاصابة واقتراح برامج مناسبة لمساعدة الضحايا وتأهيل عوائلهم.
واخيرا نص الفصل السادس من القانون على الاحكام الختامية والمتعلقة باللجان التحقيقية والمحاكمات الجزائية المادة(16/اولا): تخصص اللجنة التحقيقية المشتركة المنصوص عليها في قانون اصول المحاكمات الجزائية العسكري رقم(30) لسنة 2007 بالنظر في النزاعات الحاصلة بين منتسبي تشكيلات الجهاز ومنتسبي وزارة الدفاع او وزارة الداخلية او جهاز المخابرات الوطني العراقي او اي جهة امنية اخرى. اما البند ثانياً فنصت على ان يضاف الى عضوية اللجنة المنصوص عليها في البند (اولاً) من هذه المادة ضابط حقوقي من الجهاز يسميه رئيس الجهاز، وحددت المادة(17/اولاً): تطبق على منتسبي الجهاز من المدنيين قوانين الخدمة المدنية والملاك والتقاعد الموحد وانضباط موظفي والقطاع العام. ثانيا: تطبق على منتسبي الجهاز من العسكريين القوانين العسكرية ويمارس رئيس الجهاز صلاحية وزير الدفاع فيما يتعلق بخدمتهم وفقا لتلك القوانين، وجاء في البند ثالثاً تخصص المحكمة العسكرية بالنظر في الجرائم العسكرية التي يرتكبها منتسبو الجهاز من العسكريين، ويحال العسكري المتهم بجريمة عسكرية الى المحكمة العسكرية المختصة بأمر من رئيس الجهاز او من يخوله. وحصرت المادة(18/اولاً): تحدد مهام تشكيلات الجهاز المنصوص عليها في المادة(6) من هذا القانون وهيكلها التنظيمي بتعليمات يصدرها رئيس الجهاز ويوافق عليها القائد العام للقوات المسلحة. اما ثانيا: فحدد زي وشارات وعلامات منتسبي جهاز مكافحة الارهاب يصدرها رئيس الجهاز ويوافق عليها القائد العام للقوات المسلحة. وحضرت المادة(19)على منتسبي الجهاز الانتماء الى أي حزب او منظمة سياسية او العمل في أي نشاط سياسي، اما المادة(20) فأخضعت اعمال تشكيلات مكافحة الاهاب للضوابط والاجراءات التي تطبق على القوات المسلحة عند قيامهم بشن عمليات عسكرية بمكافحة الارهاب، وذلك فيما يتعلق بعمليات المراقبة والتفتيش والتوقيف والقاء القبض وحجز الممتلكات وفقا للقانون.
وهذه المحددات القانونية اعطت لجهاز مكافحة الارهاب دافعاً كبيراً في تحقيق انجازات ميدانية كبيرة بعد ان مثل تنظيم داعش الارهابي خطراً جسيماً على الامن المجتمعي، والجغرافي، فضلا عن القومي، وفي ظل تقارير صادر من مراكز امنية غربية مختصة في الارهاب والنزاعات المسلحة، كانت تصور ان مدة الحرب على تنظيم داعش ستطول هذا الحسم العسكري لصالح الدولة العراقية من قبل الجهاز والقوات المشتركة من جيش وشرطة وحشد شعبي بات مصدر اعجاب للجمهور العراقي، اضافة الى اسباب اخرى عنصر منها خاصية الانضباط والاندفاع الوطني، عنصر الخبرة والتدريب العالي والتجهيز على الرغم من شكوى قيادته من اهمال الحكومي لبعض المطالب لا سيما فيما يخص السلاح الجوي، كما ان المشاكل الادارية التي برزت في الفترة الاخيرة بين رئيس الجهاز اللواء طالب شغاتي، والفريق الركن عبد الوهاب الساعدي، من طلب الاول من رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي القائد العام بنقل الثاني الى موقع اخر خارج جهاز مكافحة الارهاب، الامر الذي ادى الى ردود فعل شعبية غاضبة من هذا الاجراء، واثيرت ايضا تكهنات اخرى تحمل قراءات مختلفة منها ما يتعلق بان الساعدي يريد ان يلعب دور السيسي في العراق من خلال ما حضي به من مقبولية اثناء معارك تحرير المناطق الغربية والموصل والتي تبدو انها قد ازعجت بعض قيادات الجهاز، اضافة الى راي اخر يقول بان الساعدي اذا ما استمر في جهاز مكافحة الارهاب سيصل الى منصب رئاسة الجهاز وهو قد لا يروق لجهات داخلية وخارجية، وبالمجمل ان الاستفادة من هذا التأييد الشعبي هو بروز ملامح هوية وطنية بدأت تتبلور بعد دحر تنظيم داعش، وهذا ما وجده العراقيون من خلال ميولهم الذهنية والنفسية اتجاه القيادة العسكرية المنتصرة الى جانب ميولهم تجاه المرجعيات والقيادات الدينية ولا ننسى ان الاخيرة بدأت بالتراجع في ضوء الاخفاق تجربة الحركات والتيارات الاسلامية بشكل خاص، والاحزاب والكتل السياسية المختلفة بشكل عام منذ سقوط النظام الاستبدادي.