22 ديسمبر، 2024 7:27 م
لا أعرف سبباً وجيهاً، أو حتى مقنعاً واحداً لكل هذه الضجة، البكاء، والصراخ الحكومي، قادة، وأعضاء كتل سياسية، أستيقظ الجميع بعد نوم عميق في يوم رمضاني ليجدوا الجارة الشمالية وقد أكملت إستعداداتها لبدء التشغيل، وملء خزانات سد إليسو المقام على نهر دجلة المُهدد بإنخفاض مناسيب مياهه، وصولاً لمواقع التواصل الإجتماعي التي ضجت هي الأخرى بالنحيب، والدعوات، كأن المطلوب من حكومة أنقرة وقد أكملت مشروعها الإكتفاء بالبناء دون إملاء!، ومن باب ذر الرماد في العيون؛ تراجعت حدة الجدال الإنتخابي لصالح أزمة قديمة، جديدة؛ لم تأخذ يوماً إهتمام أياً منهم، موضوعة المياه، وحياة الناس لا قيمة لها أمام صفقات سلاح فاسدة، وسمسرة مشاريع وعمولات، تأريخياً؛ أجريت أول دراسة حول السد العام 1954، وفي العام 1997 أضيف إلى الخطة الوطنية التركية، وفي 2006 وضع حجر الأساس وبدء الإنشاء الأولي، تأريخ طويل؛ تعرض خلاله المشروع لعراقيل عدة، علقت الكثير من وكالات الإئتمان الأوروبية تمويله، وتوقفت شركات عالمية عن توريد أجزاءه لعدم الإلتزام بالمعايير من جهة، وضغط جماعات بيئية، وحقوق إنسان لما للسد من آثار سلبية، تشريد سكان محليين، وتهديد مدن وقصبات تركية من جهة أخرى، ومع الجدل الكبير المصاحب للمشروع، والمعرقلات لم تحرك خلال كل تلك الفترة الدولة العراقية، وحكوماتها المتعاقبة ساكناً لوأد المشروع، أو الدخول بمفاوضات مع انقرة للوصول لإتفاق جديد يحفظ للعراق حقوقه المائية كما كل البلدان المتشاطئة حول العالم. 
الآن؛ وبعد أن أصبح الأمر واقعاً، بدأ تشغيل السد، الذي يساعد تركيا على توليد طاقة تغطي إحتياجات حوالي مليوني أسرة، وتنمية إقتصادية في المناطق الواقعة جنوب شرق الأناضول حسب المؤيدين للمشروع، ومع تحويل إيران مسار الأنهار والجداول التي تتدفق بإتجاه العراق داخل أراضيها، لابد من العمل الجاد والفوري، حكومياً؛ حوار جاد مع أنقرة وطهران كدول منبع تخفف من خلاله الآثار السلبية المستقبلية المتوقعة على السكان، خاصة القاطنين على حوض النهر إقتصادياً، وإجتماعياً وتاثيرها بشكل كبير على نمط معيشتهم وتوزيعهم الجغرافي، إيضاح وضعنا المائي الخطير للناس بكل شفافية، والركون لآراء خبراء المياه لإيجاد حلول ومخارج للأزمة قبل تصاعدها عبر بحوث ودراسات ومشاريع، وصولاً للتدويل إذا ما فشلت كل سُبل التفاوض، وشعبياً؛ وقبل أن تؤدي قلة المياه، وشحتها في “بلاد الرافدين” إلى تصحر، الدعوة لورشات عمل تناقش الأزمة والحلول، الدعوة لترشيد الإستهلاك، والمراهنة على وعي الناس بخطورة المرحلة.