عندما أقرأ أبيات الشاعر الكبير مصطفى جمال الدين التي يغازل بها بغداد ومن بين الركام والألم والخوف يتصاعد الأمل وهو يقول :
بغداد ما اشتبكت عليكِ الأعصرُ … إلا ذوت ووريق عمرك أخضرُ
مرّت بك الدنيا وصبحك مشمسٌ … ودجت عليك ووجه ليلك مقمرُ
وقست عليك الحادثات فراعها … إن إحتمالك من أذاها أكبرُ
حتى إذا جُنت سياط عذابها … راحت مواقعها الكريمة تسخرُ
وهاهي بغداد سيدة الأرض الشجاعة التي لا تتردد ولا ترهبها المخاوف والتحولات وتقاتل حتى اللحظة الأخيرة لتفتك بعدوها اللدود سواء كان الزمن أو الوباء أو الفيضان والنيران والحروب والحماقات السياسية ومغامرات الزعامات الرعناء .
تنفض عن جسدها البض غبار السنين وتغتسل بماء دجلة وتعانق طينه المعطر بالشذى والمكتسي بالندى وتصبغ شعرها بالحناء وتعاقر الغناء والفنون والرقص والدلال والعشق الحلال .
إنتصر العراق في معركة الإرهاب وسحق داعش الإرهابي وأرعب كل مجرم يتطاول على بلد الحضارات وأذهل العالم بأسره الذي تداعى لنصرة العراق بعد إن رأى الجميع كيف تحركت جموع الأبطال لسحق داعش ومن يدعمهم فتحول بعض الداعمين الى حال من التملق والتودد لبغداد وبدأوا بأرسال إشارات المجاملة والتعبير عن الرغبة بالتعاون والتبادل التجاري والثقافي والتنسيق المشترك لكبح الإرهابيين وهزيمتهم النهائية .
با لأمس تابعت زيارة الرئيس برهم صالح إلى الكويت وكيف أضاءت الأبراج بعلم العراق الملون الى جانب أعلام دول أخرى مهمة الإستقبال الحافل ومن ثم زيارته للإمارات العربية المتحدة حيث أستقبل بحفاوة لم تتم لأكبر الزعماء حيث أطلقت المدفعية 21 إطلاقة تحية للعراق العظيم ولمقدم الرئيس برهم صالح وتم الإتفاق على التعاون المثمر في مجالات الإقتصاد والطاقة والإعمار ومثل ذلك حصل خلال زيارته إلى الأردن وإيران وزيارة وزير الطافة السعودي إلى العاصمة بغداد .
هذا التحول مع هزيمة الإرهاب وتدافع الدول نحو بغداد وإرتفاع أسعار النفط والإستقرار الأمني والسياسي وتشكيل الحكومة العراقية سيؤدي الى تواصل أكبر وتوفير بيئة جاذبة للإستثمار والعمل على إعادة البنية التحتية التي يحتاجها العراق وفي مجالات متعددة كالصحة والكهرباء ومراكز التدريب والتطوير والجامعات والطرق والموانيء والجسور والمطارات والسكك وغيرها من بنية تحتية أساسية .
علينا إن نستعد لمرحلة جديدة مختلفة سيكون فيها العراق قويا عزيزا في محيطه العربي والإقليمي والدولي وسوف يمارس دوره الحضاري والتنموي كعضو فعال في المجتمع الدولي يمكن الإعتماد عليه ونحن بحاجة إلى حكومة رشيدة واعية قادرة على التعامل مع التحولات الكبرى .