لم يکن عام 2014، بعام جيد و إعتيادي بالنسبة للعراقيين جميعا، فالکل قد لحقهم الضرر و المآسي و المصائب بشکل او بآخر، لکن من الواضح”ومع الاخد بنظر الاعتبار للمأساة التي لحقت بالطائفة الايزدية و إيلائها أهمية إستثنائية”، فإنه لايمکن إنکار حقيقة أن السنة قد نالهم الضرر الاکبر.
بموجب الاحصائات الرسمية المعلنة من جانب وزارات الصحة و الدفاع و الداخلية، فقد وقع خلال العام 2014، 15 ألف و 588 مدنيا، فيما وصل عدد الجرحى الى 22 ألفا و 620 شخصا، في الوقت الذي أشارت منظمة “ايراك بادي كاونت” البريطانية غير الحكومية التي توثق اعمال العنف في العراق، ان حصيلة العام 2014 بلغت 17 الفا و73 قتيلا، ما يجعل منه ثالث اكثر الاعوام دموية منذ 2003، لکن الذي يجب أن نشير إليه و نؤکده هو أن أغلبية القتلى المدنيين قد وقعوا في المناطق ذات الاغلبية السنية خصوصا بعد أن قرر رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي و في بداية العام 2014، فض التظاهرات السلمية للسنة في الأنبار وصلاح الدين بالقوة العسكرية، وهو ما قلب أوضاع البلاد رأسا على عقب، حيث حملت العشائر السنية السلاح، ودخلت البلاد في آتون حرب طائفية بغيضة.
عام 2014، الذي شهد تصاعد دور الميليشيات الشيعية التي أسسها الحرس الثوري الايراني في العراق و صارت تشکل جيشا جرارا هو الذي يقود و يوجه الامور فيما أصبح الجيش العراقي مجرد جيش عاجز و ليس له أي حول او قوة أمام اسباب القوة و المناعة و الدعم التي باتت هذه الميليشيات تمتلکها، ولئن کان هناك من لايزال يرفض أن يکون هناك دور لنظام الجمهورية الاسلامية الايرانية في دفع هذه الميليشيات بإتجاه إرتکاب جرائم و مجازر طائفية، لکن هناك الکثير من الاسباب و المبررات التي تؤکد ذلك و تجعل منه حقيقة دامغة.
المعترضون لإتهام طهران بالتورط في إشعال نار الفتنة الطائفية و شن حرب إبادة ضد الطائفة السنية فيها، يقدمون تبريرا ساذجا ينم عن جهل سياسي مطبق عندما يرددون بأنه لو کانت طهران وراء ذلك فإنها کانت تشن حربا ضد اهل السنة في إيران، وهؤلاء يجهلون او بالاحرى يتجاهلون نقطتين مهمتين هما:
1ـ ايران مثقلة أساسا بالمشاکل و الازمات و تعلم بأن شن هکذا حرب و بالصورة المکشوفة التي في العراق و سوريا على السنة سوف ينعکس عليها سلبا و يدفعها للسير بإتجاه ليس هناك من ضمان لنهايته.
2ـ اهل السنة الى جانب الطوائف و الاقليات الدينية الاخرى، يعانون من تهميش و إقصاء وتعاني مناطقهم من اوضاع سيئة تعمل طهران على إدامتها و إستمرارها.
لکننا بطبيعة الحال، نؤمن بأن شن الحرب على اهل السنة في إيران هو مشروع قائم لکنه ينتظر اللحظة و التوقيت المناسبين، أما الحرب الطائفية واسعة النطاق التي تشنها طهران على أهل السنة في العراق من خلال”جيشها الشعبي” المتمثل بالميليشيات الشيعية کما وصفها نائب القائد العام للحرس الثوري قبل أيام، والسبب الاساسي لشن هذه الحرب البغيضة المشبوهة ان معظم معارضي المشروع الايراني في العراق هم من اهل السنة، وان طهران تريد أن تمسك العراق بقبضة فولاذية ذات براثن طائفية من العراق نفسه، وهي لعمري أخبث و أقذر سياسة تم تفعيلها ضد الشعب العراقي في العصر الحديث.
إبادة اهل السنة، إجراء همجي و لاإنساني ليس في صالح أمن و استقرار العراق لوحده فقط وانما أيضا هو عامل و سبب يدفع لزعزعة السلام و الامن و الاستقرار في المنطقة و العالم، وان الجهة الوحيدة التي تعتبر المستفيدة الاکبر من هذا التلاعب و العبث بمقدرات العراق و المنطقة هي الجمهورية الاسلامية الايرانية التي طالما دأبت على زرع الفتن و المشاکل و الازمات في دول المنطقة و على رأسها العراق کي تحصد مکاسب و تحقق المزيد من النفوذ و الهيمنة من أجل تحقيق مشروعها المشبوه من ألفه الى يائه.