18 ديسمبر، 2024 6:09 م

عندما صدر قرار متفرع من قرار زيادة رسوم تجديد جوازات السفر بالعموم، واختص الفلسطينيين حملة الجوازات المؤقتة، ليدفعوا مائتي دينار عدا ونقدا، بدل الخمسين دينارا التي كانوا يدفعونها في السابق، فالأمر أصبح واضحا محسوما؛ اللاجئ الفلسطيني عليه أن يحمل على عاتقه ثمن وجوده وهويته وحاجته مقدما، وبأضعاف ما كان يدفع سابقا!

وعندما يخاطب اللاجئ الغزي تحديدا بشكل مباشر وحاسم وقاس، كما فهمنا من قرارات الحكومة الأخيرة، وهي تعرف أن لا إثبات للشخصية يحمله أهل غزة للتجول فقط في الشوارع، وليس للعمل أو السفر لا سمح الله، إلا هذا الجواز المؤقت الصالح لسنتين فقط، فلذلك اعتبارات أكبر من كونها لا إنسانية، لم تأخذ بعين الرأفة أمرا واحدا فقط؛ أبناء غزة لم يكن ينقصهم قرار مماثل لتسود عيشتهم أكثر!

ولمن لا يعلم، فإن حملة جوازات السفر المؤقتة من أبناء غزة، يحملونها حقيقة لإثبات هوياتهم في المؤسسات والهيئات التي تتطلب ذلك، وليس لأنها تحل محل جواز سفر طبيعيا، يمكنه حتى من السفر إلى دول العالم، بدون أن “تطلع روحه” في الحصول على استثناءات نادرة من هنا أو هناك. ولا لأنها جوازات مرور في أقسام الموارد البشرية للشركات والبنوك ولا حتى الدكاكين، إلا من رحم ربي فألقى في قلبه الرحمة، وقبل بهم موظفين وعمالا.
مائتا دينار ثمن استصدار هوية، هو بالضبط ما يجري مع المواطن الغزي؛ أي بما يعادل مائة دينار عن كل عام، في قرار يزيد على قائمة التفريق ما بين الناس بندا موغلا في القسوة متجردا من المنطق.

وللعلم، فجواز السفر المؤقت للغزيين مدة صلاحيته الواقعية تتراوح ما بين ثمانية عشر شهرا وعشرين شهرا، تضيع باقي شهور السنتين المتبقية في معاملات مراجعة المتابعة والتفتيش، وتخصم تلقائيا من مدة الصلاحية المحسوب من تاريخ تقديم طلب التجديد!

لن أتحدث عن حقوق اللاجئ الغزي المنقوصة في العمل والتعليم والسفر، فهذا الأمر أصبح واقعا يتعايش معه أهل غزة المقيمون، منذ سنوات طويلة. إنما أن تزيد الحكومة على أوجاعهم جرحا آخر، فهذا الأمر وإن كان متقاطعا مع كمية القرارات المكثفة الدسمة، التي اتخذتها تجاه جميع المواطنين، لكنه يستحق التوقف والتأمل باندهاش!
فحزمة قرارات الرفع طالت جميع الناس في الوطن، واقتربت من خصوصيات خصوصياتهم. وما يعاني منه اللاجئ الغزي ليس بمعزل عما يعانيه المجتمع الذي يعيش فيه، إن لم يكن أكثر بسبب قلة فرص العمل والسفر، ولن أقول الاستثمار. لأنه بصراحة إن كان قرار تعديل رسوم جوازات سفر الغزيين، قد أخذ بعين الاعتبار المستثمرين من أهل غزة، فهذا أمر يدعو للتعجب من ناحيتين؛ فهم أولا لا يمثلون الشريحة الواسعة من اللاجئين المعدمين. ثم إنهم، ودعنا نقُل غالبيتهم، لا ينظرون أيضا للشريحة ذاتها للأسف الشديد لا عن طريق الملاحقة والتأثير على الحكومة بالأخذ بعين الاعتبار ظروف مواطني غزة، ولا حتى باحتمال توفير فرص عمل لهم بناء على  تقيدهم المتشدد ببنود قانون العمل!

وإن كان قرارا مماثلا أصاب في مقتل مئات الآلاف من “المسخمين”، يتكوم مع قرارات رفع الأسعار والضرائب الذي يتشاركونه مع “مسخمي الوطن”، فهو بطبيعة الحال لا يخص المترفين والمستفيدين والمشيحين وجوههم والدائرين ظهورهم، من كل الأصناف والتوزيعات والمنابت والمصالح طبعا!

نقلا عن الغد الاردنية