22 ديسمبر، 2024 11:40 م

دكتاتورية الماضي و ديمقراطية الحاضر

دكتاتورية الماضي و ديمقراطية الحاضر

كان عمري تقريباً عشر سنوات, عندما رأيت الفرحة تعتلي وجوه عائلتي, حيث كانت فرحة لا مثيل لها .
سقوط الطاغية صدام حسين, بعد دخول القوات الأمريكية للعراق, (حرب العراق أو احتلال العراق أو حرب تحرير العراق أو عملية تحرير العراق), هذه بعض من الأسماء, التي إستعملت لوصف العمليات العسكرية, التي وقعت في العراق سنة 2003م, حينها فهمت أن حكومة الطاغية, كانت حكومة دكتاتورية .
أبي كان أحد السجناء السياسيين في سنة 1992م, والفرحة التي كانت ظاهرة عليه, كانت بسبب حقده وكراهيته للطاغية, وذلك لكمية التعذيب التي عانى منها في سجون النظام المقبور .
ورغم مضي أربعة عشر عام, على سقوط النظام البائد, إلا أنه لم يتم تعويض أبي, على ما عاناه في تلك السجون, بسبب تفشي الفساد الحزبي, في دوائر الدولة .
بعد سقوط بغداد في 9 أبريل 2003م, بدأت عمليات سلب ونهب واسعة النطاق في بغداد, وبعض المدن الاخرى, وقد نقلت هذه العمليات للعالم كله, عبر شاشات التلفاز, حيث قام الجيش الامريكي, بحماية وزارتي النفط والداخلية فقط, ومن ضمنها المخابرات العراقية, وبقيت المؤسسات الاخرى, كالبنوك ومشاجب الاسلحة, والمستشفيات بل وحتى المدارس, وكافة المنشئات الاخرى, كلها عرضة للسرقة, ولكن مِنْ مَن؟ من العراقيين أنفسهم .
من الاماكن التي تعرضت إلى السلب والنهب, وتركت جروح عميقة في ذاكرة العراقيين, وجميع العالم ألانساني, هو سرقة المتحف الوطني العراقي, حيث سرقة من المتحف 170،000 قطعة أثرية.
بعد خروج اخر جندي أمريكي من العراق, في 2011م أصبحت السلطة بيد الحكومة العراقية, وكانت تقّر ميزانيات ضخمة جداً, نستطيع أن ننهض بها بعراق جديد, وبناء مستقبل زاهر, ولكن ما حدث كان مغاير للواقع, حيث تفشى الفساد بدوائر الدولة, وكثُر الساسة الفاسدين, وإنهار ألاقتصاد العراقي, وكثرة البطالة, وكان الفساد مشترك بين دوائر الدولة, من الشعب, والحكومة المتمثلة بالساسة الفاسدين.
إن البلاد التي تتحرر, أو تخرج من حكم طاغية, يجب عليها أن تحمي أرضها وممتلكاتها, لكي يُسلط عليهم من يرحمهم, والشعب الذي يسرق ممتلكات دولته, ويهين حضارته ويسرق آثار بلده, يُسلط عليهم حكومة تسرقهم.
دكتاتورية وظلم النظام البائد الماضيه, تحولت إلى فساد إداري, وأخلاقي ومؤسساتي, بغطاء ديمقراطية حكومة الحاضر, وهذا لايقع على الساسة الفاسدين فقط, وإنما على العراقيين المشاركيين, والقابلين بالوضع, الجزء الاكبر من المسؤلية .
إذا الشعب يوما اراد الحياة, فلابد للشعب أن ينتفض.