قرأت مقال الاستاذ مصطفى القرة داغي تحت عنوان انقِلاب 14 تموز 1958 ومَحكمَته الثورية الهَزلية وهي مقال من سلسلة مقالات يسعى الكاتب وفي كل سنة لتذكيرنا بالجريمة الدموية التي اقترفته يد الخيانه لتدخل العراق في نفق مظلم ملئ بالقتل والاعدمات والتنكيل وتنقل العراق الى بلد يصدر نفطه ليدفع فواتير عساكر السلطه من اجل نزوات وحروب طائشه …ليسلم اليوم الى جهلة وعديمي الوطنية ويوصلوا العراق الى قتل وتفريق ومنازعات ومحاصصات ينهشون بالجسد العراقي لشعب مغلوب على امره تتلاقفه ايدي غريبه تمارس القتل فيه وعمائم سوء تمارس تخديره …بغية ابقائه في في فقر مدقع وجهل مستشري الى ان تحين ساعة التقسيم التي يبتغيها ساسة النهب ليهربوا بسرقاتهم من اموال العراقيين اليتامى والارامل والفقراء… في بلد الخيرات والذي يعيش 42 بالمئه من شعبه تحت خط الفقر
لكي نعرف القارئ بنتيجة ما وصل اليه العراق …يتوجب الرجوع الى ذلك التاريخ المشئوم والبحث عن الاسباب الحقيقة لهذا الانقلاب الدموي الذي اريد من خلال عمليات القتل والتصفيات والاعدمات طمس حقائق جوهرية لا يمكن للمتطلع على سير الامور في ذلك التاريخ الا وان يدركها …. لقد عشنا نحن جيل تلك الفترة على مصطلح العهد البائد وكانت الثقافة الثوريه والشعارات الرنانه التي يطلقها اغبياء السلطه من عساكر واحزاب كارتونيه هي للأستخفاف بمشاعر البسطاء من الناس العراقيين ….تمر الايام ويشاء الحظ ان انتقل الى فرنسا حيث يمكن الحصول على مراجع ومصادر تعكس احداث وحقائق كنا على جهل منها …. الى ان شاء لنا الحظ في قرائة ارشيف احدى الجهات الفرنسية المطلعة …. واذا بالعهد البائد هو عهد زاهر ولدت فيه اول دولة عربية اعترف بأستقلالها وعضويتها لعصبة الامم المتحدة ….بنيت فيه دولة على ايدي رجال وطنيين مخلصين لامتهم وتراب وطنهم …رجال فيهم من الكفائة والنزاهة ما يجعل كل عراقي يفتخر بهم ….بامكانيات بسيطه وسيطرة للقوى العظمى على مقدارات الشعوب …كان هولاء الرجال يتفانون في خدمة بلدهم في نقل العراق الى مصاف اعلى …يتحينون الفرص من اجل النهوض الى مستوى اعلى… …فبنيت المدارس والجامعات وفتحت المستشفيات وشيدت الجسور والطرق واقيمت المشاريع والسدود … وادخلت الصناعة وازدهرت التجارة …وكانت الزراعة تسد الحاجة المحلية وتصدر الباقي ….ليصبح العراق مستوردا في عام 1959
في العراق كان المثل الشائع والذي يتداوله المثقفين واصحاب المعرفة هو ( ان بريطانيا سحبت البساط من تحت ارجل الباشا ) تبرير ليس مشكوك فيه ولكن يحتاج الى توضيح لماذا سحبت بريطانيا البساط من تحت ارجل الباشا نوري السعيد رحمه الله .. فالانكليز كانوا يعرفون وطنية هذا الرجل وتفانيه وحرصه على تقدم واستقلالية العراق ليكون قوة في المنطقة لما يملك العراق من كفائات وثروات …. ولكن هذا السياسي الذي لم تنجب الامة العربية ما يوازيه كان من الذكاء في التعامل على قاعدة الخطوة خطوة للوصول الى الهدف …. ولكنه وحسب المصادر كان عليه ان لا يتجاوز الخطوط المسموح له فحسب المصادر هناك ثلاث خطوط حمراء ادرك الانكليز ان الباشا سائر فيها…. تجاوز خط واحد يكفي ان تقصيه
*مجلس الاعمار العراقي: مجلس وضعت له مشاريع مبنية على اسس سليمة تنقل العراق من دولة مستهلكة تعتمد على الغرب الى دولة منتجة لها استقلاليتها واكتفائها ….فمرحلته الاولى حققت نتائج باهرة لدولة تعد من الدول النامية فمشاريع سد دوكان ودربندخان ومشروع الثرثار ومعامل تعتمد على المواد الاولية المحلية ….كتب تقرير الامم المتدة لهيئته الاقتصادية لعام 1957 بان العراق حقق نجاحا باهرا في خطوته الاولى وان الخطوة الثانية ستنقله في الخمس سنوات المقبلة الى مصاف الدول المتقدمة يحقق له اقتصادا متميزاً يعطيه القوة والاستقلالية ( نعته الغوغائيين واصحاب العقول المريضة بأنه مجلس الاستعمار …في حين ان مشاريعه بقيت راسخة بأنها الافضل للعراق)
**ميثاق بغداد والاتحاد العربي : نعت كثير من الغوغائيين شيوعيين ويساريين ومن ورائهم عبد الناصر بجهل اعمى هذا الميثاق بانه حلف استعماري …. ارسل عبد الناصر طائرة خاصة لنقل وثائق ميثاق بغداد بعد الانقلاب الدموي لنشرها وفضحها امام العرب الذين كانوا يصفقوا لشعاراته الجوفاء الى ان قادهم للهزيمة ووافق على مشروع روجرز المهين …. لم يعثر عبد الناصر وحكومته على اي دليل استعماري فماذا كانت حقيقة الميثاق ؟ انه معاهدة تعاون اقليمي مشترك لعدة دول تقيها من الخلافات والنزاعات وتحل بدلها علاقات تبادل منافع على جميع الاصعدة …. اعطى الباشا عنه الانطباع بان تعاون من أجل درء خطر الشيوعية من اجل ترضية انكلترا واميركا اللتين كانوا يدعون لجلسات ميثاق بغداد بصفة مراقب … ولكن انكلترا ادركت انها قوة اقليمة قد تجعل دولها بغنى عن قوة انكلترا ومصالحها … أكمل الباشا هذا الميثاق بوحدة العراق والاردن ليصل بهذه القوة الى حدود اسرئيل لتعزل ستراتيجياً فكان ناقوس خطر يجب تدميره ( زار امير الكويت العراق ما بين شباط وحزيران بغداد 3 مرات وكان خياره في الانظمام الى الاتحاد العربي )
***النفط سبب كل الانقلابات في العراق : لم تحب بريطانيا العراق لتاريخه وحضارته وطيبة شعبه … ولكنها احبت ثرواته ونفطه فالانكليز والى يومنا هذا يعتبرون نفط العراق لهم تسيره برتش بتروليوم … ومع قيام مجلس الاعمار قدم احد مستشاري الباشا تقريراً عام 1954 يعطي الحق للعراق باستثمار النفط في جميع اراضيه عدى ما هو مستغل من قبل شركات النفط العاملة على اراضيه … موضوع خطر لا قدرة للعراق فيه مواجهة الانكليز والغرب فوضع في ادراج مكتبه …. في حزيران 1958 تفاوض الباشا مع حكومة جلالة ملكة بريطانيا على حق العراق في 90 بالمئة من اراضيه وهو ما اشار الية الدكتور عصام الجلبي وزير النفط السابق ومهندس المشاريع النفطية في محاضرته في تاريخ النفط العراقي في اسطنبول ( نعتت الصحف البريطانية في تموز 1958 الباشا بعد محادثاته مع الحكومة البريطانية بانه الرجل الكاهل المصاب بالخرف والواجب تبديله…)
فجاء الرد عنيفاً ودموياً من قبل فئة خائنة ومارقة ..من شلة.مجرمة لم تتورع في قتل عائلة خرجت مسالمة لتمنع نزف قطرة دماء فدفعت دمها ثمناً… لم يتورع القتلة من اطلاق نار على ملك شاب كان متوجها لعقد زواجه… على نساء وطفل اراد ان يهرب من قتلة مأجورين فأستدركوه برصات جبناء في ظهره …مشهد عار يلصق بجبين هولاء المجرمين …بخيانة وغدر وصلوا بخيانة وغدر قتلوا شر قتلة… لتضيع حقائق وتطمس معالم تحريف فترة زاهرة في تاريخ العراق ( قتل قاسم ويرمى بيد رفيقه عارف ليقتل عارف في طائرة فيقال عنه صعد لحماً ونزل فحماً…)
روى كثير من الشهود بعض حقائق هذه الفترة وابرزوا تاريخ هولاء الرجال بناة العراق ونهظته خلال 40 عاماً في مقطفات ولكن هناك شهود لها وثائق وادلة لا تزال على قيد الحياة … ومنها من تركها لجيل ابنائه عسى ان تخرج للعلن يوماً فترجع الحق لأصحابه وتعيد لهم كرامتهم ومكانتهم في قلوب العراقيين الشرفاء في كل ما قدموه لهذا العراق
(قرر مجلس الوزراء العراقي اعتبار يوم 14 تموز 1958 يوم الشؤم الدموي عطلة رسمية ليكون يوم الجريمه والعار ذكرى يحتفل فيه اصحاب الضمائر الميته بجريمتهم النكراء…لأبقاء العراق على طريق القتل والنهب والخراب)