22 ديسمبر، 2024 8:05 م

14 تموز.. جدلية الثورة والانقلاب

14 تموز.. جدلية الثورة والانقلاب

خلال جولة بسيطة بين صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بمختلف مسمياتها ومنذ الساعات الأولى لذكرى 14 تموز، تقفز أمامك العشرات من المنشورات التي تمجد العهد الملكي وانجازاته وتتساءل بحسرة عن النتائج الايجابية التي كانت ستتحقق لو استمر بقيادة البلاد، وتحمّل أغلبها الزعيم عبد الكريم قاسم مسؤولية التغيير من الافضل نحو الاسوأ، كما يعبر أصحاب تلك النظرية.

وبمجرد الانتهاء من الجولة بين أسطر تلك التمنيات استذكرت الشريف علي بن الحسين الذي عاد بعد العام 2003 بمشروع الملكية الدستورية حالمًا بتأييد كبير من قبل تلك الاوساط التي (تتحسر) على ايام الملكية و “عدالتها” لعله يعوض سنوات “المنفى” بمشروع يحقق طموحات “المتوسلين” بعودته، لكن الرجل صدم بالواقع وتحول مشروعه لمجرد شعارات لا يجد من يرددها خلفه حتى مجلس النواب حجزت جميع مقاعده ولم يحظى بمقعد يمارس من خلاله مشروعه الملكي في حقيقة تثبت بان الاصوات التي تتمنى عودة الملكية تتواجد على مواقع التواصل الاجتماعي فقط وتحركاتها مجرد محاولات لاستفزاز الاخرين، وقد نصاب بالصدمة حينما نعلم بان اغلب “المتباكين” على الملكية يصوتون في الانتخابات لصالح الاحزاب والقوى السياسية المناهضة لمشروعها والتي اضعفت جبهة الشريف علي بن الحسين.

رحل الشريف علي تاركًا خلفه احلاما لم تتحقق وخديعة كبيرة تعرض لها، بسبب الجمهور “الوهمي” الذي لا يوجد في مساحة الواقع، حتى حينما خرج وريث العائلة المالكة في لقاء تلفزيوني قبل نحو اربع سنوات، ضمن برنامج (القرار لكم) الذي ادير مهمة اعداده كانت اجاباته لا تخلوا من نبرة الحزن و “الخيبة” التي اصابته لانه وببساطة كان يعتقد بان مشروعه السياسي سيكسب حيزًا واسعًا من العملية السياسية وسيحصد العديد من المقاعد البرلمانية، بسبب كمية التعهدات والعروض بالولاء لمشروعه التي كانت تصله، من مختلف اطياف المجتمع لتتضح لاحقا بانها مجرد وعود “فارغة” لا تبتعد كثيرا عن افكار اغلب اصحاب المنشورات على جدران الفيسبوك التي تتغنى بالملكية وايامها.

ولعل الغريب في الامر بان اغلب الذين يلعنون عبد الكريم قاسم ويحملونه مسؤولية مقتل العائلة المالكة، ويمارسون هواية الدفاع عن الملوك الهاشميين، يجهلون حقيقة نقلها!! الشريف علي بن الحسين في اللقاء التلفزيوني الذي ذكرته سابقا، حينما ابعد التهمة عن عبد الكريم قاسم في مقتل عائلته وحمل عبد السلام عارف المسؤولية بجميع تفاصيلها باعتباره من اصدر قرار التصفية بالملك وعائلته، وتلك شهادة لا يمكن تجاهلها من صفحات التاريخ لكونها صدرت من صاحب الحق الشرعي بالدفاع عن دماء العائلة المالكة.

الخلاصة.. ان الجدلية في حقيقة 14 تموز ووصفها بين الثورة والانقلاب ستبقى قائمة ولن تحسم لصالح طرف محدد، لأسباب عديدة لا يمكن اختصارها بمقال واحد، لكن ابرزها يتعلق بالعاطفة التي يمتلكه الفرد العراقي، فالكثير من الطبقات الشعبية والفقيرة ترى بشخص عبد الكريم قاسم المحرر الذي انقذهم من “الجوع” وظلم الاقطاعية وهم لا يتراجعون عن وصف حركته بالثورة، بالمقابل هناك عدد غير قليل تحركهم العاطفة تجاه طريقة مقتل العائلة المالكة، وهم لا يجيدون وصفا يناسب التحول نحو الجمهورية غير “الانقلاب” لكنهم في الوقت نفسه “خذلوا” وريثهم بمشروعه السياسي.. اخيرا.. السؤال الذي لابد منه.. هل يريدونها ملكية حسب الطلب؟.