23 ديسمبر، 2024 12:48 ص

1 آيار / أي عيد وأي عمال؟!

1 آيار / أي عيد وأي عمال؟!

مرت قبل أيام ذكرى الأحتفال بعيد العمال العالمي الذي يصادف الأول من آيار من كل عام. ولا بد لنا أن نوضح للقاريء الكريم شيء عن هذا العيد وكيف بدأ وأين؟. تعود قصة الأحتفال بعيد العمال الى عام 1886 في الولايات المتحدة الأمريكية وتحديدا في مدينة (شيكاغو) حيث قام العمال بأضراب عام لتحسين أوضاعهم المعيشية والأنسانية وأستمر الأضراب لمدة أربعة أيام! مما أضطر عمدة المدينة الى طلب أجتماع مع قادة الأضراب لسماع مطالبهم . وبالفعل عقد الأجتماع وتركزت مطالب العمال على تحديد ساعات العمل الى (8) ساعات يوميا، وفجأة ترك عمدة المدينة الأجتماع! ودخل رجال الشرطة وانهالوا على المجتمعين بالضرب!، وفي هذه الأثناء أنفجرت قنبلة في مكان الأجتماع! مما زاد من فوضى الموقف فأضطر رجال الشرطة الى أطلاق النار على المتظاهرين وأصيب الكثير منهم وتم ألقاء القبض على (7) من قادة الأضراب وصدرت عليهم أحكام بالأعدام، بأعتبارهم هم من فجروا القنبلة وهم من بدأوا باطلاق النار!. ولكن مشيئة الله كانت أكبر من تدبير عمدة المدينة ومدير الشرطة فبعد (11) عام مرض مدير الشرطة مرضا شديدا وأعترف وهو ينازع الموت بأن الشرطة هم من بدأوا بأطلاق النار وكذلك هم من رموا بالقنبلة! فتم تبرأة العمال من تلك التهم، ومنذ ذلك الحين صار العمال في كل دول العالم يحتفلون في الأول من آيار من كل عام بهذا اليوم حتى صار عيدا لهم.نعود الى صلب الموضوع، أرى وقد يتفق معي البعض بأنه لم يعد لعيد العمال أي طعم أو لون!! لكون هذا العيد وموضوع حقوق العمال أرتبط روحيا وعقائديا بالفكر الأشتراكي وبالشيوعية تحديدا!. وبعد أن أتجه العالم الى أقتصاد السوق الحر وغالبية دول العالم أنتهجت نهجا رأسماليا وخاصة منذ أن أصبحت امريكا الرأسمالية سيدة العالم بعد أنهيار الأتحاد السوفيتي السابق الذي كان يعد قلعة العمال والفلاحين والبروليتاريا والشغيلة ومرجعهم في العالم أجمع! فلذا لم يعد لهذا اليوم صدى يذكر سوى كونه عطلة رسمية عالمية!. وحتى روسيا الأتحادية التي قامت على أنقاض أنهيار الأتحاد السوفيتي والتي يحاول زعيمها القوي الرئيس بوتين أن يعيد لروسيا ولو شيئا من أمجاد الأتحاد السوفيتي السابق وهيبته هي أيضا تنتهج نهجا رأسماليا!، ونفس الشيء بالنسبة لباقي مجموعة الدول الأشتراكية فكلها تنهج نهجا رأسماليا. ولكن هذا لا يعني بأن حقوق العمال في الدول الرأسمالية مهضومة

أو يعانون من الفاقة والعوز! بل العكس من ذلك تماما فلهم كل الحقوق والضمانات الأجتماعية والصحية والتقاعدية. صحيح تحدث أضرابات هنا وهناك بين الحين والآخر مثلما حدثت في فرنسا وتركيا هذا العام عشية الأحتفال بيوم العمال في 1/5 وكذلك في مدينة بطرسبرغ الروسية ورافقت تلك التظاهرات والأضرابات أعمال عنف وحرق للمحلات وخاصة في فرنسا! ، ولكن الشيء الذي يجب أن نعرفه بأن هذه التظاهرات والأعتصامات التي نسمع عن عمال قاموا بها في هذا البلد الأوربي اوذاك، هو لا يعني بأن حقوقهم مهضومة وليست لهم ضمانات صحية وأجتماعية وحقوق تقاعدية، بالعكس فلهم كل الحقوق ولكن دائما هم يطالبون بتحسين أحوالهم نحو الأحسن، والمضحك في الأمر! هوأنه لو حصل العامل العربي أيا كان في العراق في مصر في تونس في الجزائر على عشر حقوق ما يحصل عليه العامل المضرب والمتظاهر في فرنسا أو تركيا، لكانوا قد صلوا لله ركعتين حمدا وشكرا!! ( ولباسوا أيدهم وجه وظهر) كما يقال!. صحيح أن الطبقة العمالية في العالم كله تحتفل بهذا اليوم ألا ان الفوارق كبيرة بين العمال في أوربا وأمريكا وبريطانيا واليابان وألمانيا وبين العمال في الدول العربية؟! بل لا وجود لأي تشابه أو تقارب في أي شيء؟. على سبيل المثال: أن عامل التنظيف باليابان يسمى (المهندس الصحي)! ويتقاضى أعلى الأجور، حيث يتراوح راتبه ما بين 5000 الى 6000 دولار شهريا! ولا يقبل في هذا العمل ألا بعد أجتيازه دورة لمدة 3 شهور!!، ونفس الشيء نقوله عن العامل في الدنمارك أو السويد أو النرويج أو ألمانيا او بريطانيا. هنا لا أعتقد أن هناك وجه للمقارنة بين هذه الطبقة العاملة في هذه الدول وبين طبقة العمال في الدول العربيية كما ذكرت آنفا أو في العراق تحديدا!!. ففي العراق يقفون العمال بالمئات في مكانات مخصصة تسمى (المسطر) صيفا وشتاء منذ ساعات الصباح الأولى وهم يحملون معداتهم علهم يجدون من يطلبهم للعمل ليوم او ليومين! او لربما لساعتين او ثلاثة!، ولا أريد أن أحدثكم عن صورة التزاحم والتوسلات المؤلمة بصاحب العمل الذي يحتاج الى 2 الى 3 عمال فقط والملتفين حوله بالعشرات!.وأذا كنا في خمسينات وستينات وحتى سبعينات القرن الماضي نخرج بالتظاهرات للمطالبة بحقوق الطبقة العاملة لكونهم الأكثر فقرا ولكونهم الطبقة المسحوقة، فالأفرض بالشعب العراقي اليوم أن يخرج كله وعن بكرة أبيه في يوم العمال العالمي لا ليتظاهر وليحتفل بل ليثور! ويحطم كل الأغلال وليحطم كل جدران الظلم والفقر والحاجة والعوز والخوف بعد أن أصبح الشعب كله يعاني من الفقر والحاجة وغالبية الشعب أصبح يبحث عن أية فرصة للعمل ليسد بها قوت عياله، وكم أصبحت مؤلمة صورة (مساطر) العمال عندما صارت تضم الكثير من شبابنا من خريجي الجامعات والمعاهد بعد أن ضاقت بهم سبل العيش والبطالة!. أما

تظاهرات شيوعيوا ما بعد 2003 ! وهم من البرجوازيين! الذين رفعوا لافتات وشعارات فقيرة أكل عليها الدهر وشرب للمطالبة بحقوق الطبقة العاملة فهي تأتي من باب ذر الرماد في العيون لا اكثرولا أعتقد أن أحدا ألتفت أليهم!؟. كنت أتمنى ولا زلت وأدعوا الى ذلك بأن يخرج الشعب العراقي بغالبيته المستضعفة والمسحوقة وهم يرفعون اللافتات السود لا حزنا ولا بكاء على الحسين ولا على آل بيت النبي الأطهار عليهم جميعا أفضل السلام، ولكن حزنا على العراق الذي ضيعته طبقة سياسة فاشلة وسياسييون دفعت بهم الأقدار والصدف ليتحكموا بمصير العراق وبكل ثرواته وليذيقوا شعبه مرارة العيش والذل والضيم والخوف والجوع!. ولا أدري هل سيتحقق الحلم بأن يردد كل الشعب هذه الأغنية التي سبق وأن رددناها وغنيناها في الجامعة المستنصرية عام 1973 أيام الزهو العراقي وأيام الجبهة الديمقراطية بين حزب البعث والحزب الشيوعي.

نفط بلادي وتمر بلادي وخيراته الخضرة

رجعت النه صارت النه للأيد السمرة

للطلبة وللفلاحين والعمال التعبانين

ولكل الناس الطيبين الظاكوها مرة

جبهتنا ديمقراطية أبدا مابيها أنتهازية

جبهة فكر علمي وثوري وبيها أشتراكية ووحدة.

ويبدو أن حتى هذا الحلم قد ضاع منا بعد أن بيع نفطنا للأجنبي بأبخس الأثمان ولمئات السنين القادمة!، ولم يعد تمرنا لنا فقد مرضت نخيلنا وماتت (عمتنا) نخلتنا الشامخة في ظل أحزاب السلطة المتناحرين والذين لم يجمعهم حب العراق وشعبه بل أجتمعوا على فرقتنا ونهبنا وسرقتنا وموتنا وتشريدنا وبعد أن قتلوا كل شيء فينا، فقد أجتمعت أبدانهم وتفرقت أهوائهم . ونجعل الله عز وعلا حكما عليهم.