على الساعة السادسة وخمسة وعشرون دقيقة.. فياليوم السابع من شهر أكتوبر من السنة الجارية.. استيقظت “نوعا” على هول الصاعقة.. على صوت صفارات الإنذار.. تغزو “عسقلان الهادئة“.. استيقظالعالم على طوفان يجتاح أركان الحامية.. هكذا أخبرتنا “جوزفينا“ وهي غاضبة.. استيقظنا على أنباءوتحاليل متباينة.. على أحكام وبيانات غير عادلة.. أسقطت الستائر.. عورات أصبحت عارية.. استيقظت على وقع القيل والقال.. بطلتها جهات مخادعة.. نافذة.. للحقيقة ناكرة.. للمكتسبات.. عرض الحائط ضاربة.. يالها من كارثة.. ظنها “غالانت“ مزحة تافهة.. ستمضي في دقائق أو ثانية.. بل هي أحداث سوف ترويها الأجيال القادمة.. تعطي معنى جديدا للواقعة.. نساءفاتنات ثائرة.. حاخامات أمام الأقدار ما عساها فاعلة.. أطفال تخشى حلول الذكرى السابعة.. هذا حديث فيلسوف في جدال مع الآلهة.. تلك حوارات أتعبت الساكنة.. سياقات فرضتها أنظمة فاسدة.. أزمةأخلاقية.. في أزمنة تافهة.. شعارات رفعت في شوارع العاصمة.. حقائق صدمت جنرالات غاشمة.. أيها المارُّون بين الكلمات العابرة.. سيظل تشرين الأول راسخا في الذاكرة.. ها هي ذي “ريتا” تغني “هلا محمود الشاعر“.. “نوعا” تنعي الأمس والحاضر.. حين دعا ربه باسمها مستشهدا.. لم يكن سلامة على ذلك نادما.. طعم الموت في سبيل الوطن رائع.. لكن الأروع ألا نقتل في أرضنا ظلما يا “جوزفينا“.. قتلتم الأطفال.. أتلفتم الأشجار.. اغتصبتم الأرض والزيتون.. والتاريخعليكم يا “جوزفينا“ شاهد.. ويل لزمن يمسك فيه بالبندقية مجرم فاسد.. بالقلم متغطرس خائن.. بالسلطة متمرس فاسق.. ما أقساها آلام الوغى..ظلمكم جرعة الخزى.. الله ناصر.. ظلمكم تجاوز المدى.. دون رادع.. نعشنا مكتوب عليه صامد.. ليس بين الله ودعوة المظلوم مانع..
فرضتم الحرب علينا.. لم نكن بها ملزمين.. قاومنا.. ودعنا أهالينا مجبرين.. زرعنا العوسج والرياحين.. تماديتم.. تغاضيتم غير مبالين.. صلينا، بالقضية مؤمنين.. الأرض لنا تبا للمعتدين.. فضلتم الحرب.. فرضتم الصمت.. حتى لا نكون لكم مزعجين.. ذرفنا دموعا كنا على ذلك مرغمين.. أضأتم شموعا شربتم أنخابا.. ظننتم أنكم بذلك ظافرين.. اخترنا الإغضاء.. كنا بذلك متظاهرين.. نحن شعوب على أرضنامدافعون.. للتوسع نحن رافضون.. في الضفة الأخرىبكم لسنا مرحبين.. هذه رسالتي أحملها لك يا “جوزفينا”.. أعلم كما تعلمين.. أنهم هتفوا لانجازات.. لم تكن بحجم أحلام أهالينا.. صفقوا لمعاهدات ما أشقاها ليالينا.. وقعوا تحالفات.. وقعنا أسرى فيضيعة الجلادين.. نسفوا أحلاما.. أصبحنا في قبضة النصابين.. تبا للطغاة كانوا لنا حاقدين.. شردوا أهالينا.. خطفوا الرغيف منا.. وهبوا لغيرنا أراضينا.. رحلت عنا أسامينا قتلوا الوطن فينا... حكومات ظالمة حرباء.. وقفت للمطالب بالمرصاد.. تنكرت لدماء الشهداء.. أشهرت السلاح في وجه الشرفاء.. أصحاب المعالي غيروا المعاني أفسدوا الأخلاق.. مسرحياتمخرجوها ذئاب.. ممثلوها ضباع.. ضمائر أصابهاالإغماء.. هل من منقذ من هذا الوباء؟..
بصمتنا أبحنا كثيرا من البلاء.. بصمتنا أصبحت السيادة تحت قبضة الأنذال.. هكذا نباع.. هكذا نشترى.. في سوق النخاسة كالخرفان.. تبا لآلهة لا ترى لا تسمع صوت الأوتار.. لا تبالي بجرحي وانكساري.. لا يغرنك صمتي وصراخي.. ما جدوى العتاب إذا لم ينفع.. ما جدوى النداء إذا لم يسمع.. الطوفان الأطلسي حتما سيأتي.. للوطن أشاوستحميها مثلي.. الأرض أرضي والتاريخ يعرفني.. دام لك الهذيان والغرور.. دامت لك النجوم والنسور.. فيجسدي رغبة في الانعتاق.. في حنجرتي رغبة في الغناء.. في قلبي “غصة” من الماضي.. في قلبي “غزة” “عزة” “رغبة“ في الصراخ.. من رحم المعاناة يولد الشعراء.. في طباعي ما تبقى من كبرياء الأجداد.. آمنت بقضية اسمها أرض كنعان.. عاودت قراءة قصةآل عمران.. شربت الماء من بئر عثمان.. دعيني أحكيلك أمرا.. دعيني أعطي للثلاثية شكلا.. للعودة وجها.. ليست كل نصيحة مرة.. ليست كل عودة حلوة.. ليس كل مرة مثل كل مرة.. تثبت الرؤية.. تنتهك الحرمة.. لاتحلمي بيوم سعيد.. ففي كل زمن عصيب يولد رجل عتيد.. يرفض العودة.. ينسف الرؤية.. صدقيني يا جوزفينا”..