23 ديسمبر، 2024 11:09 ص

ﻻتضع جميع البيض اﻷحمر في سلة ترامب اﻷشقر !

ﻻتضع جميع البيض اﻷحمر في سلة ترامب اﻷشقر !

مثل إنكليزي تعلمته منذ المرحلة الثانوية تلاه على مسامعنا مدرس اللغة الانكليزية مازال وسيظل محفورا في ذاكرتي نصه : ” ﻻ تضع جميع البيض في سلة واحدة ” فما بالك حين تكون هذه السلة ملكا للرئيس الاميركي دونالد ترامب، الذي قال فيه الصحفي البريطاني الشهير ،روبرت فيسك ، في صحيفة الاندبندنت (ترامب هو النسخة الاميركية للقذافي فكما كان اﻷخير منفصلا عن الواقع ومهووسا بالنساء ومتبعا لهواه، وألفوا له – الكتاب الأخضر- كذلك فإن ترامب متبع لأهوائه ، غير منصت للاخرين ، وكتبوا له دليله الاقتصادي!!” وﻻشك أن وضع البيض كله بسلة واحدة يحملها – أبو كذيلة اﻷشقر – ستفقد الدول المتحالفة معه رمزيتها وستضيع على قادتها كاريزميتهم ولا تنتظر بعدها غير التهديد والوعيد المتواصل بتكسير البيض وقليه وسلقه أو مواصلة الدفع وبالعملة الصعبة لتأمين حمايته أسوة بالدجاج الذي يبيض ذهبا من وجهة نظره !!
الصحفي المعروف جمال خاشقجي، إختفى بعد ساعات على رده المنطقي والعقلاني الجريء على تغريدات ترامب بشأن بلاده وحديثه عن قدرة المملكة بالدفاع عن نفسها بعيدا عن الولايات المتحدة إن أعادت السعودية خارطة تحالفاتها ومكانتها من جديد بما يضمن لها قوة – جيو سياسية – تجعلها بمأمن مما يتقيأ به ترامب ، دخول خاشقجي الى قنصلية بلاده في إسطنبول قد يكون إستدعاء مشفوعا بضمانات ، وقد يكون إغراء بعفو ملكي ، وقد يكون إستدراجا بوساطة ،وربما يكون وعدا بتكريم بناء على هذه التصريحات التي أدلى بها الى” دويتشه فيله” قبل ساعات من إختفائه الغامض أو لإستخراج وثائق لتسهيل زواجه من خطيبة تركية “مفترضة” أطلق عليها بعضهم لقب (السيدة اللغز ) وتدعى ، خديجة جنكيز ، وهي تقف على أبواب القنصلية بإنتظار إطلاق التكهنات تلو اﻷخرى عن مصيره داخلها ” ميت ، معتقل ، محتجز ..ﻻﻻﻻ إنه ما زال حيا ..عفوا أظنه قد قتل ، وهكذا دواليك !!”.
ترامبوو الذي قال فيه الصحفي الاميركي ، بوب وودوورد، في كتابه الشهير ( الخوف ) الذي بيعت منه 750 ألف نسخة خلال 24 ساعة بعيد صدوره في الحادي عشر من سبتمبر 2018 ، نقلا عن صهر ترامب ، مانصه ” إذا كانت الولايات المتحدة ستواصل نهجها في الإنخراط بمشاكل الشرق الأوسط، فهي تحتاج إذن إلى مساعدة السعودية وإسرائيل على النجاح!!” على حد وصفه ، لم يكن ترامب ليغرد بهذه الدرجة من الإستفزازية والإبتزازية في سابقة خطيرة عن حليف ستراتيجي ﻷميركا كالسعودية ويبتزها علنا وفي أكثر من مؤتمر مع السعي المتعمد لهز صورتها أمام الرأيين اﻷميركي والعالمي بل وأمام خصومها الإقليميين أيضا لو لم يتيقن من نجاحه بإبعاد المملكة مرحليا عن عمقها بوصفها خادمة وحامية الحرمين الشريفين وقبلة المشرق والمغرب ، وما تسويق السعودية لنفسها على أنها دولة منفتحة على الغارب وراعية للملاكمة (Professional boxing) ، وبطولات WWE أو المصارعة الحرة العالمية الترفيهية ،والسيرك الدولي ، والمهرجانات الإستعراضية والغنائية والسينمائية العالمية ..الخ ، يقابلها في عين الوقت إعتقال أئمة ودعاة على أعلى المستويات وإغلاق جمعيات خيرية ومؤسسات دعوية رفيعة ذات بعد دولي واقليمي والحد من نشاط البقية الباقية بنسب متفاوتة، سوى عامل مساعد دفع ترامب للحديث بمطلق الحرية والإستخفاف بعدم قدرة السعودية للدفاع عن نفسها ﻷسبوعين فقط من دون حماية العم سام ..لماذا ؟ ﻷنها بدأت تفقد عمقها ورمزيتها بنظر الكثير من المراقبين بالفعل ، فضلا عن فقدانها للحلفاء والشركاء بالتدريج وهذا مراد ترامب الذي قالت فيه زوجته ميلانيا خلال زيارتها اﻷخيرة الى مصر وبعض الدول اﻷفريقية ( لا أوافق على الدوام على تغريدات الرئيس ترامب) وقالت فيه وزيرة الخارجية اﻷميركية ومرشحة الرئاسة السابقة هيلاري كلينتون ( ترامب حارب الديمقراطية على خمس جبهات ) فيما صب عليه المخرج الشهير، مايكل مور، جام غضبه في الجزء الثاني من فيلمه الوثائقي الحائز على جائزة السعفة الذهبية بمهرجان كان السينمائي “Fahrenheit 11/9 ” ونقيض ذلك لو أن المملكة سوقت نفسها كما كانت لعقود طويلة على أنها اﻷخ اﻷكبر ، حامي حمى الحرمين الشريفين ، المنافح عن الحرم الشريف الثالث ” المسجد اﻷقصى المبارك ” فإن ترامب وﻻشك سيعيد حساباته 1000 مرة قبل أن ينبس ببنت شفة في هذا الإتجاه العلني الذي دأب عليه مؤخرا ﻷن الجمهور العربي والاسلامي في هذه الحالة سيكون بمثابة العمق للمملكة السعودية و سيدافع عنها بكل ما أوتي من قوة في كل مكان إن حاولت ايران أوغيرها المساس بها أو العبث بأمنها وتجاوز الخطوط الحمر تجاهها ، اﻻ إن ابعاد السعودية بالتدريج عن خطها اﻷحمر ورمزيتها المعهودة وكاريزما قادتها المتوارثة كابرا عن كابر هو الذي راهن عليه ترامب كليا في إبتزاز دول الخليج العربي كلها وفي مقدمتها السعودية …خاشقجي وضع السبابة والإبهام على هذه النقطة الحساسة للغاية والتي من شأنها أن تبدد كل أحلام – ابو كذيلة – التجارية عبر عزل السعودية عن محيطها ، وقال لها خاشقجي بلسان الحال إجمالا “عودي مملكتي الحبيبة الى حاضنتك اﻷم وعمقك العربي والاسلامي وسترين بأن ﻻ ترامب وﻻجد جده ، سيفكر يوما بمجرد المساس بك خفية أو جهرا ” وبدوري أشد على عضد الخاشقجي فرج الله كربه إن كان حيا ، ورحمه الله تعالى إن كان ميتا ، وأقول عودي الى محيطك ودعي عنك إنفتاحا مفاجئا وغير مقيد ﻻيليق بمكانتك المهابة في قلوب المسلمين ، بصفتك حاضنة للحرمين الشريفين أغراك به اﻷميركان لغرض الحلب المتواصل والذي كان مهره 460 مليار دولار منحت لهم كدفعة أولى والحبل على الجرار بأستثناء مؤخر الصداق من قبل ترامب الذي قالت فيه المساعدة السابقة في البيت الأبيض ، أوماروسا نيومان ، في كتابها (المعتوه) ، ان ” ترامب عنصري ويعاني من حالات نسيان وإحباط وإزدراء للاقليات ” .
100 مليار دولار للعرب والمسلمين تكفي وزيادة لإزاحة أعدائك وإغلاق تويتر الذي يغرد فيه ترامب والى اﻷبد والحد من أحلام الخصوم وحلفائهم كلهم بربطة المعلم وبشخطة قلم أو بخطبة جمعة صادحة من الحرم المكي أو المسجد النبوي تضع النقاط على الحروف وتحول نمرا ورقيا كترامب وأمثاله الى ..خروف !
وعلى أصحاب القرار إتخاذ قرارات شجاعة وسريعة على اﻷرض من شأنها وعلى أقل تقدير تكذيب ما قاله المؤلف الأمريكي ،مايكل وولف، في كتابه ( نار وغضب ) الذي حقق أعلى نسبة مبيعات على موقع أمازون ” ترمب أبلغ أصدقاءه في البيت الأبيض أنه وصهره جاريد كوشنر( يهودي ارثوذكسي ) ، هندسا إنقلابًا في السعودية ووضعا رجل أمريكا في القمة”، وعليهم ولكي لايضعوا جميع البيض في سلة ترامب الوحيدة ، الإنفتاح اﻵمن والمبرمج والمدروس على التنين الصيني ، الدب الروسي ، القارة اﻷوربية العجوز وباﻷخص المانيا وبريطانيا وفرنسا وكلهم بإستثناء المانيا أعضاء دائميين بمجلس اﻷمن الدولي ، فضلا عن فتح أبواب الإستثمار والإيداع وعقد الصفقات على مصاريعها بمليارات الدولارات والتي ﻻتعادل بمجموعها عشر معشار ما – يطفحه – ترامب من دون أن يشبع ومن غير ان يقنع ، مع تركيا ، الباكستان ، مصر ، السودان ، المغرب ، الجزائر بما يضمنهم حلفاء ستراتيجيين أقوياء ودائميين في المنشط والمكره بدلا من فتور العلاقات أو توترها مع هذا الطرف أو ذاك بين حين وآخر لصالح – ترامب – غير اﻷمين وﻻ المؤتمن ﻻ على البيض ولا على السلة . اودعناكم اغاتي