22 ديسمبر، 2024 6:10 م

‏العراق والسعودية وتحديات المرحلة القادمة

‏العراق والسعودية وتحديات المرحلة القادمة

دائماً ما يكون هناك اهتمام كبير من قبل الإعلام العربي والعراقي لزيارات المتبادلة بين العراق والسعودية؛ وعلى المستوى العربي هناك ترحيب كبير بهذه الزيارات وتشجيع من جميع الأطراف العربية للدولتين العراقية والسعودية لاستثمار هذه الزيارات في المصلحة العامة والمنطقة العربية وهذا الاهتمام يعود الى عدة قضايا وأهمها ان علاقات العراق والسعودية بعد عام 2003 كانت متوترة جداً و يرى مراقبون ان هذا التوتر اتاح فرصة كبيرة لإيران لتدخل بالشان العراقي والسيطرة عليه من خلال نفوذها من الجهات المسلحة وانتماء بعض القادة السياسيين العراقيين لإيران وهذا السبب يقودنا الى السبب الثاني من الاهتمام العربي بشأن العلاقات العراقية السعودية حيث تأمل بعض الدول العربية ان يعود العراق الى حضنه العربي بهذه الزيارات بعد ما أصبح العراق يميل الى الحضن الإيراني بسبب ما ذكرته أعلاه عن التوتر بالعلاقات العراقية السعودية بعد عام 2003.

وان السبب الثالث ترى بعض الدول أنه من الممكن أن يلعب العراق دور الوسيط بين إيران والسعودية وامريكا بالحد من الصراع القائم في المنطقة بين هذه الدول.

اما على الصعيد العراقي ينقسم الشارع السياسي العراقي والمجتمعي الى قسمين حيث يرى القسم الأول انه ليس من الممكن ان تكون هناك علاقات طيبة بين العراق والسعودية ما ان تقدم السعودية اعتذار للعراقيين عن فتاوى الجهاد للعلماء السعودين بإرسال الانتحارين للعراق وتفجير أنفسهم وقتل العديد من الضحايا العراقيين. القسم الثاني فهو يتضامن مع الدعوات العربية بان يعود العراق الى الحضن العربي من خلال السعودية والتخلص من النفوذ الإيراني في العراق.

وعلى الرغم من ان هذه الزيارات تحمل طابع اقتصادي لكنها لا تخلو من السياسة وهنا اود ان انوه على شيء مهم و هو أن عصر الدبلوماسية والعلاقات الاخوية التي تبنى على نوع القومية او الدين بين الدول مثل الدعوات العربية والبعض منها عراقية التي تطالب بان يكون لدى العراق علاقة طيبة مع السعودية لكون البلدان عربيان وان السعودية بلد إسلامي والعراق ايضاً ذو أغلبية إسلامية.

انتهت هذه الأشياء واصبحت من العهد السياسي القديم وان العلاقات الحديثة اليوم تبنى ما بين الدول على المستوى الاقتصادي لا القومي او الديني . و بهذا الصدد لو نتابع ردود الفعل للإعلام السعودي والسياسي وما يطرحه ان العلاقات العراقية السعودية الجديده سوف تبنى على المستوى الاقتصادي حيث ان السعودية تريد ان تطوي صفحة الماضي وتبدأ صفحة جديده مع العراق ولكن هذه المرة على الصعيد الاقتصادي لا القومي او الديني. وحتى نحقق هذه النقطة ونفتح صفحة جديدة يجب ان تكون هناك ضمانات بين الدولتين لتحقيق هذه المصالح واستمرارها وان لا تكون اتفاقات آنية وتنهتي بوقت قصير وان هذه الضمانات تتخلص بنقطتين.

الأولى، على السعودية ان تقدم ضمان ان هذه الاتفاقيات التجارية تكون ذات طابع بعيد المدى وان لا تبنى هذه العلاقة الاقتصادية على مستوى الشخوص الذي يحكمون العراق. اي بمعنى أدق ان العراق اليوم مقبل على مرحلة انتخابات، ماذا لو تغيّر رئيس الوزراء؟ وماذا لو عاد السيد نوري المالكي الى سدة الحكم في العراق؟ فهل تستمر هذه الاتفاقيات الاقتصادية بين العراق والسعودية؟

اما النقطة الثانية و هي ان يقدم العراق ضماناً بحماية الاستثمارات السعودية في العراق عن السلاح المنفلت المدعوم من جماعات تتدعي ولائها لإيران وهي العدو اللدود في المنطقة للسعودية.

في الختام لا بد من التطرق لموضوع جداً مهم يطرح على الساحة الاعلامية وهو ان هذه التحركات الاقتصادية للعراق وفتح باب الاستثمار على أرضه هي من أجل تضيق الخناق على إيران والحد من سيطرتها على التجارة العراقية ولو صح هذا الشيء فإن الدولة العراقية ترتكب خطأ اخر اكبر من الخطأ الأول ويكون المتضرر الاكبر هو المنتج العراقي حيث ان اليوم السلعة العراقية تعاني من البضاعة الإيرانية في السوق لكونها ارخص ومتوفره بشكل اكبر من العراقية وبهذا سوف يعاني المنتج اكثر من السابق في السوق وستنافس السلع العراقية منتجات أخرى غير الإيرانية مثل السعودية والاردنية والمصرية… الخ، وبهذا الشكل اننا نوجة الضربة القاضية للإنتاج العراقي.

على الحكومة ان تعي هذا الأمر وان تضع هذا الموضوع في الحسبان وان تدعم المنتج العراقي، وان تقوم هذه العلاقات التجارية على تبادل المشترك بين الدول لا ان يكون العراق مستهلك فقط وبصراحه انا اشك بان الدولة العراقي تعي هذا الشيء! .