18 ديسمبر، 2024 10:20 م

‎غزل سياسي (٨) ‎العراق يعطي دروسا للمجتمع الدولي حول تطبيق الديمقراطية وحقوق الأنسان

‎غزل سياسي (٨) ‎العراق يعطي دروسا للمجتمع الدولي حول تطبيق الديمقراطية وحقوق الأنسان

‎الديمقراطية نظام حديث الولادة في بلدان الشرق الأوسط، وفي العراق خصوصا لم يتجاوز المولود الجديد سن الأهلية أي ما زال مراهقا، لكن في الحقيقة ولد هذا الجنين ولادة قيصرية من رحم حكومة دكتاتورية قمعية أستبدادية فردية، وأستطاع أن يثبت رغم صغر سنة أنه يمتلك مقومات النبوغ، ليصبح معلما لمن يكبره سنا عشرات السنين.

‎دول العالم المتقدمة التي تعد في المستوى الاول عالميا، من حيث تطبيق الديمقراطية وحقوق الأنسان والحيوان، صاحبة الباع الطويل والتاريخ العريق في تطبيق الحريات، والتي صنفت دول الشرق الأوسط على أنها دول عالم ثالث، تسقط اليوم أمام ذات الجدار وتضطر لكسرة بالقوة وتجاوز الخطوط المرسومة، متجاهلة أسس وقوانين الأمم المتحدة.

‎أسبانيا احدى أهم دول العالم الاول عضو الأتحاد الأوربي، تتعرض لمشروع أنفصال أحدى أقاليمها تبعا لما حصل في العراق، حيث أتخذ أقليم كتلونيا خطوة مماثلة لكردستان العراق، وأقام أستفتاء بعد أستفتاء كردستان بعدة أيام يدعوا للأنفصال عن أسبانيا.
‎واجهت أسبانيا الأستفتاء بالقوة وقامت بنشر قوات الشرطة ومكافحة الشغب، وأستخدمت أساليب القوة والأعتقال في منع الشعب الكتلوني من الأستفتاء، وهددت بمعاقبة شاملة للمستفتين وكان خطابها موجة للشعب، أكثر من كونة موجة لحكومة الاقليم.

‎طالب أقليم كتلونيا بالأنفصال بذاتة، ولم يستولي على أراضي أخرى تابع لأقليم أخر أو للحكومة المركزية، ولم ينازعهم على أبار نفط أو مصدر من مصادر الدخل القومي، ولم يهدد بحرق الأرض ورسم الحدود بالدماء، لكن واجهوا ردا قاسيا جدا فوق مستوى تصورهم.

‎الغريب أن المجتمع الدولي والوسائل الأعلامية وجمعيات حقوق الأنسان ومجلس الأمن، لم يتدخل في ما حصل من تجاوز على المواطنين، لكن بنفس الوقت هدد الأتحاد الأوربي بطرد كتلونيا، ومقاطعتها أذا ما أنفصلت عن أسبانيا.

‎ كردستان تجاوزت حدود أقليمها وأستولت على مدن كثيرة بعد سقوط النظام، وأمتدت مره أخرى على أراضي عراقية بعد دخول داعش، وبسطت سلطتها عليها عوضا عن محافظة كركوك، التي يريد مسعود ضمها الى أقليمه، ونظم أستفتاء في محافظة كركوك، والمدن الأخرى التي فرض سيطرته عليها بالقوة.

‎ما كان أكثر غرابة أستنفار المجتمع الدولي، بمجرد أن أراد العراق أعادة سيطرته على مدنة المسلوبة خارج أطار القانون والدستور، وبسط سلطة الحكومة المركزية على مدن عراقية، خارج نطاق اقليم كردستان، انما فقط طبقت ما جاء في الدستور.

‎لم تقم الحكومة المركزية بدفع قواتها لضرب المستفتين، أو منعهم حتى في المناطق العراقية خارج خارطة الأقليم، بل كانت توجة خطابها لحكومة الأقليم فقط، ولم تهدد حتى بالحلول العسكرية، أنما فقط قطع العلاقات وبالتوافق مع دول الجوار وغلق المنافذ.

‎يجب أن تقدم الحكومة الأسبانية طلبا للعراق، بأرسال موفديها لأدخالهم دورات حول حقوق الأنسان وأحترام الحريات، وفنون التفاوض والحلول السياسية، والعمل على تصنيف العراق ضمن الدول الديمقراطية الأولى بالعالم، وتأسيس معهد عالمي للتدريب والتعليم السياسي وفنون الحوار والتفاوض في بغداد، يكون أول الموفدين له رئيس أسبانيا وزعماء الاتحاد الأوربي وترامب