حاول النظام الايراني کثيرا أن يقوم بإستغلال الکثير من المواضيع والامور الحساسة على صعيد العالمين العربي والاسلامي وحتى الايراني نفسه من أجل إستغلالها وتوظيفها لخدمة أهدافه ومآربه ومخططاته الخاصة، نظير قضية فلسطين عموما وقضية القدس خصوصا، ومايزعم بشأن”مظلومية الشيعة” في البلدان العربية وکذلك مزاعمه بشأن”نصرة المستضعفين والمظلومين ضد الطغاة والمستکبرين” وقبل ذلك کله قضية کربلاء والامام الحسين”ع”، وقد أثبتت الايام والاحداث والتطورات التي جرت على مر العقود الاربعة المنصرمة بأن النظام الايراني قد کان کاذبا ومخادعا بشأن معظم هذه المواضيع وإنه کان يخفي نوايا ومآرب مشبوهة قد إکشفت وتوضحت للعالم.
النظام الايراني وبعد أن بدأت الاحداث والتطورات تکشفه على حقيقته ويواجه الفشل والاحباط في الاستمرار بإستغلال وتوظيف تلك المواضيع والامور لصالحه، فإنه لم يتصور يوما بأن هناك قضايا کثيرة ستأخذ طابع قضية أو مسألة ضده ويتم تسليط الاضواء عليها على مختلف الاصعدة وبشکل خاص على الصعيد الدولي، ولئن کانت هناك حاليا عددا من القضايا التي تلاحقه نظير تصديره للتطرف والارهاب وتدخلاته في بلدان المنطقة وإنتهاکاته للإتفاق النووي وبرامجه الصاروخية المثيرة لقلق بلدان المنطقة والعالم، لکن هناك قضية جوهرية صار يواجهها ولايستطيع الفکاك أو الخلاص منها حتى يمکن القول بأنها صارت بمثابة کعب أخيل له، وهي قضية مذبحة عام 1988، والخاصة بتنفيذ أحکام الاعدام بأکثر من 30 ألف سجين سياسي من أعضاء وأنصار منظمة مجاهدي خلق في فترة قياسية.
مذبحة عام 1988، التي حاول النظام الايراني کثيرا التغطية والتستر عليها خصوصا عندما حرص على تنفيذها في أجواء من السرية والکتمان، لکنه لم يتصور بأن هذه المذبحة ستصبح واحدة من أهم القضايا الجنائية التي تطارده وتقض مضجعه، ولاسيما بعد أن تم نشر الملف الصوتي الصادم لحسين علي منتظري، خليفة خميني السابق في 9 أغسطس 2016، حيث يمكن فيه سماع حديث منتظري وهو يخاطب اجتماعا لأعضاء “لجنة الموت” في 15 أغسطس 1988 أنهم ينفذون جريمة ضد الإنسانية. وکذلك قوله الاشهر والاهم والاخطر وهو يخاطب هذه اللجنة التي کان إبراهيم رئيسي، رئيس مجلس القضاء الحالي في النظام الايراني واصفا هذه المذبحة بقوله إنها: “أكبر جريمة ارتكبت في عهد الجمهورية الإسلامية، والتي سيديننا بها التاريخ، ارتكبت بأيديكم. سيتم حفر أسماءكم في المستقبل على سجلات التاريخ كمجرمين”، وإن الذي دفع النظام للحذر والخوف معا هو إن حملة المقاضاة التي قادتها السيدة مريم رجوي، رئيسة الجمهورية المنتخبة من جانب المقاومة الايرانية في عام 2016 ولفتت أنظار الاوساط الحقوقية والاعلامية والسياسية وصارت مجددا قضية رأي فإنه اليوم وبعد أن أعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية مورجان أورتاغوس في 17 تموز المنصرم بأنه: “يمثل التاسع عشر من يوليو بداية لما يسمى بلجان الموت في إيران”، وهو تطور نوعي في مجرى هذه القضية ولاسيما عندما کان النظام يحرص على الربط بينها وبين عمليات”الضياء الخالد”التي شنها جيش التحرير الوطني الايراني في عام 1988، وتم خلالها تحرير مناطق شاسعة من إيران، والزعم بأنه قد قام بذلك خوفا من أن يقوم السجناء التابعون للمنظمة في السجون الايرانية بإثارة مشکلة للنظام وإحداث فتنة قد لايسيطر عليها، ولکن عمليات الضياء الخالد قد بدأت في 24 تموز 1988، في حين أن تأسيس لجان الموت کان في 19 تموز1988، وهو مايثبت بأن النظام کان يبيت لهذه الجريمة وقد صمم عليها مسبقا وليس کما يدعي ويزعم. وإن هذا التطور سيٶثر حتما على مسار هذه القضية ونتائجها النهائية في غير صالح النظام الايراني!